عاميّة نجران بين الفصحى والقرآن

عاميّة نجران بين الفصحى والقرآن

اللغة أحد أعظم أسرار الكون وهي مفتاح العلم، ومن لا يدرسها كما يدرس الفلسفة والرياضيات بل إنها في مرتبة أسمى من كل هذا، لأنها الأداة وحلقة الوصل بين عقل وآخر والتي  تصف لنا الصورة في العقل، ما لم يتطور العلم ليتم استنساخ الأفكار وإرسالها عبر العقول تبقى اللغة هي المظلة العظمى.

كل ثقافة وكل تاريخ وكل علم مبني على أسس اللغة وأسرارها، اللغة لها وقعها الخاص في النفس سواء أدركت ذلك أم لا وكما يقول رسول الله عليه الصلاة والسلام وعلى آله “جمال الرجل فصاحة لسانه” كانت اللغة العربية مجرد لغة شعر كحال أي لغة حتى نزل القرآن فأصبحت لغة إلاهية وقد كانت بالقوة ولكنها خرجت بالفعل بعد أن بعث النبي بلسان العرب، لقد كانت الأسس قبل القرآن متينة في اللغة ونقية، حتى أن هناك كتب ألفت استخدمها الملاحدة للطعن في القرآن بأن هناك أشعار لأمرؤ القيس أصبحت قران مثل، قتل الإنسان ما أكفره، واقتربت الساعة وانشق القمر، لم يدر في خلدهم بان الحكمة والتوحيد والرسائل السماوية كانت بين العرب ويتداولها الجميع وقد قال لبيد بن ربيعة  والذي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله: “أصدق كلمة قالها شاعر، كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطلُ”

ألا كُلُّ شيءٍ ما خَلا اللّهُ باطِلُ   وكلُّ نعيمٍ لا مَحالة َ زائِلُ

الشعراء لديهم سلطة على اللغة ولديهم قوة في النفس تجعلهم يأتون بما لم يسبقهم أحد عليه، إلا أن استنباط تلك العلوم والمعارف تحتاج للدراية والمعرفة باللغة وأدواتها، حتى أن في بعض من العلوم الفلسفية تفسر الحروف والكلمات بطريقة مبهرة وعجيبة.

ما نحن بصدده مبدئا في ملحمة نجران هو استنباط تلك الكلمات التي كنا نعتقد بأنها عامية في الثقافة الدراجة في نجران ومحاولة جمعها وشرحها.

الكثير من بيوت الشعر تفسر بطريقة خاطئة لأن الفهم للكلمة والسياق خاطئ وربما يتم شرحها بطريقة أفضل سواء كانت في العامية النجرانية أو في غيرها.

على سبيل المثال لا الحصر

رقلات:

 بلهجتنا هي حبال من الرمال تتكون على الطرقات جراء كثرة طرق السيارات للطريق، وأرق الشيء أي انتفض وتحرك يخالطه الخوف

 وكما يقول طرفة بن العبد

وإن شئت لم ترقل وإن شئت أرقلت     مخافة ملوي من القد محصد

تضرى:

 كلمة لم أجدها متداولة إلا في عامية نجران تضريه علينا لا تضريه قد هو ضاري تضرى “التعود على عادة ” مثل ما قال صالح ابن سمرة “ذيب على مكل اللحم ضاري”

 مَتى تَبعَثوها تَبعَثوها ذَميمَةً   وَتَضرَ إِذا ضَرَّيتُموها فَتَضرَمِ

 زهير ابن أبي سلمى

التناوش أو التناوط هو التطاول للوصول إلى الشيء،

“وأنى لهم التناوش” سورة سبأ

الغبوق شراب الحليب أو غيره في المساء، والصبوح في الصباح

إن الغبوق له وأنت مسوءة    فتأوهي ما شئت ثم تحوبي

.

إذا اشتغل أهل البطالة في الكاس    أو لغاتبقوها بين قس وشماس

وكاسات الأسنة لي شراب   ألذ به اصطباحاً واغتباقا

عنترة

، وكذلك الحوب في البيت السابق أي تمنع الآخرين شيء وتستفرد به، حوب على الماء أي منع الناس من الوصول إليه

“وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حَوْبًا كَبِيرًا”

 الفري فرى الشيء أو مزقه  

أفري الصدور بكل طعن هائل    والسابغات بكل ضرب منكر

يفلق هام الدارعين ذبابه   ويفري من الأبطال كفاً ومعصما

عنترة

خرصان والخرص

فظلنا نكر المشرفية فيهم    وخرصان لدن السمهري المثقف   عنترة

الدروع خرصان والحلقات في أذن المرأة خرصا

خرصان اسم رجل دارج.

واسأل حذيفة حين أرش بيننا   حربا ذوائبها بموتٍ تخفق

التأريش هو التحريش تهييج الحرب

البرمة:

ليسوا كأقوام علمتهم    سود الوجوه كمعدن البرم

عنترة

أقب

أقب كسرحان الغضى متمطرٍ    ترى الماء من أعطافه قد تحدرا

ويقول قنيفذ ابن ناجي

راكب من عندنا من فوق قبا  بكرة ما استوبلت عفراء لعوبي

القموص

الناقة الرموح

يقول امرئ القيس

تظاهر فيها النيُّ لا هي بكرةٌ    ولا ذات ضغن في الزمام قموصُ

سيكون هذا المقال مفتوح ومتاح وتفاعلي للجميع لمن أراد أن يضيف كلمة أو مثال لاستخداماتها في الشعر أو العامية.

ابن عايض صالح

ملحمة نجران