بداية، لا غرابة في أن الانتقال من الرقعة إلى الدفتر أسهم في ظهور أشكال جديدة للتفكير، على نحو مخالف لتشكله في زمن المشافهة، ونشهد مثل هذا الانتقال في دعوة بعض الفلاسفة المعاصرين إلى نقد العقل الغربي المتمركز حول الذات، والانتقال منه إلى العقل التواصلي
( أنا أحب الفجر مثل العصافير وأحب أشوف الناس قاصي وداني ) ع.ق
لذلك يؤكد الفيلسوف الألماني هابر ماس على ضرورة الخروج من فلسفة الذات عبر إدخال البعد التواصلي في مفهوم العقلانية (لا تنتظر تعليقا عن كل أزمة، بعض الأمور تصير أزمة بتعليق)
ع.ق
هنا تصور فلسفي يقضي بضرورة الانتقال من مفاهيم العقل الغائي الهادف إلى تحقيق غايات معينة إلى عقل يبنى على فعل خلاق يقوم على الاتفاق بعيدا عن الضغط والتعسف هدفه انتزاع الفرد جانبا من ذاتيته ودمجها في البعد الجماعي الذي يقوم به.
إن إلية التعامل مع تويتر قائمة بالأساس على السرعة، ومن ثم الإشهار السريع، هذه الآلية من تصوري ألقت بظلالها على أفكار الشاعر عبدالله بن قمزان لإنتاج نصوص سريعة من خلال تصفحي لموقعه على مدى ثلاثة أشهر متواصلة، و متابعتي لما يقدمه من نصوص شعرية في الموقع الخاص به التي كان الميسم الأبرز لها هو التواصل السريع بين أطراف مختلفة عبر الأثير.
عبدالله أستطاع أن يغير أفق التلقي نتيجة التفاعل المباشر مع القراء وتختار ردة أفعالهم حيال النصوص المعروضة. ( تغيرت منفوحة) (ليه الشتاء كنه دفاتر ذكريات )
وجهي الليلة تغّير..
كان كل الناس تسأل..
ليه وجهك
مُتعب
وزعلان ..
وأسمر..
ومن لقاني.
بعد ما صوتك شذا عطره
كساني..
قال يا أخي..
ليه كل الناس تكبر
وانت بس
اللي يبان إن عمرك اصغر !؟
الله أكبر..
شفتي كيف انسان
يعطي عمره
لإنسان ثاني!؟
ع.ق
تساؤلات تدفع القارئ للبحث عن إجابات استطاع من خلالها عبدالله ابن قمزان تشكيل الفضاء الحقيقي للقراءة عبر كسره الصورة النمطية للمؤلف المبهم المختبئ خلف النص، كون عبدالله ابن قمزان متواجدا دائما قرب نصه في تويتر، وعليه فإن العلاقة بين الإبداع وتذوقه تكون مباشرة تخلق حالة من الاندماج بين الشاعر والنص و القارئ، إذ صار بالإمكان معرفة مستوى تلقي النصوص وتأثيرها بشكل مباشر، الأمر الذي أدى إلى خلخلة العمود التراتبي للعملية الإبداعية التي كانت تسير بشكل عمودي من المؤلف ثم النص ثم المتلقي على مراحل متتابعة. أما عبدالله بن قمزان فقد أستطاع من خلال نصوصه القصيرة ذات البعد الإيحائي الفكري الطارح للتساؤل الباحث عن الإجابة؛ أن يضع العملية الإبداعية على مستوى أفقي واحد وبوقت تزامني واحد.
الليل يحبسني..وانا ودي آطير
حاولت أحبه ..بس ماالله هداني
انا احب الفجر ..مثل العصافير
واحب اشوف الناس قاصي وداني
واحب اشوف اللي معي دايم بخير
واتعب اذا شفت ابن آدم يعاني
لاني من اللي يعبدون المزامير
ولاني من اللي يكرهون الاغاني
اشرب من الجمّه ..ولا أدفن البير
واعطي لمن في حاجتي ..ماعطاني
ولا ادّور للعداوات ..تبرير
هذا دمي ..ان طاعني او عصاني
ولا افسر زلّتك اي ..تفسير
غلطه وعدّت .. وانت اسف عشاني
ولاثنيت عزوم رجلي عن السير
للخطوه اللي ماتنزّل مكاني
عندك ..وعند اللي هواها نواوير
ان جيتها خايف ..عطتني اماني
علمتك .. آنا غير ..وحكايتي غير
ولا تشبّهني.. بأي حَدْ ثاني
وانا هنيّا ..وانت تصبح على خير
ابعد قريب..ومن بغاني ..لقاني
ع.ق
(يا سلام.. طارت أسراب الحمام ..واستباحت صبحي ) ع. ق
مانع صالح ابن جلاب
ملحمة نجران