سلامٌ كأنْفاسِ الرياضِ وَشَي بها

119

سلامٌ كأنْفاسِ الرياضِ وَشَي بها

نسيمٌ هدوءاً والنواظِرُ هُجَّعُ

بجَرْعاءِ وادٍ من تهامة بعدما

سَقَتْها غيوث لِلسماكَيْنِ هُمَّعُ

وأَرْضَعَها خِلْفٌ من الطَّلِّ آخرٌ

من الليل ما زالت به فيه تَرْضَعُ

فجاءَتْ كأَنَّ المِسْكَ خالَطَ نَفْحَها

لها في أُنوف الناشقين تَضَوُّعُ

على ضَوْءِ شَمْسٍ للهداية لم تزل

لها أَبَداً في مشرق الدين مَطْلَعُ

على الفلْكِ فَلْكُ الدين والحُجَّة التي

تَذِلُّ لها غُلْبُ الرِّقابِ وتَخْضَعُ

على من غدا التوحيدُ مُذْ شُدَّ أَزْرُهُ

بها وله نُورٌ على الناس يَسْطَعُ

على من تَلافانا الإمامُ بهَدْيِها

وللكلِّ في بحر الضلالة مَشْرَعُ

فأَنْقَذْنا من ظُلْمَةِ الجَهْل والعَمَى

به عَلَمٌ نَلْجا إليه ونَفْزَعُ

تَعافُ فضولَ العَيْش أَبِيَّةٌ

لها وَهَيَ نَحْوَ المكرمات تَطَلَّعُ

وتهجر طِيبَ النَّوْم والناسُ نُوَّم

فتسجد طولَ الليل دَأْبا وتَرْكَعُ

تَلَذُّ صِيامَ الدهر غيرَ مُطِيقَةٍ

ولكنَّه زُهْدٌ بها وتَوَرُّعُ

أَمَوْلاتَنا قَوْلُ المُشَرِّفِ نَفْسَهٌ

نِداء امْرىءٍ منه الفؤادُ مُرَوَّعُ

أنا الرجل المملوك ذو النَّسَب الذي

لأَعيَاصِهِ المُلْتَفِّ عِصُك مَجْمَعُ

وقد كان منِّي في القديم تَعَلُّقٌ

بحَبْلِك ممّا أَتَّقِيهِ وأَفْزَعُ

وآكَدُ من هذا وذلك أَنَّني

فَتىً مَهْيَعٌ الإِيمان عندي مَهْيَعُ

لدى معشرٍ أَمّا الضلالةُ عِنْدَهم

فتُحْفَظُ لكنَّ الهُدَى فيُضَيَّعُ

وحيداً أَكُرُّ الطَّرْفَ في غير مُنْصِفٍ

ولا أَحَدٌ أَلْجا إِليه فينْفَعُ

تَكَنَّفَني الأَعْداءُ من كلّ جانِبٍ

وقاموا بلا شكٍّ علىَّ وأَجمعوا

وسارَ لحَرْبي عامِداً وقَلِيعَتي

هنالك منْ تَحْويِهِ حَيْسٌ ويَنْبَعُ

فدَاسُوا بلادي واستباحوا عشائِري

وكلٌّ إِلى ما ساءَني يَتَسَرَّعُ

وأُحْرقَ داري واسْتُبِيحَتْ مَحارِمي

وأَضْحَتْ بلادي وهْيَ سوداءُ بَلْقَعُ

على خُطَطٍ منهنّ كَوْني مُعَظَّماً

ببيضَةِ عِزٍّ منكِ لا تَتَصَدَّعُ

ومنها الْتِزامي بالهُدَى وتَعَلُّقي

بحبْل متينٍ منكَ لا يَتَقَطَّعُ

وكَوْني من قحطان أَسْلُكُ طُرْقَهم

كما كان قَبْلي من تقَدَّمَ يصْنَعُ

وإِنِّي امْرُؤٌ لا يعرف الجارُ عنده

مدى الدهر إِلا حولَ داري يُمْنعُ

وتُمْسي بيَ الجيرانُ وَهْيَ عزيزةٌ

لدىَّ كِرامٌ سِرْبُهم لا يُرَوَّعُ

فراموا اهتِضَامي اهْتِضامَ مُجاوِري

وذلك من لَمْسِ السموات أَوْقَعُ

فلا وأَبي لو حَزَّ رأًَسي قاطعٌ

على الجار ما أَضحى لديَّ يُزَعْزَعُ

وعلمي يقيناً أَنَّ حَزْبَك غالِبٌ

وجُنْدَك ممنوعٌ ورأْيَك مِصْقَعُ

وقَوْلَك مسموعٌ وعِزَّك أَقْعَسٌ

ورأْيَك متبوعٌ وريحك زَعْزَعُ

فإِنْ تنصريني نجدةً وحميّةً

ففي مِثْلِ حالي للصنيعة مَوْضِعُ

فقد نَصَرَتْ سَيفاً من الفُرْسِ عُصْبَةٌ

وسِيّان منهم يافِثُ والهَمَيْسَعُ

أَتاهم به مُستنصِراً فَتحَرَّكَتْ

حَماياهمُ والقول في الحُرّ ينْجَعُ

وإِنَّي لأَرجو منك يوماً على العِدا

أَبُلُّ به حَرَّ الغليل وأَنْقَعُ

وأَنَقِمٌ ثَأْراً من نِزارٍ وأَقْتضي

بما أَسْلفوه من فِعالٍ فأَقْنَعُ