خَــلِيـــليّ غُــضّـــا ســاعَـــةً وَتَهَـجَّرا

177

خَــلِيـــليّ غُــضّـــا ســاعَـــةً وَتَهَـجَّرا

وَلُوما عَلى ما أَحدَثَ الدَهرُ أَو ذَرا

أَلَم تَـعـلَمـا أَنَّ اِنصِـرافـاً فَسُـرعَـةً

لِسَـيــرٍ أَحَـقُّ اليومَ مِن أَن تُقَـصِّرا

وَلاَ تَـســأَلا إِنَّ الحَـيــاةَ قَـصِـيـرَةٌ

فَـطِــيـرا لِرَوعاتِ الحَوادِثِ أَو قِرا

وَإِن جـاءَ أَمـرٌ لا تُـطِـيـقـانِ دَفعَهُ

فَلاَ تَجـزَعـا مِمّا قَضى اللَهُ واِصبِرا

أَلَم تَـعــلَمـا أَنَّ المَلاَمَـةَ نَفـعُهـا

قَلِيـلُ إِذَا ما الشَيـءُ وَلّى فَأَدبَرا

تـهِــيـجُ اللِحاءَ وَالمَلاَمَـةَ ثُمَّ ما

تُـقَــرِّبُ شَـيـئاً غَيـرَ ما كَانَ قُدِّرا

لَوى اللَهُ عِلمَ الغَيـبِ عَمَّنـ سِواءَهُ

وَيَـعــلَمُ مِـنــهُ مـا مَـضــى وتـأَخَّرا

رَكِـبــتُ الأُمُـورَ صَـعــبَهـا وَذَلُولَها

وَقـاسَــيــتُ أيَّامـاً تُشِـيـبُ الحَزَوَّرا

تَبِـعـتُ رَسُولَ اللَهِ إِذ جاءَ بالهُدى

وَيَـتــلُو كِـتــابــاً كالمَـجَـرَّةِ نَيِّرا

وَجـاهَــدتُ حَـتّـى ما أُحِسُّ وَمَن مَعِـي

سُهَـيــلاً إِذا مـا لاَحَ ثُـمَّتــَ غَـوَّرا

أُقِيـمُ عَلىالتَـقـوى وَأَرضى بِفِـعِلها

وَكُنـتُ مِنَ النارِ المَخُـوفَـةِ أَوجرا

وَطوَّفـتُ في الرُهبـانِ أَعبُـرُ دِينَهُم

وسَيَّرتُ في الأَحبـارِ مَا لَم تُسَيِّرا

فَـأَصــبَـحَ قَلبِـي قَد صَحـا غَيـرَ أَنَّهُ

وَكُلُّ اِمرِىءٍ لاَقٍ مِنَ الدَهرِ قِنـطِرا

تَـذَكَّرَ شَـيــئاً قَـد مَـضــى لِسَـبِـيِـلِهِ

وَمِـن حـاجَــةِ المَحـزُونِ أَن يَتَـذَكَّرا

نَـدَامــايَ عِـنـدَ المُنـذِرِ بِنِ مُحَـرِّقٍ

أَرَى اليَومَ مِنهُم ظاهِرَ الأَرضِ مُقفِرا

كُهُــولاً وَشُــبَّاــنــاً كـأَنَّ وُجُـوهَهُــم

دَنانِـيـرُ مِمَّاـ شِيـفَ في أَرضِ قَيصَرا

وَمـا زِلتُ أَسـعَــى بـيـنَ بابٍ وَدارةٍ

بِـنَــجــرانَ حَـتّــى خِفـتُ أَن أَتَنَـصَّرا

إذَا مَــلِكٌ مِــن آلِ جَــفـــنَــةَ خَـالُهُ

وََأَعمـامُهُ آلُ اِمرىءٍ القَيـسِ أَزهَرا

يَـــرُدُّ عَـــلَيـــنـــا كَــأسَهُ وَشِــواءَهُ

مُـنَــاصَــفَــةً والشَـرعَــبِـيَّ المُحَـبّـرا

وَرَاحـا عِـراقـيّـاً وَرَيطـاً يَمـانـيّـاً

وَمُعـتَـبَـطـاً مِن مِسـكِ دَارِينَ أَذفَرا

أُولَئِكَ أَخـدانــي مَـضَــوا لِسَبـيِـلِهِـم

وَأَصـبَــحـتُ أَرجُو بَعـدَهُـم أَن أُعَمَّرا

وَمَــا عُــمُـــري إِلاَّ كَــدَعــوَةِ فـارِطٍ

دَعـا راعِـيــاً ثمَّ اِستـمـرَّ فأَدبَـرا

وَأَرضٍ عَـليــهــا نَـســجُ رِيحٍ مَرِيـضَـةٍ

قَـطَــعــتُ بـحُـرجُـوجٍ مُسَـانَـدَةٍ القَرا

مَـروجٍ طَـرُوجٍ تَبـعَـثُ الوُرقَ بَعـدَمـا

يُــعـــرِّســـنَ شَــكـــوى آهَــةً وَتَـذَمُّرا

وَتَـبــتَــزُّ يَـعـفُـورَ الصَرِيـمِ كِنـاسَهُ

فَـتُــخــرِجُهُ مِـنــهُ وَإِن كانَ مُظـهِـرا

كَـنــاشِــطَــةٍ مِـن وَحـشِ حَـومَــلَ حُـرَّةٍ

أَنامَـت لَدَى الذَينَينِ بِالفافِ جُؤذَرا

رَأَى حَيـثُ أَمسـى أَطلَسَ اللَونِ بائِساً

حريـصـاً تُسَـمِّيـهِ الشَيـاطِـيـنُ نَهسَرا

طَوِيـلُ القَرا عارِي الأَشاجـعِ شاحِبٌ

كَـشِــقِّ العَصـا فُوهُ إِذا مَا تَضَـوَّرا

فَــبـــاتَ يُـذَكِّيــهِ بِـغَــيــرِ حَـدِيــدَةٍ

أَخـو قَـنَـصٍ يُمـسـي ويُصـبـحُ مُفـطِـرا

إِذَا مـا رَأَى مِـنـهُ كُراعـاً تَحَـرَّكَـت

أَصـابَ مَكـانَ القَلبِ مِنـهُ فَفَـرفَـرا

فَـلاَقَـت بَيـانـاً عِنـدَ أَحدَثِ مَعـهَـدٍ

إِهابـاً وَمَعـبُـوطـاً مِن الجَوفِ أَحمَرا

وَخَــدّاً كَــبُــرقُــوعِ الفَـتــاةِ مُـلَمَّعٍ

وَرَوقَـيــنِ لَمّـا يَـعــدُوَا أَن تَقَـشَّرا

فَلَمّـا سَقـاهَـا البأَسَ واِرتَدَّ لُبُّها

إِليـهــا وَلَم يَـتُــرك لَهـا مُتَـذَكَّرا

فَـطــافــت ثلاثـاً بَيـنَ يَومٍ وَلَيلةٍ

وَكـانَ النَكـيـرُ أَن تُضـيِـفَ وَتَجـأَرا

فَـبَــاتَــت كَـأَنَّ بَـطــنَهـا طَيُّ رَيطَـةٍ

إِلى نَـعِـجٍ مِن ضائِنِ الرَملِ أعفَـرا

إِلى دِفـءِ أَرطَـاةًٍ تُـثـيـرُ كِنـاسـهـا

تَـبَــوّأُ مِنـهـا آخِرَ الليلِ مُجـفَـرا

يَـزِلُّ النَـدى عَـن مِـدربَـيـهـا كَأَنَّهُ

جُـمــانٌ جَـرَى فـي سِـلكِهِ فَـتَــحــدَّرا

تَلأَلأَ كالشِـعـرى العَبُـورِ إِذا بَدَت

وَكــانَ عَــمـــاءٌ دُونَهــا فَـتَــحَــسَّرا

فَهَـايَــجَهــا حُـمــشُ القَـوائِمِ سابِـحٌ

رَعى بِجِـواءِ الجِنِّ بالصَـيـفِ أَشهُرا

أُتِــيـــحَ لَهــا مِــن أَرضِهِ وَسَـمــائِهِ

فَـلَمّـا رآهَا مَطـلِعَ الشَمـسِ بَربَـرا

كَــبَـــربَـــرَةِ الرُومِــيّ أُوجِـعَ ظَهـرُهُ

عَلى غَيـرِ جُرمٍ فاِسـتَـضـافَ لِيُنـصَرا

فَـلَمّــا رَآهـا كانَـتِ الهَمَّ والهَوى

وَلَم يَـرَ غَـمّــاً عِـنــدَهــا مُـتَـغَـيِّرا

فَبـاهَـى كَفَـحـلِ الشِولِ يَنـفُـضُ رَأسَهُ

كَمـا خَيَّسـَ الوَضعُ الفَنِيقَ المُجَفَّرا

فَكـانَ إِليهـا كالَّذي إِصطادَ بِكرَها

شِـقــاقــاً وبُغـضـاً أَو أَطَمَّ وَأَهجَـرا

وَجــالَت بِهــا رُوحٌ خِـفــافٌ كَـأَنَّهــا

خَذارِيـفُ تَذرِي ساطِـعَ اللَونِ أَكدَرا

كَـأَصــدَافِ هِـنــدِبَّيــنِ زُبٍّ لِحـاهُــمــاَ

بِدارِيـنَ يَبـتَـاعـانِ مِسـكـاً وَعَنَبَرا

فَـلَمّــا رَأَى أَن لَم يُصـادِف فُؤادَهـا

وَكـانَ النِـكــاحُ خَـيـرُهُ ما تَيَـسَّرا

كَـسـا جَذبُ رِجلَيـهـا صَفِـيـحَـةَ وَجهِهِ

وَرَوقَيِـة رِبعِـيَّ الخُزَامَـى المُنَـوَّرا

بِمَـرجٍ كَسـا القُريـانُ ظَاهِـرَ لِيطِها

جِـسـاداً مِنَ القُرَّاصِ أَحوَى وأَصفَـرا

إِذا هَـبَــطــا غَـيــثــاً كَـأَنَّ جمَـادَهُ

مُـجَــلّلَةً مِـنــهــا زَرَابِـيُّ عَـبــقَــرا

وَمَـســرُوحــةٍ مِـثـلِ الجَرادِ وَزَعتُهـا

وَكَــلَّفـــتُهـــا سِــيــداً أَزَلَّ مُـصَــدَّرا

أَشَــقَّ قَــســامِــيّــاً رَبَـاعِــيَّ جـانِــبٍ

وَقــارِحَ جَــنــبٍ سُـلَّ أَقَـرحَ أَشـقَــرا

وَكـانَ أَمـامَ القَومِ مِنـهُـم رَبِيـئَةٌ

فَـأَوفَـى يَفـاعـاً مِن بَعِـيـدٍ فَبَـشَّرا

فَكـانَ اِقتِـحَـامـاً لَم يُنِيخُوا مَطِيَّهُم

وَسَــوَّمـــنَ رَكـضــاً دارِعِـيــنَ وحُـسَّرا

فَـنَهــنَهــتُهُ حَـتّــى لَبِـســتُ مُـفَـاضَـةً

مُـضــاعَــفَــةً كَـالنِهـيِ رِيحَ وأُمطِـرا

وَجــمَّعـــتُ بَــزّي فَــوقَهُ فَــدَفَـــعــتُهُ

وَوَزَّعــتُ مِــنــهُ رَهـبَــةً أَن يُـكَــسَّرا

وَذَكَّرتُهُ فــي أَوَّلِ الجَــريِ بــاِســـمِهِ

وَأَيَّهــتُهُ حَــتّـــى أَفــاقَ وأَبــصَـــرا

فــظَـــلَّ يُــجـــارِيـــهِـــم كَـأَنَّ هُـوِيَّهُ

هُـوِيُّ قُـطَــامِــيِّ مِـنَ الطَيـرِ أَمغَـرا

أَزُجُّ بِـذَلقِ الرُمـحِ لَحيَـيـهِ سايِـقـاً

نَـزائِعَ مَـا ضَـمَّ الخَـمِــيــسُ وَضَـمَّرا

يَمُـرُّ كَمِـرِّيـخِ المُغـالِي اِنتَـحَـت بِهِ

شِـمــالُ عِبَـادِيِّ عَلى الرِيحِ أَعسَـرا

فَـلَمّـا أَبَى أَن يَنـزَعَ القَودُ لَحمَهُ

نَزَعـنـا المَدِيـدَ وَالمَرِيـدَ لِيَضمُرا

شَـدِيــدُ قِـلاَتِ المَـوقِــفَـيـنِ كَأَنَّمـَا

نَهـى نَـفَــسـاً أَو قَد أَرادَ لِيَزفِـرا

لَهُ عُـنُــقٌ فِـي كَـاهِــلٍ غَـيــرِ جَأنَـبٍ

فَـمَــدَّ بِـلَحــيَــيــه وَنُـحِّيــَ مُـدبِــرا

وَبَطـنٌ كَظَهـرِ التُرسِ لَو نِيطَ أَربَعَاً

فَـأَصـبَـحَ صِفـراً بَطـنُهُ قَد تَخَـرخَـرا

وَيُبـقِـي وَجِيـفُ الأَربَعِ السُودِ جَوزَهُ

كَمـا بُنِـيَ التَابُـوتُ أَجوفَ مُجـفَـرا

وَِأُمـسِــكَ فـي دُهـمٍ كَـأَنَّ حَـنِــيـنَهـا

فَحِـيـحُ الأَفاعِـي أُعجِـلَت أَن تُحَجَّرا

إذَا هِـيَ سِيـقَـت دَافَعَـت ثِفِـنـاتـهـا

إِلى سُــرَرٍ بُــجـــرٍ مَــزادا مُـقــيَّرا

لَهــا حَــجَــلُ قُـرعُ الرُّؤُوسِ تَـحَــدَّرَت

عَلى هامِهـا بالصَـيـفِ حَتّـى تَمَـوَّرا

وَتَضـرِبُ فِي الماءِ الَّذي كانَ آجِناً

إِذا أَورَدَ الرَاعِي النَضِيحَ المُجَيَّرا

حَنـاجِـرَ كالأَقـمـاعِ فُحّـاً حَنِـيـنُهـا

كَمـا نَفَـخَ الزَمّارُ في الصبُّحِ زَمجَرا

وَإِن هِـيَ عَلَّت فِي النَضـيـحِ تَصَـبَّبـَت

عَـثــانِــيـنُهـا حَتّـى تُرِيـدَ لِتَصـدُرا

كِـلا رَاعِيَـيـهـا أَطلَسُ اللَونِ ثَوبُهُ

عَـنــودَانِ مِـن كِـنــانـةٍ قَد تَسَـرَّرا

فَـذَر ذا ولكِـن هَل تَرَى ضَوءَ بارِقٍ

يُضـيـءُ مِن الأَعراضِ أَثلاً وَعَرعَـرا

يَـبِــيــتُ عَـلَى تَثـليِـثَ أَيمَـنُ صَوِبِهِ

وَأَيـسَــرُه يَـعــلُو الكَراءَ فَكَـركَـرا

وَمَهمـا يَقُـل فِيـنَـا العَدُوُّ فَإِنَّهـُم

يَـقُــولُونَ مَـعــرُوفــاً وَآخَرَ مُنـكَـرا

وَإِنّــا أُنــاسُ لاَ نُـعَــوِّذُ خَـيــلَنــا

إذَا مَا التَقَـيـنا أَن تَحِيدَ وتَنفِرا

وَتُـنـكِـرُ يَومَ الرَّوعِ أَلوانَ خَيِـلنـا

مِنَ الطَعـنِ حَتَّى تَحسِبَ الجَونَ أَشقَرا

وَلَيـسَ بِـمَــعــرُوفٍ لَنـا أَن نَـرُدَّهــا

صِحـاحـاً وَلاَ مُسـتَـنـكَـراً أَن تُعَـقَّرا

وَمـا عُـلِمَــت مِـن عُـصــبَــةٍ عَـرَبِــيَّهٍ

كَـمِــيــلادِنَــا مِـنّــا أَعَـزَّ وَأَكبَـرا

وَأَكـثَــرَ مِـنّــا نَـاكِــحــاً لِغَـرِيـبَـةٍ

أُصـيِــبَــت سِـبــاءً أَو أَرادَت تَخَـيُّرا

وَأَسـرَعَ مِـنّـا إِن طُرِدنـا اِنصِـرَافـةً

وأَكـرَمَ مِـنّــا إِن طَـرَدنــا وأَظفَـرا

وَأَجـدَرَ أَلاّ يَـقــصُــرُوا عَـن كَرامـةٍ

ثَـوِيّــاً وَإِن كـانَ الإِقامَـةُ أَشهُـرا

وَأَعفَـى إذا مَا أَطلَقُوا عَن أَسِيرِهِم

وَأَكـرَمَ مِـنّــا مُـطــلِقِــيــنَ وَأَشكَـرا

وَأَجـدَرَ أَلاّ يَـتـرُكُـوا عانِـيـاً لَهُم

فيَـغُـبـرَ حَولاً في الحَدِيـدِ مُكَـفَّرا

نُـحَــلِّي بِأَرطـالِ اللُجَيـنِ سُيُـوفَـنـا

وَنَعـلُو بِها يَومَ الهِيـاجِ السَنَوَّرا

بَلَغـنـا السَمـاءَ مَجـدَنـا وَجُدُودَنـا

وَإِنّـا لَنَـرجُــو فَـوقَ ذَلِكَ مَـظــهَــرا

وَنَـحــنُ حَدَرنـا رَهطَ سامَـةَ بَعـدَمَـا

أَبَنُّو مِنَ الأَجبـابِ مَبـدىً وَمَحـضَرا

فَـمــاتَ بِـسِــيــفِ الجَـوّ جَوِّ خَمِـيـلَةٍ

فَيـا بُعـدَ هَذا مولِداً مِنـكَ مُقبَرا

وَكِـنــدَةُ كَانَـت بِالعَـقِـيـقِ مُقِـيـمَـةً

وَعَـكُّ فَـكُــلاًّ قَـد طَحَـرنـاهُ مَطـحَـرا

وَقَـد آنَـسَــت مِـنّــا قَضـاَعَـةُ كَالِئاً

فَأَضـحَـوا بِبُـصـرَى يَعصِرُونَ الصَنَوبَرا

كِنـانَـةُ بِيـنَ البَحرِ والصَخرِ دارُها

فَـأَســكَــنَهــا أَن لَم تَـجِــد مُتَـأَخَّرا

وَنَـحـنُ أَزَلنا مِذحِـجـاً عَن دِيارِهـا

وَهَمـدَانَ أسقَـيـنـا السِمـامَ وَحِميَرا

وَنَحـنُ أَزَلنا خَثـعَـمـاً عَن دِيارِهـا

فَـزالَت وَكَـانَــت أَهـلَ تَـرجٍ وَعَـثَّرا

وَقَـد عَـلِمَــت عُـليَــا مَعَـدٍّ بَلاَءَنـا

وَنَـجــرانَ زُرنا باللَهـامِـيـمِ ضُمَّرا

وَنَحـنُ مَنَـعـنـا مَنـقَعَ الماءِ بَعدَما

جَرى مُسـهِـلاً في الأَرضِ ثُمَّ تَحَـيَّرا

مُـصــابِــيـنَ خِرصـانَ الرِماحِ كأَنَّنـا

لأَعدَائِنـا نُكـبٌ إِذَا الطَعـنُ أفقَرا

وَكُــلَّ مَــعَــدٍّ قَـد أَحَـلَّت رِمَـاحُــنــا

مَــرَادِيَ بَــحــرٍ ذِي غَـوَارِبَ أَخـضَــرا

وَعَـلقَــمَــةَ الجُـعــفـيَّ أَدرَكَ رَكضُـنـا

عَلى الخَيـلِ إِذ صامَ النَهارُ وَهَجَّرا

وَكـــانَ عِـــقَـــالٌ مُــؤلِيـــاً بِــأَلِيَّةٍ

ليَـســتَــلِبَــن أَثـوَابَهُ أَو لِيُـعــذَرا

فَـلَمّــا دَعـا مُـرَّانَ أَقَـبــلَ نَـحــرهُ

سِـنـانـاً مِنَ الخطِّيـِّ أَسمَـرَ مِسـعَـرا

وَلاَقـاَهُ مِـنّــا فَـارِسٌ غـيــرُ جَيـدَرٍ

فَـأَكــرَهَ فِـيـهِ الرُمحَ حَتّـى تَفَـطَّرا

وَنَـحــنُ ضَـرَبــنـا بالصَـفَـا آلَ داَرِمٍ

وَذُبيـانَ وابنَ الجَونِ ضرَبـاً مُذَكَّرا

تَـوَهَّنــُ فِـيــهِ المَـضـرَحِـيَّةـُ بَعـدَمـا

نَهَـلنَ نَجِـيـعـاً كَالمَـجـاسِـدِ أَحمَـرا

أَرَحنَـا مَعَـدّاً مِن شَرَاحِـيـلَ بَعـدَمَا

أَرَاهُم مَعَ الصُبـحِ الكَواكِـبَ مُظهِرا

وَمِـن أَسَـدٍ أَغـوى كُهُـولاً كَـثِــيــرَةً

بِــنَهـــيِ غُــرابٍ ثُــمَّ بَــاعَ وحَــرَّرا

رَأَيـتُــم بَنِـي سَعـدٍ كُلُولاً كَثِـيـرَةً

شَهِيـدٌ بِذاكَ اِبنـا حُمَادِ بنِ أَحمَرا

لَعَمـرِي لَقَد أَنذَرتُ سَعـداً أُناتَهـا

لِتَـنــظُــرَ فِـي أَحـلاَمِهــا وَتُـفَــكِّرا

وَأَمَهَلتُ أَهلَ الدَارِ حَتّـى تَظَـاهَرُوا

عَـلَيَّ وَقالَ العُريُ مِنـهُـم فأَهـجَـرا

وَهُــم حَــرمَــلٌ مُـرٌ عَـلى كُـلِّ رَاكِـبٍ

مُـشِــيــحٍ وَِإن كـانَ الِفـرارُ مُثَـوَرا

وَما قُلتُ حَتّـى قالَ شَتـمُ عَشِـيـرتي

نُفَـيـلَ بنَ عَمـرِوٍ وَالوَحِيـدَ وجَعفَرا

وَحَـيَّ أَبِـي بَـكــرٍ وَلا حَـيَّ مِـثـلُهُـم

إِذا بَـلَغَ الأَمـرُ الدَثُورُ الُمذَمَّرا

وَلَم أَرَ فِـيــمَــن وَجَّنَ الجِلدَ نِسـوةً

أَسَــبَّ لأَِضــيَــافٍ وَأَقـبَــحَ مَـحــجَــرا

وَأَكـثَــرَ غُولاً أُستُهـا مِثـلُ رَأسِها

يُرَى مِن نِصـاءِ الناسِ أَصهَبَ أَزعَرا

وَأَعـظَــمَ أَقـدَمــاً وأَصـغَــرَ أَسـؤُقــاً

وَأَعـظَــمَ أَفـواهــاً وَأَرحَـبَ مِـنـخَـرا

وَأَعـظَــمَ بَـطــنــاً تَحـتَ دِرعٍ تَخَـالُهُ

إذَا حُـشِــيَ التَـبِّيــَّ زِقّـتــاً مُقَـيَّرا

وَأَبـغَــى عَـلى زَوجٍ لَئِيـمٍ كِـلاَهُـمـا

إِذَا التَمـرُ في أَعفَـاجِهِـنَّ تَقَـرقَرا

مِنَ النِسوَةِ اللاّتِي إذَا تَلَعَ الضُحَى

تَـبَــوَّأنَ مَبـدًى مِن ثُمَـالَ وَمَحـضَـرا

إذَا ذَكَـرَ السَـعــدِيُّ فَخـراً فَقُـل لَهُ

تَأَخَّر فَلَم يَجـعَـل لَكَ اللَهُ مَفـخَـرا

فَـإِن تُرِدِ العَليـا فَلَسـتَ بِأَهـلِهـا

وَإِن تَبـسُـطِ الكَفَّيـنِ لِلمَجـدِ تَقصُرا

إِذا أَدلَجَ السَــعـــدِِيُّ أَدلَجَ سـارِقــاً

فَـأَصــبَــحَ مَـخــطُــومـاً بِلُؤمٍ مُعَـذَّرا

إِذا أَنـعَــظَ السَـعــدِيُّ قَـبَّلــَ أَيـرَهُ

وَأَلقَـــمَهُ فـــاهُ فَـــكـــانَ لَهُ حِــرا

وَيَغـمُـزُ مِنـهُ الفائِقَـيـنِ كِلَيـهِـمـا

عَلى شَهوَةٍ غَمـزَ الطَبِـيبِ المُحَنجِرا

معلومات عن الشاعر: النّابِغَةِ الجَعدِيّ

قيس بن عبد الله، بن عُدَس بن ربيعة، الجعدي العامري، أبو ليلى. شاعر مفلق، صحابي من المعمرين، اشتهر في الجاهلية وسمي النابغة لأنه أقام ثلاثين