ذهَبَ الذين عَهِدتُ أمسِ برأيِهِمْ

186

ذهَبَ الذين عَهِدتُ أمسِ برأيِهِمْ

مَن كانَ ينقُصُ رأيُهُ يَسْتَمْتِعُ

وإذا الأمورُ تَعاظمتْ وتَشَابهتْ

فهناكَ يَعْترفونَ أينَ المَفْزَعُ

وإذا عَجاجُ الموتِ ثارَ وهَلْهَلتْ

فيهِ الجيادُ إلى الجيادِ تَسَرَّعُ

بالدَّارِعينَ كأنَّها عُصَبُ القَطا الـ

أسرابِ تَمْعَجُ في العَجاجِ وتَمْزَعُ

كُنا فوارِسَها الذينَ إذا دَعا

داعي الصّباحِ به إليهِ نَفْزَعُ

كنّا فوارسَ نَجدةٍ، لكنَّها

رُتَبٌ؛ فبعضٌ فوقَ بعضٍ يَشْفَعُ

ولكلِّ ساعٍ سُنَّةٌ ممَّن مَضَى

تَنْمي به في سَعْيهِ أو تُبْدِعُ

وكأنَّما فيها المَذانِبُ خِلْفَةً

وَذَمُ الدِّلاءِ على قَليبٍ تُنْزَعُ

فينا لثعلبةَ بنِ عَوْفٍ جَفْنَةٌ

يأوِي إليها في الشتاءِ الجُوَّعُ

ومَذانبٌ ما تُستعارُ وجَفْنَةٌ

سوداءُ عندَ نَشيجها ما تُرْفَعُ

مَن كان يَشْتُو، والأراملُ حولَهُ

يُرْوي بآنيَةِ الصَّريفِ ويُشْبعُ

في كلِّ يومٍ أنتَ تفقِدُ منهُمُ

طَرَفاً، وأيُّ مَخيلةٍ لا تُقْلِعُ؟

لم يبقَ بعدَهُمُ لعينَيْ ناظرٍ

ما تَسْتَنيمُ لـه العُيونُ وتَهجَعُ

إلاّ الملامَةَ من رجالٍ قد بُلُوا

فهموهمو، وأخو الملامةِ يَجْزَعُ

إنَّا بَنُو أَوْدَ الذي بِلِوائهِ

مُنِعَتْ رِئامُ، وقد غَزاها الأَجْدَعُ

وبهِ تَيَمَّنَ يومَ سارَ مُكاثِراً

في الناسِ يَقْتَصُّ المناهِلَ تُبَّعُ

ولقد نكونُ إذا تحلَّلَتِ الحُبا

منّا الرئيسُ ابنُ الرئيس المَقْنَعُ

والدَّهرُ لا يَبْقَى عليه لِقْوَةٌ

في رأسِ قاعِلةٍ نَمَتْها أربَعُ

مِن دونِها رُتَبٌ، فأدنَى رُتْبةٍ

مِنها على الصَّدَعِ الرَّجِيلِ تَمَنَّعُ