أَبى اللَهُ إِلّا أَن يُتِمَّمَ نورَهُ

141

أَبى اللَهُ إِلّا أَن يُتِمَّمَ نورَهُ

وَيُطفِىءَ نارَ الفاسِقينَ فَتَخمُدا

وَيَظهَرَ أَهلَ الحَقِّ في كُلِّ مَوطِنٍ

وَيَعدِلَ وَقعَ السَيفِ مَن كانَ أَصيَدا

وَيُنزِلَ ذُلّاً بِالعِراقِ وَأَهلِهِ

لِما نَقَضوا العَهدَ الوَثيقَ المُؤَكَّدا

وَما أَحدَثوا مِن بِدعَةٍ وَعَظيمَةٍ

مِنَ القَولِ لَم تَصعَدَ إِلى اللَهِ مَصعَدا

وَما نَكَثوا مِن بَيعَةٍ بَعدَ بَيعَةٍ

إِذا ضَمِنوها اليَومَ خاسوا بِها غَدا

وَجُبناً حَشاهُ رَبُّهُم في قُلوبِهِم

فَما يَقرَبونَ الناسَ إِلّا تَهَدُّدا

فَلا صِدقَ في قَولٍ وَلا صَبرَ عِندَهُم

وَلَكِنَّ فَخراً فيهِمُ وَتَزَيُّدا

فَكَيفَ رَأَيتَ اللَهَ فَرَّقَ جَمعَهُم

وَمَزَّقَهُم عُرضَ البِلادَ وَشَرَّدا

فَقَتلاهُمُ قَتلى ضَلالٍ وَفِتنَةٍ

وَحَيُّهُمُ أَمسى ذَليلاً مُطَرَّدا

وَلَمّا زَحَفنا لِاِبنِ يوسُفَ غَدوَةً

وَأَبرَقَ مِنّا العارِضانِ وَأَرعَدا

قَطَعنا إِلَيهِ الخَندَقَينِ وَإِنَّما

قَطَعنا وَأَفضَينا إِلى المَوتِ مُرصِدا

فَكافَحَنا الحَجّاجُ دونَ صُفوفِنا

كِفاحاً وَلَم يَضرِب لِذَلِكَ مَوعِدا

بِصَفٍّ كَأَنَّ البَرقَ في حَجَراتِهِ

إِذا ما تَجَلّى بَيضُهُ وَتَوَقَّدا

دَلَفنا إِلَيهِ في صُفوفٍ كَأَنَّها

جِبالُ شَرَورَي لَو تُعانُ فَتَنهَدا

فَما لَبِثَ الحَجّاجُ أَن سَلَّ سَيفَهُ

عَلَينا فَوَلّى جَمعُنا وَتَبَدَّدا

وَما زاحَفَ الحَجّاجُ إِلّا رَأَيتَهُ

مُعاناً مُلَقّىً لِلفُتوحُ مُعَوَّدا

وَإِنَّ اِبنَ عباسٍ لَفي مُرجَحِنَّةٍ

نُشَبِّهُها قِطعاً مِنَ اللَيلِ أَسوَدا

فَما شَرعوا رُمحاً وَلا جَرَّدوا يَداً

أَلا رُبَّما لا قى الجَبانُ فَجَرَّدا

وَكَرَّت عَلَينا خَيلُ سُفيانَ كَرَّةً

بِفُرسانِها وَالسَمهَرِيِّ مُقَصَّدا

وَسُفيانُ يَهدِيها كَأَنَّ لِواءَهُ

مِنَ الطَعنِ سِندٌ باتَ بِالصَبغِ مُجسَدا

كُهولٌ وَمُردٌ مِن قُضاعَةَ حَولَهُ

مَساعيرُ أَبطالٌ إِذا النِكسُ عَرَّدا

إِذا قالَ شُدّوا شَدَّةً حَملوا مَعاً

فَأَنهَلَ خِرصانَ الرِماحِ وَأَورَدا

جُنودُ أَميرِ المُؤمِنينَ وَخَيلُهُ

وَسُلطانُهُ أَمسى مُعاناً مُؤَيَّدا

لِيَهنِئ أَميرَ المُؤمِنينَ ظُهورُهُ

عَلى أُمَّةٍ كانوا بُغاةً وَحُسَّدا

نَزَوا يَشتَكونَ البَغيَ مِن أُمرائِهِم

وَكانوا هُمُ أَبغى البُغاةِ وَأَعنَدا

وَجَدنا بَني مَروانَ خَيرَ أَئِمَّةٍ

وَأَفضَلَ هَذيِ الخَلقِ حِلماً وَسُؤدُدا

وَخَيرَ قُريشٍ في قُرَيشٍ أَرومَةٍ

وَأَكرَمَهُم إِلّا النَبِيَّ مُحَمَّدا

إِذا ما تَدابَرنا عَواقِبَ أَمرِهِ

وَجدنا أَميرَ المُؤمِنينَ مُسَدَّدا

سَيَغلِبُ قَوماً غالَبوا اللَهَ مَن كانَ قَلبُهُ

وَإِن كايَدوهُ كانَ أَقوى وَأَكيَدا

كَذاكَ يُضِلُّ اللَهُ مَن كانَ قَلبُهُ

مَريضاً وَمَن والى النِفاقَ وَأَلحَدا

فَقَد تَرَكوا الأَهلينَ وَالمالَ خَلفَهُم

وَبيضاً عَلَيهِنَّ الجَلابيبُ خُرَّدا

يُنادِيَهُم مُستَعبِراتٍ إِلَيهِمُ

وَيُذرينَ دَمعاً في الخُدودِ وَإِثمِدا

وَإِلّا تَناوَلهُنَّ مِنكَ بِرَحمَةٍ

يَكُنَّ سَبايا وَالبُعولَةُ أَعبُدا

أَنَكثاً وَعِصياناً وَغَدراً وَذِلَّةً

أَهانَ الإِلَهُ مَن أَهانَ وَأَبعَدا

تَعَطَّف أَميرَ المُؤمِنينَ عَلَيهِمُ

فَقَد تَرَكوا أَمرَ السَفاهَةِ وَالرَدى

لَعَلَّهُم أَن يُحدِثوا العامَ تَوبَةً

وَتَعرِفُ نُصحاً مِنهُمُ وَتَوَدُّدا

لَقَد شَأَمَ المِصرَينِ فَرخُ مَحَمَّدٍ

بِحَقٍّ وَما لاقى مِنَ الطَيرِ أَسعَدا

كَما شَأَمَ اللَهُ النُجَيرَ وَأَهلَهُ

بِجَدٍّ لَهُ قَد كانَ أَشقى وَأَنكَدا