أَلَمْ تَرَ مَنْ حوْلّيَّ عند تَأَوُّهي

138

أَلَمْ تَرَ مَنْ حوْلّيَّ عند تَأَوُّهي

إِذا عُطِّرَتْ منك المجالِسُ بالذِّكْرِ

يقولون لي شوقٌ إِليك وقد دَرَى

إلى أَي شيءٍ منك شوقي مَنْ يَدْري

بلى أَنا مشتاقٌ إِلى نَيْل رتبة

أَحَطْتُ بها في القُدْسِ من عالَم الأَمرِ

وأَمّا الذي يَعْتادُهُ الناسُ بيْنَهم

فحاشا وكلاَّ أَنْ يَدْور به فِكْري

لأنَّهمُ يشتاقُ ذو الشوق منهمُ

إلى غائِبٍ شَطَّتْ به نُوَبُ الدَّهْر

وأَنت شهيدٌ حاضِرٌ غيرُ غائِبٍ

وهل غابَ مَنْ أَقْصَى منازِله صَدْري

أَرى الشوقَ من هذي الطريق وَضِيعَةً

لهذا وذا قُبْحٌ لقائِله مُزْري

مُقَصِّرة بالمُدَّعيه عن الصَّفا

وبالسابِق المذكور في رتبة الخَيْرِ

وكيف وعندي فيك ما لَوْ ذَكَرتُهُ

لَما شَكَّ مخلوقٌ بأَنّيَ ذو كُفْر

أُجِلُّك عن وَصْفٍ بما وَصَفَتْ به

معاشِرُ في نَظْمِ القصائِد والنَّثْرِ

غلا فيهمُ غالٍ به وأَعارَهم

من الوصف مالا يستحقون بالشِّعْر

وأَنت مُبَرّا عن صِفاتِهمُ كما

تَعالَيْتَ عن تقصير وَصْفِ ذوي القَصْر

وحَسْبي بأَنَّي مَطْرَحٌ لأَشِعَّةٍ

سنا نورِك السارى إِلىَّ بها يَسْري

أَمولايَ مَنْ إِنْعامُهُ ما اغتدى به

طَلِيقٌ ثنائي من يَدِ العَجْزِ في أَسْرِ

أَنا الشاكِرُ المُثْنى وشُكْريَ مِنَّةٌ

مَنَنْتَ بها حتَّى اهْتَدَيْتُ إلى الشُّكْرِ

ومن لي بشُكْرِ البرِّ منك الذي به

خَصَصْتَ وشُكْر البرِّ منك من البِرِّ