تَأَوَّبَ عَينُكَ عُوّارُها

173

تَأَوَّبَ عَينُكَ عُوّارُها

وَعادَ لِنَفسِكَ تَذكارُها

وَإِحدى لَياليكَ راجَعتُها

أَرِقتَ وَنُوِّمَ سُمّارُها

وَما ذاقَت العَينُ طَعمَ الرُقا

دِ حَتّى تَبَلَّجَ إِسفارُها

وَقامَ نُعاةُ أَبي قاسِمٍ

فَأَسبَلَ بِالدَمعِ تَحدارُها

فَحَقُّ العُيونِ عَلى اِبنِ الأَشَج

جِ أَن لا يُفَتَّرُ تَقطارُها

وَأَلّا تَزالَ تُبَكّي لَهُ

وَتَبتَلَّ بِالدَمعِ أَشفارُها

عَلَيكَ مُحَمَّدُ لَمّا ثَوَي

تَ تَبكي البِلادُ وَأَشجارُها

وَما يَذكُرونَكَ إِلّا بَكَوا

إِذا ذِمَةٌ خانَها جارُها

وَعارِيَةٍ مِن لَيالي الشِتا

ءِ لا يَتَمَنَّحُ أَيسارُها

وَلا يَنبَحُ الكَلبُ فيها العَقو

رَ إِلّا الهَريرَ وَتَختارُها

وَلا يَنفَعُ الثَوبَ فيها الفَتى

وَلا رَبَّةَ الخِدرِ تَخدارُها

وَأَنتَ مُحَمَّدُ في مِثلِها

مُهينُ الجَزائِرِ نَحّارُها

تَظَلُّ جِفانُكَ مَوضوعَةً

تَسيلُ مِنَ الشَحمِ أَصبارُها

وَما في سِقائِكَ مُستَنطَقٌ

إِذا الشولُ رَوِّحَ أَغبارُها

فَيا واهِبَ الوُصَفاءِ الصَبا

حِ إِن شُبِّرَت ثَمَّ أَشبارُها

وَيا واهِبَ الجُردِ مِثلِ القِدا

حِ قَد يُعجِبُ الصَفَّ شُوّارُها

وَيا واهِبَ البَكَراتِ الهِجا

نِ عوذاً تَجاوَبُ أَبكارُها

وَكُنتَ كَدِجلَةَ إِذ تَرتَمي

فَيقذِفُ في البَحرِ تَيّارُها

وَكُنتَ جَليداً وَذا مِرَّةٍ

إِذا يُبتَغى مِنكَ إِمرارُها

وَكُنتَ إِذا بَلدَةٌ أَصفَقَت

وَآذَنَ بِالحَربِ جَبّارُها

بَعَثتَ عَلَيها ذَواكي العُيو

نِ حَتّى تَواصَلَ أَخبارُها

بِإِذنٍ مَنَ اللَهِ وَالخَيلُ قَد

أُعِدَّ لِذَلِكَ مِضمارُها

وَقَد تُطعَمُ الخَيلُ مِنكَ الوَجي

فَ حَتّى تُنَبَّذُ أَمهارُها

وَقَد تَعلَمُ البازِلُ العَيسَجو

رُ أَنَّكَ بِالخَبتِ حَسّارُها

فَيا أَسَفا يَومَ لا قَيتَهُم

وَخانَت رِجالَكَ فُرّارُها

وَأَقبَلَتِ الخَيلُ مَهزومَةً

عِثاراً تُضَرَّبُ أَدبارُها

بِشَطِّ حَروراءَ وَاِستَجمَعَت

عَلَيكَ المَوالي وَسَحّارُها

فَأَخطَرتَ نَفسَكَ مِن دونِهِم

فَحازَ الرَزيئَةَ إِخطارُها

فَلا تَبعَدَنَّ أَبا قاسِمٍ

فَقَد يَبلُغُ النَفسَ مِقدارُها

وَأَفنى الحَوادِثُ ساداتَنا

وَمَرُّ اللَيالي وَتَكرارُها