خَيْرُ النفوس العارِفاتُ ذَوَاتِها

159

خَيْرُ النفوس العارِفاتُ ذَوَاتِها

وحقيقَ كيفيّاتِ ما هياتِها

وبِحالِها في الأصل من إِبداعها

وبها إِذا بَلغَتْ مَدى غاياتِها

وبكَوْنِها وفَسادِها وصُعودِها

وهُبوطِها وحياتِها ومَماتِها

وبما به سَكَنَتْ ومِمَّ تَركَّبَتْ

أجزاءُ بنْيَتهِا على هَيْئَاتِها

ولأَيِّ حالٍ أُسْكِنَتْهُ ومُلِّكَتْ

منه الذي ملَكتْهُ من آلاتِها

وبم اسْتَحَقَّتْ مِلْكَ ما هو دونها

في الأَرض من حيوانها ونباتِها

فغَدَتْ مُمَلَّكَةً على الأجناس من

حَيَوانها ونباتها ومواتِها

وتَصَوَّرَتْ رُتَبُ الوجود ومَيَّزَتْ

لِمِّيَّةً منها وكيفياتِها

وسَمَتْ بجوْهرِها لإِدراكٍ حَوى

أُكَر الدوائِرِ من جميع جِهاتِها

إِذْ كان في الحَيَوان والنَّبْتِ الذي

طَعِمْتهُ بعضُ نُعوتِها وصِفاتِها

نَفْسُ النَّماءِ ونَفْسُ حِسٍّ رُكِّبا

في ذا وذاك سِماتُها كسماتِها

ما عِلَّةُ السبب التي من أَجْلِها

أَضْحَتْ مُملَّكَةً على أَخواتِها

واللهُ عَدْلٌ لا يجور وفِعْلُهُ

حِكَمٌ تبين لنا سَنا آياتِها

أَفَهَلْ فَتىً فَطِنٌ لديه دلائِلٌ

يجلو بها ظُلَمَ الشكوك فهاتِها

يا للعجائب من أًناسٍ لم تزل

منها النفوس تجول في ظلماتها