خَيْرُ النفوس صَدَقْتَ في حالاتِها
125
خَيْرُ النفوس صَدَقْتَ في حالاتِها
العارفاتُ بكيْفِ ما هِيّاتِها
وذَكَرْتَ مَبْدَأَ خَلْقِها في أَصْلها
وكمالِها في مُنتهى غاياتِها
فالَعقْلُ أَصْلٌ للوجود جميعه
نَطَقَتْ به الحكماءُ من لَهواتِها
ولها إِذا بَلَغَتْ مَدَى غاياتها
نورٌ يُواصِلُ نُورَ مُنْبعثاتِها
والكَوْنُ منها نَشْؤُها وفسادُها
إِنكارُها يا صاحِ سَبْق دُعاتِها
وهُبوطها بالشكِّ ثمّ صُعودها
شَوْقٌ يُبلِّغُها إِلى لَذِّاتِها
وحياتُها بالعِلْمِ والتوحيد إِذْ
عَرَفَتْ بذاك جميع موجوداتِها
ومَماتُها بجُحودها وشُكوكها
وعُقوقها وفُجورها ودَناتِها
وكذا النفوس بلا حقيقة عندها
كالأَرض مُقْفِرَة بغَير نَباتِها
إنَّ النفوس إذا صَفَتْ وتَهَذَّبَتْ
وتَجَوْهَرَتْ تعلو إلى جَنَّاتِها
وذَكرْت ما سَكَنَتْ وممَّ تَرَكَّبَتْ
أَجزاءُ بِنْيَتِها على هيئاتِها
سكَنَتْ بجسْمٍ طالما امْتَخَضَتْ به ال
أَركانُ والأَفلاك في حركاتها
فمِنَ الطبيعة ركبَتْ أَجزاؤُها
فغَدَتْ وصارتْ حَيَّةً بحياتِها
إِنَّ الطبيعة ذا نِهايةُ فِعِلها
ليكون منه ظُهور مَكْنُوناتِها
والحال فيما سُكِّنَتْهُ ومُلِّكَتْ
منه الذي مَلَكَتْهُ من آلاتِها
لتكون بالآلات تكتسبُ الغِذا
إِذْ فيه بعضُ نُعوتِها وصِفاتِها
تدعو النبات وتغتذى الحيوان ث
مّ تصير ذات الرُّتْبَتَيْن كذاتِها
والعِلَّةُ السبب الذي مَلَكَتْ به
بالعدل ما مَلكَتْهُ من أَخَواتِها
فَيْضٌ من النور الإِلهيِّ الذي
أَضْحَتْ به في مُنتهى بَهجاتِها
مَلَكَتْ به ما دونها من رُتْبَةٍ
كيما تُخَلِّصُ تلك من ظلماتِها
أَفَهَلْ فَتىً فَطِنٌ لديه بصائِرٌ
غير البصائر في القريض فهاتِها