خُذا مِن بُكاءٍ في المَنازِلِ أَو دَعا

166

خُذا مِن بُكاءٍ في المَنازِلِ أَو دَعا

وَروحا عَلى لَومي بِهِنَّ أَوَ اَربَعا

فَما أَنا بِالمُشتاقِ إِن قُلتُ أَسعِدا

لِنَنـدُبَ مَغـنـىً مِن سُعـادَ وَمَربَعا

وَلي لَوعَةٌ تَستَغرِقُ الهَجرَ وَالنَوى

جَمـيـعـاً وَدَمعٌ يُنفِدُ الحُبَّ أَجمَعا

عَـلى أَنَّ قَـلبـي قَد تَصَـدَّعَ شَمـلُهُ

فُنـونـاً لِشَمـلِ البيضِ حينَ تَصَدَّعا

ظَعـائِنُ أَظعَـنَّ الكَرى عَن جُفونِنا

وَعَـوَّضــنَهـا مِنـهُ سُهاداً وَأَدمُعـا

نَوَيـنَ النَوى ثُمَّ اِستَـجَبنَ لِهاتِفٍ

مِنَ البَينِ نادى بِالفِراقِ فَأَسمَعا

وَحاوَلنَ كِتـمـانَ التَرَحُّلـِ بِالدُجى

فَـنَــمَّ بِهِنَّ المِسـكُ حيـنَ تَضَـوَّعـا

أَمــولَعَـــةً بِـالبَــيــنِ رُبَّ تَـفَــرُّقٍ

جَـرَحــتِ بِهِ قَـلبـاً بِحُـبِّكـِ مولَعـا

وَمِن عاثِـرٍ بِالشَـيـبِ ضاعَـفَ وَجدَهُ

عَلى وَجدِهِ أَن لَم تَقـولي لَهُ لَعا

فَأَثـقِـل عَلَيـنـا بِالمَـشيبِ مُسَلِّماً

وَأَحبِـب إِلَينـا بِالشَـبـابِ مُوَدِّعا

أَلَم تَرَيـا البَرقَ اليَمانِيَّ مُصلَتاً

يُضـيـءُ لَنا مِن نَحوِ يَبرينَ أَجرَعا

تَـرَفَّعــَ حَتّـى لَم أُرِد حيـنَ شِمـتُهُ

مِنَ الجانِـبِ الغَربِـيِّ أَن أَتَرَفَّعا

فَكَـم بَلقَـعٍ مِن دونِهِ سَوفَ تَقتَري

إِلى طَيِّهـِ العَنسُ العَلَنداةُ بَلقَعا

إِلى آلِ قَيـسِ بنِ الحُصَينِ وَلَم تَكُن

لِتَـبــلُغَهُــم إِلّا فَقـاراً وَأَضلُعـا

فَلا بُدَّ مِن نَجرانِ تَثليثَ إِن نَأَوا

وَإِن قَرُبـوا شَيـئاً فَنَجرانِ لَعلَعا

مُـلوكٌ إِذا اِلتَفَّتـ عَلَيـهِـم مُلِمَّةٌ

رَأَيـتُهُــمُ فـيــهــا أَضَرَّ وَأَنفَـعـا

هُمُ ثَأَروا الأُخدودَ لَيلَةَ أَغرَقَت

رِمـاحُهُــمُ في لُجَّةِ البَحـرِ تُبَّعـا

صَـنــاديـدُ يَلقَـونَ الأَسِنَّةـَ حُسَّراً

رِجـالاً وَيَـخــشَــونَ المَذَلَّةَ دُرَّعا

إِذا اِرتَفَعوا في هَضبَةٍ وَجَدوا أَبا

عَـلِيِّهــِمِ أَعـلى مَـكـانـاً وَأَرفَعـا

وَأَقـرَبَ فـي فَرطِ التَكَـرُّمِ نائِلاً

وَأَبعَـدَ في أَرضِ المَكـارِمِ مَوقِعا

قَفـا سُنَّةـَ الدَيّانِ مَجداً وَسُؤدُداً

وَلَم يَرضَ حَتّـى زادَ فيها وَأَبدَعا

لَمَـرَّ عَـلَيـنـا غَيـمُهُ وَهوَ مُثـقَـلٌ

فَـعَــرَّجَ فـيــنــا وَبـلُهُ وَتَـصَـرَّعـا

وَسيـلَ فَأَعـطـى كُلَّ شَيـءٍ وَلَم يُسَل

لِكَـثــرَةِ جَـدوى أَمـسِهِ فَـتَــبَـرَّعـا

جَوادٌ يَرى أَنَّ الفَضـيـلَةَ لَم تَكُن

تَجـوزُ بِهِ الغايـاتِ أَو يَتَـطَـوَّعـا

فَلَو كانَـتِ الدُنيـا يَرُدُّ عِنانَها

عَلَيـهِ النَدى خِلنـا نَداهُ تَصَنُّعا

أَصابَ شَذاةَ الحادِثِ النُكرِ إِذ رَمى

وَأَدرَكَ مَسـعـاةَ الحُصَينَينِ إِذ سَعى

كَريـمٌ تَنـالُ الراحُ مِنهُ إِذا سَرَت

وَيُعـجِـلُهُ داعي التَصابي إِذا دَعا

وَأَبـيَــضُ وَضّـاحٌ إِذا مـا تَـغَـيَّمـَت

يَـداهُ تَـجَــلّى وَجـهُهُ فَـتَــقَــشَّعــا

تَرى وَلَعَ السُؤالِ يَكـسـو جَبـيـنَهُ

إِذا قَطَّبـَ المَسـئولُ بِشـراً مُوَلَّعا

تَـخَــلَّفَ شَـيــئاً فـي رَوِيَّةـِ حِـلمِهِ

وَحَـنَّ إِلَيـنــا بَـذلُهُ فَـتَــسَــرَّعــا

تَـغَــطــرُسَ جودٍ لَم يُكَـلِّفـهُ وَقفَـةً

فَيَـخـتـارُ فيـها لِلصَنيعَةِ مَوضِعا

خَـلائِقُ لَولاهُـنَّ لَم تَـلقَ لِلعُـلا

جِمـاعاً وَلا لِلسُؤدُدِ النَثرِ مَجمَعا

سَــعـــيــدِيَّةــٌ وَهـبِــيَّةــٌ حَـسَــنِــيَّةٌ

هِيَ الحُسنُ مَرأىً وَالمَحاسِنُ مَسمَعا

فَـلا جـودَ إِلّا جـودُهُ أَو كَجـودِهِ

وَلا بَدرَ مالَم يوفِ عَشراً وَأَربَعا

عَـدَدتُ فَـلَم أُدرِك لِفَـضــلِكَ غايَـةً

وَهَل يُدرِكُ السارونَ لِلشَمسِ مَطلَعا

وَما كُنـتُ في وَصفـيكَ إِلّا كَمُغتَدٍ

يَقـيسُ قَرا الأَرضِ العَريضَةِ أَذرُعا

وَلي غَـرسُ وُدٍّ فـي ذَراكَ تَتـابَـعَـت

لَهُ حِـجَــجٌ خُـضــرٌ فَـأَثَّ وَأَيـنَــعــا

وَكُـنـتَ شَفـيـعـي ثُمَّ عادَت عَوائِدٌ

مِنَ الدَهرِ آلَت بِالشَـفـيـعِ مُشَفَّعا

رَدَدتَ مُدى الأَيّامِ مَثـنىً وَمَوحَداً

وَقَـد وَرَدَت مِـنّـي وَريداً وَأَخدَعـا

معلومات عن الشاعر: البُحتُرِيّ

العصر العباسي فصيح821 – 897 ميلادي206 – 284 هجري الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي أبو عبادة البحتري. شاعر كبير، يقال لشعره سلاسل الذهب، وهو