لَمِنَ الظَعائِنُ سَيرَهُنَّ تَرَجُّفُ
194
لَمِنَ الظَعائِنُ سَيرَهُنَّ تَرَجُّفُ
عَومَ السَفينِ إِذا تَقاعَسَ مِجذَفُ
مَرَّت بِذي خُشُبٍ كَأَنَّ حُمولَها
نَخلٌ بِيَثرِبَ طَلعُهُ مُتَضَعِّفُ
عولينَ ديباجاً وَفاخِرَ سُندُسٍ
وَبِخَزِّ أَكسِيَةِ العِراقِ تُحَفَّفُ
وَغَدَت بِهِم يَومَ الفِراقِ عَرامِسٌ
فُتلُ المَرافِقِ بِالهَوادِجِ دُلَّفُ
بانَ الخَليطُ وَفاتَني بِرحيلِهِ
خَودٌ إِذا ذُكِرَت لِقَلبِكَ يُشغَفُ
تَجلو بِمَسواكِ الأَراكِ مُنَظَّماً
عَذباً إِذا ضَحِكَت تَهَلَّلَ يَنظُفُ
وَكَأَنَّ ريقَتَها عَلى عَلَلِ الكَرى
عَسَلٌ مُصَفّىً في القَلالِ وَقَرقَفُ
وَكَأَنَّما نَظَرَت بِعَينَي ظَبيَةٍ
تَحنو عَلى خِشفٍ لَها وَتَعَطَّفُ
وَإِذا تَنوءُ إِلى القِيامِ تَدافَعَت
مِثلَ النَزيفِ يَنوءُ ثُمَّتَ يَضعُفُ
ثَقُلَت رَوادِفُها وَمالَ بِخَصرِها
كَفَلٌ كَما مالَ النَقا المُتَقَصِّفُ
وَلَها ذِراعا بَكرَةٍ رَحبِيَّةٍ
وَلَها بَنانٌ بِالخِضابِ مُطَرَّفُ
وَعَوارِضٌ مَصقولَةٌ وَتَرائِبٌ
بيضٌ وَبَطنٌ كَالسَبيكَةِ مُخطَفُ
وَلَها بِهاءٌ في النِساءِ وَبَهجَةٌ
وَبِها تَحِلُّ الشَمسُ حينَ تُشَرِّفُ
تِلكَ الَّتي كانَت هَوايَ وَحاجَتي
لَو أَنَّ داراً بِالأَحِبَّةِ تُسعِفُ
وَإِذا تُصِبكَ مِنَ الحَوادِثِ نَكبَةٌ
فَاِصبِر فَكُلُّ غَيابَةٍ سَتَكَشَّفُ
وَلَئِن بَكيتُ مِنَ الفِراقِ صَبابَةً
إِنَّ الكَبيرَ إِذا بَكى لِيُعَنَّفُ
عَجَباً مِنَ الأَيّامِ كَيفَ تَصَرَّفَت
وَالدارُ تَدنو مَرَّةً وَتَقَذَّفُ
أَصبَحتُ رَهناً لِلعَداةِ مُكَبَّلاً
أُمسي وَأُصبِحُ في الأَداهِمِ أَرسُفُ
بَينَ القُلَيسِمِ فَالقُيولِ فَحامِنٍ
فَاللَهزَمَينِ وَمَضجَعي مُتَكَنَّفُ
فَجِبالِ وَيمَةَ ما تَزالُ مُنيفَةً
يا لَيتَ أَنَّ جِبالَ وَيمَةَ تُنسَفُ
وَلَقَد أَراني قَبلَ ذَلِكَ ناعِماً
جَذلانَ آبى أَن أُضامَ وَآنَفُ
وَاِستَنكَرَت ساقي الوِثاقَ وَساعِدي
وَأَنا أَمرُؤٌ بادي الأَشاجِعِ أَعجَفُ
وَلَقَد تُضَرِّسُني الحُروبُ وَإِنَّني
أُلفى بِكُلِّ مَخافَةٍ أَتَعَسَّفُ
أَتُسَربِلُ اللَيلَ البَهيمَ وَأَستَري
في اللَيلِ إِذ لا يَستَرونَ وَأَوجِفُ
ما إِن أَزالُ مُقَنَّعاً أَو حاسِراً
سَلَفَ الكَتيبَةِ وَالكَتيبَةُ وُقَّفُ
فَأَصابَني قَومٌ وَكُنتُ أُصيبُهُم
فَالآنَ أَصبِرُ لِلزمانِ وَأَعرِفُ
إِنّي لِطُلّابِ التِراتِ مُطَلَّبٌ
وَبِكُلِّ أَسبابِ المَنِيَّةِ أُشرِفُ
باقٍ عَلى الحِدثانِ غَيرُ مُكَذِّبٍ
لا كاسِفٌ بالي وَلا مُتَأَسِّفُ
إِن نِلتُ لَم أَفرَح بِشَيءٍ نِلتُهُ
وَإِذا سُبِقتُ بِهِ فَلا أَتَلَهَّفُ
إِنّي لَأَحمي في المَضيقِ فَوارِسي
وَأَكُرُّ خَلفَ المُستَضافِ وَأَعطِفُ
وَأَشُدُّ إِذ يَكبوا الجَبانُ وَأَصطَلي
حَرَّ الأَسِنَّةِ وَالأَسِنَّةُ تَرعُفُ
فَلَئِن أَصابَتني الحُروبُ فَرُبَّما
أُدعى إِذا مُنِعَ الرِدافُ فَأَرِدِفُ
وَلَرُبَّما يَروى بِكَفّي لَهذَمٌ
ماضٍ وَمُطَّرِدِ الكُعوبِ مُثَقَّفُ
وَأَغيرُغاراتٍ وَأَشهَدُ مَشهَداً
قَلبُ الجَبانِ بِهِ يَطيرُ وَيَرجُفُ
وَأَرى مَغانِمَ لَوأَشاءَ حَويتُها
فَيَصُدُّني عَنها غِنىً وَتَعَفُّفُ