مُعـادٌ مِنَ الأَيّامِ تَعـذيـبُـنـا بِها
166
مُعـادٌ مِنَ الأَيّامِ تَعـذيـبُـنـا بِها
وَإِبعـادُهـا بِالإِلفِ بَعـدَ اِقتِرابِها
وَما تَمـلَأُ الآماقَ مِن فَيـضِ عَبرَةٍ
وَلَيسَ الهَوى البادي لِفَيضِ اِنسِكابِها
غَـوى رَأيُ نَـفـسٍ لا تَرى أَنَّ وَجدَهـا
بِـتِـلكَ الغَوانـي شُقَّةـٌ مِن عَذابِهـا
وَحَـظُّكــَ مِـن لَيـلى وَلا حَظَّ عِنـدَهـا
سِـوى صَدِّهـا مِن غادَةٍ وَاِجتِـنـابِهـا
يُفـاوِتُ مِن تَأليـفِ شَعـبـي وَشَعـبِها
تَنـاهـي شَبـابـي وَاِبتِـداءُ شَبـابِها
عَسـى بِكَ أَن تَدنو مِنَ الوَصلِ بَعدَما
تَـبــاعَــدتَ مِن أَسبـابِهِ وَعَسـى بِها
هِـيَ الشَمـسُ إِلّا أَنَّ شَمـسـاً تَكَـشَّفـَت
لِمُـبــصِــرِهــا وَأَنَّهـا فـي ثِـيـابِهـا
مَتـى تَسـتَزِد فَضلاً مِنَ العُمرِ تَغتَرِف
بِسَـجـلَيـكَ مِن شُهدِ الخُطـوبِ وَصابِها
تُشَـذِّبُـنـا الدُنيـا بِأَخـفَـضِ سَعـيِهـا
وَغَـولُ الأَفـاعــي بَلَّةٌ مِن لُعابِهـا
يُــسَـــرُّ بِـعُــمــرانِ الدِيـارِ مُـضَــلَّلُ
وَعُـمــرانُهـا مُسـتَـأنَـفٌ مِن خَرابِهـا
وَلَم أَرتَـضِ الدُنيـا أَوانَ مَجـيـئِهـا
فَـكَـيـفَ اِرتِضـائيـهـا أَوانَ ذَهابِهـا
أَقـولُ لِمَـكـذوبٍ عَنِ الدَهرِ زاغَ عَن
تَـخَــيُّرِ آراءِ الحِـجــا وَانتِـخـابِهـا
سَـيُــرديــكَ أَو يُـتــويـكَ أَنَّكَ مُخـلِسٌ
إِلى شُـقَّةــٍ يُـبــليــكَ بُـعــدُ مَآبِهـا
وَهَل أَنتَ في مَرمـوسَـةٍ طالَ أَخذُها
مِـنَ الأَرضِ إِلّا حَفـنَـةٌ مِن تُرابِهـا
تُــدِلُّ بِــمِــصــرٍ وَالحَـوادِثُ تَهـتَــدي
لِمِـصـرٍ إِذا ما نَقَّبـَت عَن جَنـابِهـا
وَما أَنتَ فيـهـا بِالوَليدِ بنِ مُصعَبٍ
زَمـانَ يُـعَــنّــيـهِ اِرتِيـاضُ صِعـابِهـا
وَلا كَـسِــنــانِ بنِ المُشَـلَّلِ عِنـدَمـا
بَـنــى هَرَمَـيـهـا مِن حِجـارَةِ لابِها
مُـلوكٌ تَـوَلّى صـاعِــدٌ إِرثَ فَـخــرِهــا
وَشارَكَهـا في مُعـلِيـاتِ اِنتِـسـابِهـا
رَعـى مَجـدَهـا عَن أَن يَضـيـعَ سَوامُهُ
وَحِفـظُ عُلا الماضينَ مِثلُ اِكتِسابِها
أَكـانَـت لِأَيدي المَخـلَدِيّـيـنَ شِركَـةٌ
مَعَ الغادِيـاتِ في مَخـيـلِ سَحـابِهـا
تَـزِلُّ العَـطــايـا عَن تَعَـلّي أَكُفِّهـِم
زَليـلَ السُيـولِ عَن تَعَـلّي شِعـابِهـا
إِذا السَنَـةُ الشَهباءُ أَكدَت تَعاوَروا
سُيـوفَ القِرى فيـهِـنَّ شِبـعُ سِغـابِها
يَـمُــدّونَ أَنـفــاسَ الظِـلالِ عَـلَيـهِـمُ
بِـأَبــنِــيَــةٍ تَـعـلو سُمـوكَ قِبـابِهـا
فَـكَــم فَـرَّجــوا مِـن كُربَـةٍ وَتَغَـوَّلَت
مَـشــاهِــدُهُــم مِـن طَخـيَـةٍ وَضَبـابِهـا
بِـمَــلمــومَـةٍ تَحـتَ العَجـاجِ مُضـيـئَةٍ
تَحـوزُ الأَعادي خَطـفَـةٌ مِن عُقابِها
وَأَبطـالِ هَيـجٍ في اِصفِـرارِ بُنودِها
ضُروبُ المَنـايـا وَاِبيِـضـاضُ حِرابِها
تُـرَشِّحــُهــا نَـجــرانُ فـي كُـلِّ مَـأزِقٍ
كَـمــا رَشَّحـَت خَـفّــانُ آسـادَ غابِهـا
أَرى الكُفـرَ وَالإِنعامَ قَد مَثَّلا لَنا
إِبــاقَ رِجــالٍ رِقُّهــُ فــي رِقـابِهــا
فَـكَــم آمِـلٍ قَـد عَـضَّ كَـفّــاً نَدامَـةً
عَلى العَكـسِ مِن آمالِهِ وَاِنقِلابِها
فَإِمّـا قَنِـعـتُـم بِالأَباطيلِ فَاِربَعوا
عَـلى صَـرِّهـا أَوحادَكُـم وَاِختِـلابِهـا
إِذا اللَهُ أَعـطــاهُ اِعـتِـلاءَةَ قُدرَةٍ
بَكَـت شَجـوَهـا أَو عُزِّيَـت عَن مُصابِها
إِذا مَـذحِــجٌ أَجـرَت إِلى نَهـجِ سُـؤدَدٍ
فَهَمّـيـكَ مِن دَأبِ المَسـاعـي وَدابِها
كُـنــيـنـا وَأُمِّرنا وَغُنـمُ يَدَيـكَ في
تَـرادُفِ أَيّـامِ العُـلا وَاِعتِـقـابِهـا
وَما زالَتِ الأَذواءُ فيـنـا وَكَونُهـا
لِحَـيٍّ سِـوانــا مِـن أَشَقِّ اِغتِـرابِهـا
وَجَـدنــا المُعَـلّى كَالمُـعَـلّى وَفَوزِهِ
بِـغُـنـمِ القِداحِ وَاِحتِـيـازِ رِغابِهـا
وَفي جودِهِ بِالبَـحرِ وَالبَحرُ لَو رَمى
إِلى سـاعَـةٍ مِن جودِهِ ما وَفى بِها
عَقـيـدُ المَعـالي ما وَنَت في طِلابِهِ
لِتَــعـــلَقَهُ وَلا وَنـى فـي طِـلابِهــا
تَـنــاهــى العِـدى عَنـهُ وَرُبَّتَ قَولَةٍ
أَباهـا عَلى البادي حِذارَ جَوابِها
إِذا طَمِـعَ الساعـونَ أَن يَلحَـقوا بِهِ
تَمَهَّلـَ قابَ العَيـنِ أَو فَوتَ قابِهـا
إِذا ما تَراءَتـهُ العَشـيـرَةُ طالِعـاً
عَـلَيــهـا جَلَت ظَلمـاءَهـا بِشِهـابِهـا
وَإِن أَنـهَــضَــتــهُ كـافِــئاً في مُلِمَّةٍ
مِنَ الدَهرِ سَلَّت سَيـفَهـا مِن قِرابِها
إِذا اِصـطَــحَــبَـت آلاؤُهُ غَطَّتـِ الرُبى
وَحُسـنُ اللَآلي زائِدٌ في اِصطِـحـابِها
وَما حَظَـرَ المَعـروفَ إيصـادُ ضَيـقَـةٍ
مِنَ الدَهرِ إِلّا كُنـتَ فاتِـحَ بابِهـا
أَبـــا صـــالِحٍ لا زِلتَ والِيَ صـــالِحٍ
مِنَ العَيشِ وَالأَعداءُ تَشجى بِما بِها