أَنا أَنتمُ أَم أَنتمُ أَنا بَيِّنُوا

130

أَنا أَنتمُ أَم أَنتمُ أَنا بَيِّنُوا

حقيقةَ ما أَعني فقد خَفِيَتْ عنِّي

وإِنْ كُنْتُ قد كَلَّفْتُ فِكْري بَيانَها

وذهني فلا فكري حَمِدْتُ ولا ذهني

وما ذلك الإِشكالُ إلا لأَنَّني

إِذا شِئْتُ لُقياكم لَقَيْتُكُمُ مِنِّي

تَراكُمْ بشَخْصي مُقْلَتي عند رُؤْيَتي

وتسمعكم في حالِ نُطْقِ فمي أُذْني

ويوجد فيكم لَمْسُ كفَّى جُثَّتي

وأَنشقُ رَياكم بأَنْفي من رُدْني

وآخُذُ من فكري بِوَهْمي لِوَصفِكم

فإِني به لي عن شَمائِلكم أَكْنى

يخاطبكم غيري بلَفْظٍ وإِنَّني

لكم بالمعاني في الخِطاب لأَستَغْني

ويُومي إلى فكري ضميري مُناجياً

له بكمُ منِّى وإِيّاكمُ أَعْني

ومن كان مِثْلي لم يُشافِهْ بمثلكم

من النُّوَب النائي ولم يُسْلِهِ المُدْني

ولم يَشْكُ ما قد كان يعقوب يشتكي

إلى الله من بَثٍّ لديه ومن حُزْن

لئن كان إسرائيلُ ذلك فَنُّهُ

فهذا الذي يكنى القريضُ به فني

أََخِلاَّىَ إِهْداكم إِلَّى تَحِيَّةً

لِعِلْمي بكم لا للمرَجَّم من ظَنِّي

وإِقْراؤُكم للنور والطِّيب والصَّفا

علَّى سلاماً قُدسُ تأييده يُغْني

وإِنْ كُنْتُ قد أَحْلَلْتُ نفسي محَلَّةً

تُساوِيكُمُ بي قد تَعَرَّضْتُ للطَّعْنِ

غَلَوْتُ وجاوزتُ الغُلُوَّ وإِنَّما

قَصدْتُ به تحقيقَ ما هو في ظَنِّي

ورُمْتُ به تعريفَ من كان جاهِلا

أُخاطِبُكم بي لا لُعجْبٍ ولا أَفْنِ

ولسْتُ أُساوِيكم لقاصِر رُتْبَتي

وهل تَتساوَى رتبة الأَبِّ والإِبْن

أَدوْحَتي العُظْمَى من القُدْس متِّعي

بِقِسْطي من قُدْسِيّ ذاك الغِذا غُصْني

وأَبْدي جنَى الأَنوار منّي فإِنه

من الفَرْع يُجْنَى لا من الأَصل منْ يجنْي

لَعلّى لَمنْ حوْلي أُصْبِحُ جَنَّةً

إلى القُدْس تُعْزَى خالِصاً وإلى عَدْنِ

ويا نَهْريَ العَذْب الذي اختصّ جَدْوَلي

بِجَرْيَةِ ماءٍ منه ليس بذي أَسْن

أُمِدُّ بما تُجْري إلىَّ عِصابَةً

ظِماء إلى الماء السليم من الأَجْن

عسى زَرْعُهم يُبْدي شَطاه ويستوي

على سوقه مُسْتَغْلِظاً فائقَ الحُسْنِ

فيُعْجِبَ زُرّاعاً ويُكْمِدَ كافِراً

بهم هدفاً يَرْشَقَنَهُ أَسْهُمُ اللَّعْنِ

أَمعْنَى مُسَمّى اسْمى الذي بِيقينه

مُمَعْني مُسَمَّايَ اللطيف به مَعْنى

لك الحمد لا أُحصى أَياديك كم يد

علَّى وكم فَضْلٍ لدىَّ وكم مَنِّ

وحَسْبي بها من أَنْعُم أَنا بعضُها

علىَّ وأَنَّي لي علىَّ بها أُثْني

ولي حاجةٌ لا أَبتغي منك غيرها

فَجُدْلي بها وهْيَ الخَلاص من السِّجنْ

قُرنْتُ بهاتيك الوُحوِش مُكَبَّلا

كُبولا مَلَتْ ما بين كَعْبي إِلى قرْني

أُحاذِرُ عُصْلا كُلَّحاً من نُيٌوبها

لدىَّ وَعَقْلا من مخاليبها الحُجْن

رَهِيناً بما أَسْلَفْتُ قد كِدْتُ أَغتدي

لِشِدَّةِ ما قاسَيْتُهُ غَلَقَ الرَّهْن

أَخا أَسَفٍ قد عَلَّمَتْني نَدامَتي

لُزوم الحصا بالكَفِّ والقَرْع للسِّنَّ

مَلِلْتُ مُقامي في قميص طبيعةٍ

من الجسم عُنِّىَ فيه روحيَ ما عُنِّي

هو السجن عندي والسَّباع طبائعي

وحَيّاتُه ما فيَّ من شهوة تَثْني

وأَبعاد شَكْلي والجهات جميعها

كُبولي التي من أَجْلها أَنا ذو وَهْنِ

وها أَنَدا مُسْتَفْتِحٌ باب نُقْلَتي

لأَدْخُلَه فَلْيَخْرُجِ الأَمْرُ بالإِذْن

عسى بدُخولي ذلك البابَ مُسْرعاً

خُروجيَ من خَوْفي الشديد إلى الأَمْنِ

وراحَةُ روحي من عذابٍ غَدَتْ به

دُموعي تُحاكِيها الغوادي من المُزْنِ

لَعَلَّ غريباً طال عَهْداً بأَهْلِه

وأَخْنَي عليه من نَوَى الدهر ما يُخْني

يؤوب إِلى أَهْليه في مُستقرِّه

ويُلْقِي عصا التَّسْيار والنَّصَب المُضْني

هو الفَوْزُ لو يَقْضِي به لَي مُهْرِقاً

بقيّةَ ما يُذْكي سِراجي من الدُّهْن

فَناني الذي يَبْقَى لدىَّ ومَوْتُه

أَحَبُّ وأَشْهَى من بقائي الذي يُفْني

أَدارَيَّ من حِسًّ وقُدْسٍ أَراكما

قَتاداً وكَرْماً ذاك يُجْنَي وذا يَجْنِي

ومن باعَ كَرْماً بالقتاد فإِنّني

زعيمٌ له بالعَضِّ كَفَّيْه من غَبْنِ