يا من أُناجِيه فينطق قائِلاً

196

يا من أُناجِيه فينطق قائِلاً

بي لي وإِنِّي لَلنَّطوقُ القائِلُ

وإِذا سأَلْتُ أَجابني عن حاجتي

منّي فأَفْهَمُ والمُجِيبُ السائِلُ

مُتَجلِّياً لي بي فعَقْلي عالِمٌ

بسناءِ نِحْلَتِهِ وفكري جائلُ

لا أَدَّعى الإِدراك لكنْ لُحْن لي

منِّي علىَّ شواهِد ودلائِل

فلِصُورِتي منها لها في ذاتها

عَقْلٌ ومعقولٌ يُعَدُّ وعاقِلُ

رَدّا لِطامِحِها إِليها ما لَها

إِلا بها في الفِكْر فِكْرٌ جائِلُ

حُجِبَتْ بها عن أَنْ ينال سِوى الذي

حُجبَت به من ذاتِها المُتَناوِلُ

ما إِنْ يُحَصِّلُ صورةً يبْقَى بها

بالوهْم إِلا وَهْيَ ذاك الحاصِلُ

كالماءِ يُقْبضُ بالأَكُفِّ وإِنَّما

ضُمَّتْ إِلى راحاتِهنّ أَنامِلُ

هو أَصدق الأَمثال مضروباً لها

مَثَلاً يُقابِلُهُ بذاك مُقابِلُ

هذا على أَنَّ الكثافة قد حَوَتْ

جِنْسَ الكِلَيْن فذا لذاك مُشاكِلُ

ما القول فيما ليس يجمعها به

جِنْسٌ يُشابِهُها به ويُماثِلُ

هي غاية الغَرَض الذي يرقى لها

مُتَطاوِلاً من ذاته المُتَطاوِلُ

فإذا جَرَى وَصْفٌ أَوِ اسْمٌ مطلقٌ

باللَّفْظ فَهْوَ بها إِليه مُواصِلُ

طَلَبَتْ فكانت ذاتُها مطلوبَها

لا ما تَوَهَّمَهُ الغبي الغافِلُ

لا تستطيع تَصَوُّراً إِلا بها

منه ومُدْرَكُها سِواها باطِلُ

فإِذا ارْتَقَتْ عنها بوَهْمٍ أُرْجِعَتْ

والعَجْزُ أَغْلالٌ لها وسَلاسِلُ

محصورةً فيها بها منها لها

حُجُبٌ ومُحْتَجَبٌ لديها ماثِلُ

فَلَها بها منها إِذا تسمو إلى

إِدراك غيب الغيب شُغْلٌ شاغِلُ

نُورٌ مُنِيرٌ حين يلحظ ذاتَها

من ذاتها في ذاتها مُتَواصِلُ

حتَّى إِذا إِدراكَ مُبْدِعِها رَجَتْ

رَجَعَتْ ونَيِّرُها ظَلامٌ شاملُ

أَنا ذلك العبد الذي سَلَفَتْ له

فَرَطاتُ زَلاَّتٍ سَبَقْنَ أَوائِلُ

قد جِئْتُ مُنْقاداً إِليك وليس لي

في العَفْوِ إِلا أولياك وَسائِلُ

فَانْظُرْ إلىَّ بَعْينِ رحمتك التي

أَنا منك يا مولايَ راجٍ آمِلُ

أَدْعُوك والدَّاعيِك بي مِنِّي الذي

أَلْهَمْت ما هو عنه ساهٍ ذاهِلُ

وأَرَيْتَهُ القصد الذي هو قاصِدٌ

منه إِليه وعن سِواه عادِلُ

فَهَّمْتَهُ منه بما عَلَّمتَهُ

منه ومُعْطيه العَطاءَ القابِلُ