الشيخ الشاعر صالح بن مسفر بن حمد بن محمد بن صالح بن محمد آل مخلص آل مطلق آل درهم آل الهرش آل سليمان الوعيلي آل هشام آل فاطمة بن فدكر من قبيلة يام من همدان، ويلقب بـ صالح «ابن سمرة» وهو لقب مأخوذ من اسم والدته، حيث كان الأبناء النجباء يكنون باسماء امهاتهم وهو من مشايخ قبيلة آل مخلص ويعتبر رمز من رموز قبيلة يام بل يعتبر رمز من رموز المنطقة الجنوبية.
الصورة رمزية وهي صورة خرصان بن صالح ابن سمرة
ولد الشاعر المرحوم الشيخ صالح بن سمرة في هجرة صغيرة تسمى «العين والقرين» التابعة لمركز قطن التابع لمحافظة «ثار» التابعة لمنطقة نجران الواقعة جنوب المملكة وهجرته التي ولد وترعرع فيها جمعت ما بين جمال الطبيعة وقسوتها، وحياة البداوة وما يلفها من حروب، لكن الشاعر الراحل حباه الله قدرة على التكيف مع تلك البيئة والتفاعل مع الظروف المحيطة لتفيض قريحته شعراً يلهم الخواطر ويحفز الهمم ويثير الحماسة لدى جميع افراد القبيلة. كلماته الشعرية التي كان يجود بها بطريقة تلقائية ويرتجلها في الملتقيات متى تطلّب الأمر ذلك، كانت تمثل مخزوناً هائلا للقيم وتحمل نبض المجتمع، وتخاطب وجدانه، وتوقظ قيم الشجاعة والكرم والوفاء وتبث الحكمة وتنثر لآلاء ودرراً شعرية نفيسة يحتاج الناس الاهتداء بها مهما تقادمت ومرت السنوات على رحيل كاتبها.
ولقد احتل الفخر والاعتزاز بالقبيلة والأنساب والمواقف والمكارم والحكمة والفصل في القضايا حيزاً كبيراً في مساحة القصيدة لديه. والشيخ صالح بن سمرة لم يكن مجرد شاعر شعبي فحسب، بل كان ايضاً نابغة ذكياً ورجل قوم له وزن بين القبائل، كانت له مبادرات مشهودة في حل المعضلات مهما كانت درجة تعقيدها، وكم لعب دوراً في اصلاح ذات البين. كان الشيخ صالح بن سمرة «رحمه الله» نبيهاً يتمتع بالفراسة وسرعة البديهة في الرد والفهم، وفك رموز الأشياء، والاستيعاب التلقائي، كما حباه الله تعالى، بمقدرة عالية على حسن قراءة الأحداث بصورة صحيحة، وكذلك التوقعات حسب قرائن الأحوال فتأتي توقعاته كما ذكرها تماماً، كما إنه كان قاضياً حكيماً، يفصل في الأمور بأبيات الشعر، فيوظف قوة الشعر، وبيانه وحب الناس له في الفصل في القضايا والشعر عنده مرتجل لا يحّضر له ولا يسامر الأنجم العصّية حتى يكمل بيتاً أو أبياتا، أنما تنساب الكلمات على لسانه كالدرر، وكان شعره وقتيا تصنعه المواقف والأحداث.
رحل الشيخ الشاعر صالح ابن سمرة قبل ٩٨ عاماً تقريبا وحمل معه الكثير من التراث، رغم إنه ترك بين ظهرانينا مالم نستطع توظيفه بالشكل الكامل حتى الآن.
انتقل إلى الدار الآخرة، ولديه الكثير الذي يود أن يقوله، لكنه رحل في زمن عَّزت فيه وسائل الحفظ والتوثيق، وشحت فيه أوعية النقل ووسائط المعرفة، لذا فإن الحصيلة التي تركها كان جلها يحمل في ذاكرة الرجال ممن احبوا شعره، ورافقوه وكانوا على مقربة منه فليس غريباً أن نجد تفسيراً ومناسبة، وقصة للكثير من قصائده أو مقاطعه الشعرية التي كانت تعّبر عن موقف او امر جلل.
بعض من قصائده مع روابطها من ملحمة نجران موسوعة الشعر والشعراء:
ألا يا الله طلبتك بليلٍ له تديواس سمر برقه وسيله غشا جاذ العثاويل
بقيله جاء على جرشف وانحى للطعاس شبوبية نهار بردها يقرع السيل
ملحمة نجران أنا قد كلت مد وقسمته ست اسداس
هذه القصيدة فيها رمزية عالية وحكمة يصعب فهمها، ولم نجد من يفسرها كما يجب، نعم نحفظ قصائده ولكننا لم ندرسها ولم نستنبط الحكمة فيها، وإلا كيف نقص الكيل ست فناجيل؟
خبل تبكي على الناس ما تبكي على الرأس خبل وتطري الي عباه السبر والسيل
أنا قد كلت مد وقسمته ست اسداس شتته ثم جمعته نقص ست فناجيل
لمنه كيل كيل بيرضي جملة الناس دلابيج الرجاجيل تذري الحب قد كيلي
ابن سمرة بدع قافه وغنا ضاري بالبدايع كل ساعي
ابن سمرة صالح جاه المعلم قالوا إن به باشةٍ عند الجماعة
ما درينا حن نمر أو حن نسلم مرةٍ نسلم ومرٍ سم ساعة
وإن وطينا حفنا ما حن نهلم نضربه في الرأس لي ماله نخاعه
واحدة من أجمل وأكثر القصائد شهرة ويتغنى بها أهالي نجران بشكل دائم:
يا الله يا اللي فوقنا مرقب بادي باسطٍ أرضه لمنهو خلق فيها
ابن سمرة هاض دراس واجدادي يبدع الزينة والأخرى يخليها
ما خبر يام لما ركز ميعادي واقبلت صفٍ تخافق جنابيها
الصقر حول من مراقيبه يا لابتي يا كسوة العاري
راع القهر عود وحن ذيبه ذيب على مكل اللحم ضاري
وإن مات ذيب بدله صيبه ما ضري به الأول فذا ضاري
ورصاصنا عجل مناديبه يشظا العظام وللحم فاري
طلبنا خالقي ما نبي من غير ربي أيش ولي مدوني الناس فأنه اللي عطاني
يا الله يا ملتهم يا عدل ياوالي يا مغني النفس من داني قرايبها
يا الله إنك فزعتي وبك الرجاء واحدٍ ما نستحيل إلا بحيله
الرداء ترى الراء ما له مدى لي تخلص مقدمه نشبت رجيله
ومن تحمل صاحبه جاه الوحى لاقحٍ من ساعته لا تستشيله
قال إبن سمره من بدا راس جدرا وإن كملت الدراس يبدع جدادي
عينت حتى الكذب لا أسفع ولاذرا والصدق مثل السيل في جر وادي
في هذه القصيدة جم هائل من الأسرار كيف يتنقل في بلاد الجزيرة العربية من شرقها إلى غربها إلى العراق ومنه إلى بيت المقدس وهو في حرشف ثار كجسد والقلب أو الفؤاد يحمله طير قام بعسفه وترويضه، لا يمكن سبر فكر ابن سمرة.
ركبت طير عاسفه في حرشف
محتال في الجثة فشلّ فوادي
بقلم الدكتور/ جابر سالم ابن سمره