الدامغة للهمداني

2251

الدامعة للهمداني

أَلا يَا دَارُ لَوْلاَ تَنْطِقِيْنَا

فَإِنَّا سَائِلُونَ ومُخْبِرُونَا
بِمَا قَدْ غَالَنَا مِنْ بَعْدِ هِنْدٍ

ومَاذَا مِنْ هَوَاهَا قَدْ لَقِيْنَا
فَضِفْنَاكِ الغَدَاةَ لتُنْبِئِيْنَا

بِهَا أيْنَ انْتَوَتْ نَبَأً يَقِيْنَا؟
وعَنْكِ، فَقَدْ نَرَاكِ بَلِيْتِ حَتَّى

لَكِدْتِ، مِنَ التَّغَيُّرِ، تُنْكَرِيْنَا
أَمِنْ فَقْدِ القَطِيْنِ لَبِسْتِ هَذا

فَلاَ فَقَدَتْ مَرَابِعُكِ القَطِيْنَا
أَمِ الأَرْوَاحُ جَرَّتْ فَضْلَ ذَيْلٍ

عَلَى الآيَاتِ مِنْكِ فَقَدْ بَلِيْنَا
بِكُلِّ غَمَامَةٍ سَجَمَتْ عَلَيْهَا

تُرَجِّعُ بَعْدَ إِرْزَامٍ حَنِيْنَا
فَأَبْقَتْ مِنْكِ آيَكِ مِثْلَ سَطْرٍ

عَلَى مَدْفُونِ رَقٍّ لَنْ يَبِيْنَا
فَخِلْتُ دَوادِيَ الوِلْدَانِ هَاءً

إلَى أُخْرَى، وخِلْتُ النُّؤْيَ نُوْنَا
10   إِلَى شَعْثِ الذَّوَائِبِ ذِي غِلالٍ

يَبُثُّ النَّاظِرِيْنَ لَهُ شُجُونَا
وسُفْعٍ عَارِيَاتٍ حَوْلَ هَابٍ

شَكَوْنَ القَرَّ إنْ لَمْ يَصْطَلِيْنَا
تَرَى أَقْفَاءهَا بِيْضًا وحُمْرًا

وأَوْجُهَهَا لِمَا صُلِّيْن جُوْنَا
وبَدَّلَكِ الزَّمَانُ بِمِثْلِ هِنْدٍ

لِطُوْلِ العَهْدِ أَطْلاءً وعِيْنَا
وإِلاَّ تَرْجِعِنَّ لَنَا جَوَابًا

فَإنَّا بِالجَوَابِ لَعَارِفُونَا
كَأَنِّي بِالحُمُولِ وقَدْ تَرَامَتْ

بِأمْثَالِ النِّعَاجِ وقَدْ حُدِيْنَا
وقَدْ جَعَلُوا مُطَارِ لَهَا شِمَالاً

كَمَا جَعَلُوا لَهَا حَضَنًا يَمِيْنَا
فَخُلْنَ، وقَدْ زَهَاهَا الآلُ، نَخْلاً

بِمَسْلَكِهَا دَوالِحَ أَوْ سَفِيْنَا
فَأضْحَتْ مِنْ زُبَالَةَ بَيْنَ قَوْمٍ

إلَى عُلْيَا خُزَيْمَةَ يَعْتَزُونَا
وظَنَّ قَبِيْلُهَا أَسْيَافَ قَوْمِي

يَهَبْنَ الخِنْدِفِيْنَ إِذَا انْتُضِيْنَا
20  لَقَدْ جَهِلُوا جَهَالَةَ عَيْرِ سُوْءٍ

بِسِفْرٍ عَاشَ يَحْمِلُهُ سِنِيْنَا
لَقَدْ جُعِلُوا طَعَامَ سُيُوفِ قَوْمِي

فَمَا بِسِوَى أُولَئِكَ يَغْتَذِيْنَا
كَمَا الجِرْذَانُ للسِّنَّورِ طُعْمٌ

ولَيْسَ بِهَائِبٍ مِنْهَا مِئِيْنَا
كَمَا جُعِلَتْ دِمَاؤُهُمُ شَرَابًا

لَهُنَّ بِكُلِّ أَرْضٍ مَا ظَمِيْنَا
فَلَو يَنْطِقْنَ قُلْنَ: لَقَدْ شَبِعْنَا

بِلَحْمِ الخِنْدِفِيْنَ كَمَا رَوِيْنَا
وأَضْحَكْنَا السِّبَاعَ بِمُقْعَصِيْهَا

وأَبْكَيْنَا بِهَا مِنْهَا العُيُونَا
فَصَارَ البَأْسُ بَيْنَهُمُ رَدِيْدًا

لِعُدْمِهِمُ مِنَ الخَلْقِ القَرِيْنَا
كَأَكْلِ النّارِ مِنْها النَّفْسَ، أَنْ لَمْ

تَجِدْ حَطَبًا، وبَعْضَ المُوقِدِيْنَا
إذًا لَمْ يَسْكُنِ الغَبْرَاءَ خَلْقٌ

مِنَ الثَّقَلَيْنِ  عِلْمِيْ  مَا بَقِيْنَا
سِوَانَا يَالَ قَحْطَانَ بْنِ هُوْدٍ

لأَنَّا لِلْخَلاَئِقِِ قَاهِرُونَا
30 ونَحْنُ طِلاَعُ عَامِرِهَا، وإِنَّا

عَليْهِ لِلثَّرَاءِ المُضْعِفُونَا
وصِرْنَا إِذْ تَضَايَقَ في سِوَاهُ

مِنَ العَافِي الخَرَابِ لَهَا سُكُونَا
فَأصْبَحَ مَنْ بِهَا مِنْ غَيْرِ قَوْمِي

بِهَا، حَيْثُ، انْتَهَوا مُتَخَفِّرِيْنَا
كَأنَّهُمُ إِذَا نَظَرُوا إِلَيْنَا

لِذِلَّتِهِمْ قُرُوْدٌ خِاسِئُونَا
نَذَمُّ لَهُمْ بِسَوْطٍ حَيْثُ كَانُوا

فَهُمْ مَادَامَ فِيْهِمْ آمِنُونَا
فَإنْ عَدِمُوْهُ أَوْ عَدِمُوا مَقَامًا

لِوَاحِدِنَا فَهُمْ مُتَخَطَّفُونَا
ولَوْلاَ نَبْتَغِي لَهُمُ بَقَاءً

لَقَدْ لاقَوا بِبَطْشَتِنَا المَنُونَا
أَوِ اسْتَحْيَوا، عَلَى ذُلٍّ، فَكَانُوا

كَأَمْثَالِ النِّعَالِ لِوَاطِئِينَا
ولَكِنَّ الفَتَى، أَبَدًا، تَرَاهُ

بِمَا هُوَ مَالِكٌ، حَدِبًا ضَنِيْنَا
فَرُوِّيَ عَظْمُ يَعْرُبَ، في ثَرَاهُ،

مِنَ الفَرْغَيْنِ، وَاكِفَةً هَتُوْنَا
40  أَبِي القَرْمَينِ: كَهْلاَنٍ أَبِيْنَا،

وحِمْيَرَ عَمِّنَا وأَخِي أَبِيْنَا
كما نَجَلَ المُلُوْكَ وكَلَّ لَيْثٍ

شَدِيْدِ البَأسِ، مَا سَكَنَ العَرِيْنَا
ولَكِنْ قَدْ تَرَى مِنْهُ إِذَا مَا

تَعَصَّى السَّيْفَ ذَا الأَشْبَالِ دُوْنَا
وذَاكَ إذَا نُسِبْنَا يَوْمَ فَخْرٍ

يَنَالُ بِبِعْضِهِ العُلْيَا أَبُونَا
بِهِ صِرْنَا لأَدْنَى مَا حَبَانَا

مِنَ المَجْدِ الأَثِيْلِ مُحَسَّدِيْنَا
تَمَنَّى مَعْشَرٌ أَنْ يَبْلُغُوهُ

فأَضْحَوا لِلسُّهَا مُتَعَاطِيِيْنَا
وأَهْلُ الأَرْضِ لَوْ طَالُوا وطَالُوا

فَلَيْسُوا لِلْكَوَاكِبِ لامِسِيْنَا
فَلَمَّا لَمْ يَنَالُوا ما تَمَنَّوا

وصَارُوا للتَّغَيُّظِ كاظِميْنَا
أَبَانُوا الحِسْدَ والأَضْغَانَ مِنْهُمْ

فَصَارُوا للجَهَالَةِ سَاقِطِيْنَا
وغَرَّهُمُ نُبَاحُ الكَلْبِ مِنْهُمْ

وظَنُّونَا لِكَلْبٍ هَائِبِيْنَا
50  وإِنْ تَنْبَحْ كِلابُ بَنِيْ نِزَارٍ

فَإِنَّا للنَّوَابِحِ مُجْحِرُونَا
ونُلْقِمُهَا، إذا أَشْحَتْ، شَجَاهَا

لِيَعْدِمْنَ الهَرِيْرَ، إذَا شَحِيْنَا
ونَحْنُ لِنَاطِحِيْهِمْ رَعْنُ طَوْدٍ

بِهِ فُلَّتْ قُرُونُ النَّاطِحِيْنَا
ولَوْ عَلِمُوا بِأَنَّ الجَوْرَ هُلْكٌ

لَكَانُوا في القَضِيَّةِ عَادِلِيْنَا
ولَيْسَ بِشَاهِدِ الدَّعْوَى عَلَيْهَا

ولا فِيْهَا يَفُوزُ الخَاصِمُونَا
ولَوْ عَلِمُوا الَّذِي لَهُمُ، ومَاذَا

عَليْهمْ مِنْهُ، كَانُوا مُنْصِفِيْنَا
ولَوْ عَرَفُوا الصَّوَابَ بِمَا أَتَوْهُ

لَمَا كَانُوا بِجَهْلٍ نَاطِقِيْنَا
وكَانُوا لِلْجَوَابِ بِمَا أَذَاعُوا

عَلَى أَخْوَالِهِمْ مُتَوَقِّعِيْنَا
فَكَمْ قَومٍ شَرَوا خَرَسًا بِنُطْقٍ

لمُرْغِمِهِ الجَوَابَ مُحَاذِرِيْنَا
فَمَا وَجَدُوا رَعَاعًا يَوْمَ حَفْلٍ

ولا عِنْدَ الهِجَاءِ مُفَحَّمِيْنَا

60 ولا وَجَدُوا غَداةَ الحَرْبِ عُزْلاً

لِحَدِّ سُيُوفِهِمْ مُتَهَيِّبِيْنَا
ولَكِنْ، كُلَّ أَرْوَعَ يَعْرُبِيٍّ

يَهُزُّ بِكَفِّهِ عَضْبًا سَنِيْنَا
يُعَادِلُ شَخْصُهُ في الحَرْبِ جَيْشًا

وأَدْنَى كَيْدِهِ فِيْهَا كَمِيْنَا
ودَامِغَةٍ كَمِثْلِ الفِهْرِ تَهْوِي

عَلَى بَيْضٍ فَتَتْرُكُه طَحِيْنَا
تَرُدُّ الطُّوْلَ للأَسَدِيِّ عَرْضًا

وتَقْلِبُ مِنْهُ أَظْهُرَهُ بُطُونَا
فَيَا أَبْنَاءَ قَيْذَرَ عُوْا مَقَالِي

أَيَحْسُنُ عِنْدَكَمْ أَنْ تَشْتُمُونَا؟
ونَحْنُ وُكُوْرُكُمْ في الشِّرْكِ قِدْمًا

وفي الإِسْلامِ نَحْنُ النَّاصِرُونَا
ونَحْنُ لِعِلْيَةِ الآبَاءِ مِنْكُمْ

بِبَعْضِ الأُمَّهَاتِ مُشَارِكُونَا
كَمَا شَارَكْتُمُ في حِلِّ قَومِي

بِحُورِ العِيْنِ، غَيْرَ مُسَافِحِيْنَا
فَلاَ قُرْبَى رَعَيْتُمْ مِنْ قَرِيْبٍ

ولا لِلْعُرْفِ أَنْتُمْ شَاكِرُونَا
70 وكَلَّفْتُمْ كُمَيْتَكُمُ هِجَاءً

لِيَعْرُبَ بالقَصَائِدِ مُعْتَدِيْنَا
فَبَاحَ بِمَا تَمَنَّى إِذْ تَوَارَى

طِرِمَّاحٌ بِمُلْحَدِهِ دَفِيْنَا
وكَانَ يَعِزُّ ـ وَهْوَ أَخُو حَيَاةٍ ـ

عَلَيْهِ الذَّمُّ لِلْمُتَقَحْطِنِيْنَا
ولَسْتُمْ عَادِمِيْنَ بِكُلِّ عَصْرٍ

لَنَا إِنْ هِجْتُمُ مُتَخَمِّطِيْنَا
وسَوْفَ نُجِيْبُهُ، بِسِوَى جَوابٍ

أَجابَ بِهِ ابْنُ زِرٍّ، مُوْجِزِيْنَا
وغَيْرِ جَوَابِ أَعْوَرَ كَلْبَ، إِنَّا

مِنَ المَجْدِ المُؤَثَّلِ مُوْسَعُونَا
وقَدْ قَصَرَا، ولَمَّا يَبْلُغَا مَا

أَرَادَا مِنْ جَوابِ الفَاضِلِيْنَا
وكُثِّرَ حَشْوُ ما ذَكَرُوا ولَمَّا

يُصِيْبَا مَقْتَلاً لِلآفِكِيْنَا
وخَيْرُ القَوْلِ أَصْدَقُهُ كَمَا إِنْ

نَ شَرَّ القَوْلِ كِذْبُ الكَاذِبِيْنَا
وما عَطِبَ الفَتَى بالصِّدْقِ يَوْمًا

ولا فَاتَ الفَتَى بِالكِذْبِ هُوْنَا
80 فَلا يُعْجِبْكُمُ قَوْلُ ابْنِ زَيْدٍ

فَمَا هُوَ قَائِدٌ لِلشَّاعِرِيْنَا
ولا وَسَطًا يُعَدُّ، ولا إِلَيْهِ،

ولَكِنْ كَانَ بَعْضَ الأَرْذَلِيْنَا
لَقَدْ سَرَقَ ابْنَ عابِسَ بَعضَ شِعْرٍ

«قِفُوا بالدَّارِ وِقْفَةَ حَابِسِيْنَا»
وما قِدَمُ الفَتَى إِنْ كَانَ فَدْمًا

يَكُونُ بِهِ مِنَ المُتَقَدِّمِيْنَا
ولا تَأْخِيْرُهُ إِنْ كَانَ طَبًّا

يَكُونُ بِهِ مِنَ المُتَأَخِّرِيْنَا
ونَحْنُ مُحَكِّمُوْنَ مَعًا وأَنْتُمْ

بِمَا قُلْنَا وقُلْتُمْ، آخَرِيْنَا
فِإنْ حَكَمُوا لَنَا طُلْنَا، وإِنْ هُمْ

لَكُمْ حَكَمُوا، فَنَحْنُ الأَقْصَرُونَا
أَلاَ إِنَّا خُلِقْنَا مِنْ تُرَابٍ

ونَحْنُ مَعًا إِلَيْهِ عَائِدُونَا
وأَنْ لَسْتُمْ بِأَنْقَصَ مَنْ رَأَيْتُمْ

ولا أَهْلُ العُلُوِّ بِكَامِلِيْنَا
ومَا افْتَخَرَ الأَنَامُ بِغَيْرِ مُلْكٍ

قَدِيْم،ٍ أَوْ بِدِيْنٍ مُسْلِمِيْنَا
90 ومَا بِسِوَاهُمَا فَخْرٌ، وإِنَّا

لِذَلِكَ، دُونَ كُلٍّ، جَامِعُونَا
ألَسْنَا السَّابِقِينَ بِكُلِّ فَخْرٍ

ونَحْنُ الأَوَّلُونَ الأَقدَمُونَا
ونَحْنُ العَارِبُونَ فَلاَ تَعَامَوا

وأَنْتُمْ بَعْدَنا المُسْتَعْرِبُونَا
تَكَلَّمْتُمْ بِأَلْسُنِنَا فَصِرْتُمْ

بِفَضْلِ القَوْمِ مِنَّا، مُفْصِحِيْنَا
مَلَكْنَا، قَبْلَ خَلْقِكُمُ، البَرايَا

وكُنَّا، فَوْقَهُمْ، مُتَأَمِّرِيْنَا
فَلَمَّا أَنْ خُلِقْتُمْ لَمْ تَكُونُوا

لَنَا في أمْرِنَا بِمُخَالِفِيْنَا
وكُنْتُمْ في الَّذِي دَخَلَ البَرَايَا

بِطَوْعٍ أَوْ بِكَرْهٍ دَاخِلِيْنَا
ومَا زِلْتُمْ لنَا، في كُلِّ عَصْرٍ،

مَلَكْنَا أَوْ مَلَكْتُمْ، تَابِعِيْنَا
أَعَنَّاكُمْ بِدَوْلَتِكُمْ، ولَمَّا

نُرِدْ مِنْكُمْ، بدَوْلَتِنَا، مُعِيْنَا
لِفَاقَتِكُمْ إِليْنَا إِذْ حَسَرْتُمْ

وإِنَّا عَنْ مَعُونَتِكُمْ غَنِيْنَا
100 وإِنَّا لَلَّذِيْنَ عَرَفْتُمُوهُ

لَكُمْ في كُلِّ هَيْجٍ قَاهِرِيْنَا

وإِنَّا لَلَّذيْنَ عَلِمْتُمُوهُ

لَكُمْ، في كُلِّ فَخْرٍ، فَائِتِيْنَا
يَراكُمْ بَيْنَ قَومِي مَنْ يَرَاكُمْ

كَمِلْحِ الزَّادِ، لا بَلْ تَنْزُرُونَا
ونَحْنُ أَتَمُّ أَجْسَامًا ولُبًّا

وأَعْظَمُ بَطْشَةً في البَاطِشِيْنَا
سَنَنَّا كُلَّ مَكْرُمَةٍ فَأَضْحَتْ

لِتَابِعِنَا مِنَ الأَدْيَانِ دِيْنَا
ولَوْلاَ نَحْنُ لم يَعْرِفْ جَمِيْلاً

ولا قُبْحًا، جَمِيْعُ الفَاعِلِيْنَا
وعَرَّفْنَا المُلُوْكَ بِكُلِّ عَصْرٍ

بِآسَاسِ التَّمَلُّكِ، مُنْعِمِيْنَا
وعَوَّدْنَا التَّحِيَّةَ تابِعِيْهِمْ

ومَا كَانُوا لَهَا بِمُعَوَّدِيْنَا
وإِلاَّ فَانْظُرُوا الأَمْلاكَ تَلْقَوا

جَمِيْعَهُمُ بِقَوْمِي مُقْتَدِيْنَا
وسَنَّنَّا النَّشِيْطَةَ والصَّفَايَا

ومِرْبَاعَ الغَنَائِمِ غَانِمِيْنَا
110 وبَحَّرْنَا وسَيَّبْنَا قَدِيْمًا

فَمَا كُنْتُمْ لِذَاكَ مُغَيِّرِيْنَا
فَكُنْتُمْ لِلُّحَيِّ كَطَوْعِ كَفٍّ

وكُنْتُمْ لِلنَّبِيِّ مُعَانِدِيْنَا
وأَحْدَثْنَا الأَسِنَّةَ حِيْنَ كَانَتْ

أَسِنَّةُ آلِ عَدْنَانٍ قُرُونَا
وآلاتِ الحُرُوْبِ مَعًا بَدَعْنَا

وفِيْنَا سُنَّةُ المُتَبَارِزِيْنَا
وأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ بِأَنْ مَلَكْنَا

بِسَاطَ الأَرْضِ غَيْرَ مُشَارَكِيْنَا
ونِصْفَ السَّقْفِ مِنْهَا غَيْرَ شَكٍّ

إِلَيْنَا لِلتَّيَمُّنِ تَنْسُبُونَا
مِنَ الغَفْرَيْنِ حَتَّى الحُوْتِ طُوْلاً

وعَرْضًا في الجَنُوْبِ بِمَا وَلِيْنَا
ومُلْقِحَةُ السَّحَابِ لَنَا، ومِنَّا

مَخَارِجُهَا، ومِنَّا تُمْطَرُونَا
وما بِحِذَاءِ ضَرْعِ الجَوِّ قَوْمٌ

سِوَانَا، مُنْجِدِيْنَ ومُتْهِمِيْنَا
لَنَا مَطَرُ المَقِيْظِ بشَهْرِ آبٍ

وتَمُّوْزٍ، وأَنْتُمْ مُجْدِبُونَا
120 يَظَلُّ بِصَحْوَةٍ ويَصُوبُ فِيْنَا

زَوَالَ الشَّمْسِ غَيْرَ مُقَتَّرِيْنَا
ونَزْرَعُ بَعْدَ ذاكَ عَلَى ثَرَاهُ

ونَحْصِدُ والثَّرَى قَدْ حَالَ طِيْنَا
عَلَى أَنْ لَم يُصِبْهُ سِوَى طِلالٍ

شُهُوْرًا ثُمَّ نُصْبِحُ مُمْطَرِيْنَا
وِأَنْفَسُ جَوْهَرٍ لِلأَرْضِ فِيْنَا =

مَعَادِنُهُ غَنَائِمُ غَانِمِيْنَا
وأَطْيَبُ بَلْدَةٍ لا حَرَّ فِيْهَا

ولا قَرَّ الشِّتَاءِ مُحَاذِرِيْنَا
بِهَا إِرَمُ الَّتي لَمْ يَخْلُقِ اللَّـ

ـهُ، مُشْبِهَهَا بِدَارِ مُفَاخِرِيْنَا
وإِنْ عُدَّتْ أَقَالِيْمُ النَّواحِي

فَأَوَّلُهَا، بِزَعْمِ الحَاسِبِيْنَا،
لَنَا، ولَنَا جِنَانُ الأَرْضِ جَمْعًا

ونَارُ الحُكْمِ غَيْرَ مُكَذَّبِيْنَا
فَأَيَّ المَجْدِ إِلاَّ قَدْ وَرِثْنَا

وأَيَّ العِزِّ إِلاَّ قَدْ وَلِيْنَا
وأَ[وْ]ضَحْنَا سَبِيْلَ الجُوْدِ حَتَّى

أَبَانَتْ في الدُّجَى لِلْسَّالِكِيْنَا
130 ولَوْلاَ نَحْنُ مَا عُرِفَتْ لأَنَّا

إِلى سُبِلِ المَكَارِمِ سَابِقُونَا
ومَا أَمْوَالُنَا فِيْنَا كُنُوْزًا

إِذَا اكْتَنَزَ الوُفُوْرَ الكَانِزُونَا
ولَكِنْ للوُفُوْدِ وكُلِّ جَارٍ

أَرَقَّ ولِلضُّيُوفِ النَّازِلِيْنَا
نُعِدُّ لَهمْ مِنَ الشِّيْزَى جِفَانًا

كَأَمْثَالِ القِلاتِ إِذَا مُلِيْنَا
فَمِنْ شِقٍّ يَنَالُ الرَّكْبُ مِنْهَا

ومِنْ شِقٍّ يَنَالُ القَاعِدُونَا
تَلَهَّمُ نِصْفَ كُرٍّ مِنْ طَعَامٍ

وكَوْمَاءَ العَرِيْكَةِ أَوْ شَنُوْنَا
عَبِيْطَةَ مَعْشَرٍ لَمَّا يَكُوْنُوا

بِأَزْلاَمٍ عَلَيْهَا يَاسِرِيْنَا
ومَا نَزَلَتْ لَنَا في الدَّهْرِ قِدْرٌ

عَنِ الأُثْفَاةِ، أَجْلَ الطَّارِقِيْنَا
فَمَا لَيْلُ الطُّهَاةِ سِوَى نَهَارٍ

لَدَيْنَا ذَابِحِيْنَ وطَابِخِيْنَا
وأَكَلُبُنَا يَبِتْنَ بِكُلِّ رِيْعٍ

لِمَنْ وَخَّى المَنَازِلَ يَلْتَقِيْنَا

140 فَبَعْضٌ بالبَصَابِصِ مُتْحِفُوهُ

وبَعْضٌ نَحْوَنَا، كَمُبَشِّرِيْنَا
لِمَا قَدْ عُوِّدَتْ وجَرَتْ عَلَيْهِ

لِوَفْدٍ عِنْدَنَا لا يُفْقَدُونَا
تَرَاهُمْ عِنْدَ طَلْعَتِهِمْ سَوَاءً

وأَمْلاكًا عَلَيْنَا مُنْزَلِيْنَا
ومَا كُنَّا كَمِثْلِ بَنِيْ نِزَارٍ

لأَطْفَالِ المُهُودِ بِوَائِدِيْنَا
ومَا أَمْوالُنَا مِنْ بَعْدِ هَذَا

سِوَى بِيْضِ الصَّفَائِحِ، ما غُشِيْنَا
وأَرْمَاحٍ مُثَقَّفَةٍ رِوَاءٍ

بِتَامُورِ القُلُوْبِ مَعَ الكُلِيْنَا
ومُشْطَرَةٍ مِنَ الشَّرْيَانِ زُوْرٍ

كَسَوْنَاهُنَّ مَرْبُوعًا مَتِيْنَا
بِهِ عِنْدَ الفِرَاقِ لِكُلِّ سَهْمٍ

يَكُونُ بِزَوْرِهَا يُعْلِي الرَّنِيْنَا
وجُرْدٍ كَانَ فِيْنَا لا سِوَانَا

مَعَارِقُهَا مَعًا، ولَنَا افْتُلِيْنَا
ومِنَّا صِرْنَ في سَلَفَيْ نِزَارٍ

لِمَا كُنَّا عَليَهِ حَامِليْنَا
150 رَبَطْنَاهَا لِنَحْمِلَهُمْ عَلَيْهَا

إِذا وَفَدُوا ونَحْمِي مَا يَلِيْنَا
ولَوْلاَ نَحنُ مَا عَرَفُوا سُرُوْجًا

ولا كَانُوا لَهُنَّ مُلَجِّمِيْنَا
عَلَوْنَاهُنَّ قَبْلَ الخَلْقِ طُرًّا

وصَيَّرْنَا مَرَادِفَهَا حُصُونَا
تُرَاثُ شُيُوُخِ صِدْقٍ لَمْ يَزالُوا

لَهَا مِمَّنْ تَقَدَّمَ وَارِثِيْنَا
يَظَلُّ النَّاسُ مِنْ فَرَقٍ إِذَا مَا

عَلَوْنَاهُنَّ في شِكَكٍ ثُبِيْنَا
ونَمْنَعُ جَارَنَا مِمَّا مَنَعْنَا

ذَوَاتِ الدَّلِّ مِنْهُ والبَنِيْنَا
ومَا هُمْ عِنْدَنَا بِأعَزَّ مِنْهُمْ

نَقِيْهِمْ بالنُّفُوسِ ولَو رَدِيْنَا
ونَكْظِمُ غَيْظَنَا أَلاَّ يَرَانَا

عَدُّوٌ أَوْ مُحِبٌّ، طَائِشِيْنَا
وعَلَّ بِكُلِّ قَلْبٍ مِنْ جَوَاهُ

لِذَاكَ الغَيْظِ نَارًا تَجْتَوِيْنَا
نَصُوْنُ بِذَاكَ حِلْمًا ذَا أَوَاخٍ

رَسَا فِيْهَا حِرَاءُ وطُورُ سِيْنَا
160 نَظَلُّ بِهِ إِذًا، مَا إنْ حَضَرْنَا

جَمَاعَةَ مَحْفِلٍ، مُتَتَوِّجِيْنَا
ولَسْنَا مُنْعِمِيْنَ بِلا اقْتِدَارٍ

ونِعْمَ العَفْوُ عَفْوُ القَادِرِيْنَا
وإِنْ نَعْصِفْ بِجَبَّارٍ عَنِيْدٍ

يَصِرْ بَعْدَ التَّجَبُّرِ مُسْتَكِيْنَا
كَعَصْفَتِنَا بِمَنْ عَلِمَوا قَدِيْمًا

مِنَ الخُلَفَاءِ لَمَّا سَاوَرُونَا
ولَسْنَا حَاطِمِيْنَ إِذَا عَصَفْنَا

سِوَى الأَمْلاكِ والمُتَعَظِّمِيْنَا
كَعَصْفِ الرِّيْحِ يَعْقِرُ دَوْحَ أَرْضٍ

ولَيْسَ بِعَاضِدٍ مِنْهَا الغُصُونَا
ونَغْدُو بِاللُّهَامِ المَجْرِ، يُغْشِي

بِلَمْعِ البَيْضِ مِنْهُ، النَّاظِرْينَا
فَنَتْرُكُ دَارَ مَنْ سِرْنَا إِلَيْهِ

تَئِنُّ لَدَى القُفُولِ بِنَا أَنِيْنَا
وقَدْ عُرِكَتْ فَسَاوَى الحَزْنُ مِنْهَا

سَبَاسِبَهَا، بِكَلْكَلِ فَاحِسِيْنَا
كَما دَارَتْ رَحًى مِنْ فَوْقِ حَبٍّ

تَدَاوَلُهَا أَكُفُّ المُسْغَبِيْنَا
170 فَأَصْبَحَ مَا بِهَا لِلرِّيْحِ نَهْبًا

[كَمَا] انْتَهَبَتْ، لخِفَّتِهِ، الدَّرِيْنَا
سِوَى مَنْ كَانَ فِيْهَا مِنْ عَرُوْبٍ

تُفَتِّرُ، عِنْدَ نَظْرتِهَا، الجُفُونَا
فإِنَّا مُنْكِحُو العُزَّابِ مِنَّا

بِهِنَّ لأَنْ يَبِيْتُوا مُعَرِسِيْنَا
بِلاَ مَهْرٍ كَتَبْنَاهُ عَلَيْنَا

ومَا كُنَّا لَهُنَّ بِمُحْصِرِيْنَا
سِوَى ضَرْبٍ كَأَشْدَاقِ البَخَاتِي

مِنَ الهَامَاتِ، أَو يَرِدُ المُتُونَا
تَرَى أَرْجَاءهُ، مِمَّا تَنَاءتْ،

وأَرْغَبَ كَلْمِهَا لا يَلْتَقِيْنَا
وطَعْنٍ مِثْلِ أَبْهَاءِ الصَّيَاصِي

وأَفْوَاهِ المَزَادِ إِذَا كُفِيْنَا
تَرَى مِنْها إِذَا انْفَهَقَتْ بِفِيْهَا

مِنَ الخَضْرَاءِ بَاعًا مُسْتَبِيْنَا
ولَسْنَا للغَرائِبِ مُنْذُ كُنَّا

بِغَيْرِ شَبَا الرِّمَاحِ، بِنَاكِحِيْنَا
ومَا بَرزَتْ لَنَا يَوْمًا كَعَابٌ

فَتَلْمَحَهَا عُيُونُ النَّاظِرِيْنَا
180 ولا أَبْدَى مُخَلْخَلَهَا ارْتِيَاعٌ

لأِنَّا لِلْكَواعِبِ مَانِعُونَا
ولا ذَهَبَ العَدُوُّ لَنَا بِوِتْرٍ

فَأَمْسَيْنَا عَلَيْهِ مُغَمِّضِيْنَا
نُضَاعِفُهُ إِذَا مَا نَقْتَضِيْهِ

كإِضْعَافِ المُعَيِّنَةِ الدُّيُونَا
وقَدْ تَأْبَى قَنَاةُ بَنِيْ يَمَانٍ

عَلَى غَمْزِ العُدَاةِ بِأَنْ تَلِيْنَا
كَمَا تَأْبَى الصُّدُوْعَ لَهُمْ صَفَاةٌ

تُحِيْطُ بِهَا فُؤُوْسُ القَارِعِيْنَا
وكَبْشِ كَتِيْبَةٍ قَدْ عَادَلَتْهُ

بِأَلْفٍ، في الحديْدِ مُدَجَّجِيْنَا
أُتِيْحَ لَهُ فَتًى مِنَّا كَمِيٌّ

فَأَرْدَاهُ وأَرْكَبَهُ الجَبِيْنَا
وغَادَرَهُ كَأَنَّ الصَّدْرَ مِنْهُ

وكَفَّيْهِ، بِقِنْدِيْدٍ طُلِيْنَا
تَظَلُّ الطَّيْرُ عَاكِفَةً عَلَيْهِ

يُنَقِّرْنَ البَضِيْعَ ويَنْتَقِيْنَا
وأَبْقَيْنَا مَآتِمَ حَاسِرَاتٍ

عَلَيْهِ يَنْتَزِيْنَ ويَسْتَفِيْنَا
190 فَكَيْفَ نَكُوْنُ في زَعْمِ ابْنِ زَيْدٍ

عَلَى هَذَا: «كَشَحْمَةِ مُشْتَوِيْنَا»؟
ونَحْنُ لِلَطْمَةٍ وَجَبَتْ عَلَيْنَا

دَخَلْنَا النَّارَ عَنْهَا هَازِئِيْنَا
ونَحْنُ المُرْجِفُوْنَ لأَرْضِ نَجْدٍ

بِأَنْفِ قُضَاعَةٍ والمَذْحِجِيْنَا
فَمَادَتْ تَحْتَنَا لَمَّا وَطِئْنَا

عَلَيْهَا وَطْأةَ المُتَثَاقِلِيْنَا
أَبَلْنَا الخَيْلَ فِيْهَا غَيْرَ يَوْمٍ

وظَلَّتْ في أَطِلَّتِهَا صُفُونَا
ورُحْنَ، تَظُنُّ مَا وَطِئَتْهُ ماءً

يَموُجُ مِنَ الوَجَى في الخَطْوِ طِيْنَا
ورُحْنَا مُرْدِفِيْنَ مَهَا رُمَاحٍ

تُقَعْقِعُ عِيْسُنَا مِنْهَا البُرِيْنَا
تَنَظَّرُ وَفْدَ مَعْشَرِهَا عَلَيْنَا

لِمَنٍّ أَوْ نِكَاحٍ تَمَّ فِيَنْا
ونَحْنُ المُقْعِصُونَ فَتَى سُلَيْمٍ

عُمَارةَ بالغُمَيْرِ مُصَبِّحِيْنَا
وحَمَّلْنَا بَنِيْ العَلاَّقِ جَمْعًا

بِعِتْقِ أَخِيْهِمُ حِمْلاً رَزِيْنَا

200 وطَوَّقْنَا الجَعَافِرَ في لَبِيْدٍ

بِطَوْقٍ كَانَ عِنْدَهُمُ ثَمِيْنَا
ولَمْ نَقْصِدْ لِوَجٍّ، إِنَّ فِيْهَا

ـ فَلاَ قَرُبَتْ ـ مَحَلَّ الرَّاضِعِيْنَا
وغَادَرْنَا بَنِي أَسَدٍ بِحُجْرٍ

وقَد ثُرْنَا حَصِيْدًا خامِدِيْنَا
كَمِثْلِ النَّخْلِ مَا انْقَعَرَتْ، ولَكِنْ

بِأَرْجُلِهِمْ تَرَاهُمْ شَاغِرِيْنَا
تَقَوَّتُهُمْ سِبَاعُ الأَرْضِ حَوْلاً

طَرِيًّا، ثُمَّ مُخْتَزَنًا قَيِيْنَا
وزَلْزَلْنَا دِيَارَهُمُ فَمَرَّتْ

تُبَادِرُنَا بِأَسْفَلِ سَافِلِيْنَا
بِمُضْمَرَةٍ، تُقِلُّ لُيُوْثَ هَيْجٍ،

عَلَى صَهَواتِهَا، مُسْتَلْئِمِيْنَا
تَظَلُّ، عَلَى كَوَاثِبِهَا، وَشِيْجٌ = كَأَشْطَانٍ بِأَيْدِيْ مَاتِحِيْنَا
ومَا قَتَلُوا أَخَانَا، يَوْمَ هَيْجٍ،

فَنَعْذُرَهُمْ، ولَكِنْ غَادِرِيْنَا
ومَا كَانَتْ بَنُو أَسَدٍ فَغُرُّوا

بِجَمْرَةِ ذِيْ يَمَانٍ، مُصْطَلِيْنا
210 أَلَيْسُوا جِيْرَةَ الطَّائِيْنَ مِنَّا

بِهِمْ كَانُوا قَدِيْمًا يُعْرَفُونَا
هُمُ كَانُوا قَدِيْمًا قَبْلَ هَذَا

لإِرْثِهِمُ لِهَالِكِهِمْ قُيُونَا
وحَسْبُكَ حِلْفُهُمْ عَارًا عَلَيْهِمْ

وهُمْ كَانُوا لِذَلِكَ طَالِبِيْنَا
ولَوْ قَامَتْ، عَلَى قَوْمٍ، بِلَوْمٍ

جَوارِحُهُمْ، مَقَامَ الشَّاهِدِيْنَا
إِذًا، قَامَتْ عَلَى أَسَدٍ وحَتَّى

ثِيَابُهُمُ اللَّوَاتِيْ يَلْبَسُونَا
بِلَوْمٍ، لا تَحِلُّ بِهِ صَلاةٌ

بِهِ أَضْحَوا لَهُنَّ مُدَنِّسِيْنَا
ولَيْسَ بِزائِلٍ عَنْهُمْ إِلَى أَنْ

تَرَاهُمْ كَالأَفَاعِي خَالِسِيْنَا
ولاسِيَمَا بَنِي دُوْدَانَ مِنْهَا

وكَاهِلِهَا إِذَا ما يُجْبَرُونَا

وهُمْ مَنُّوا، بِإِسْلامٍ رَقِيْقٍ،

عَلَى رَبِّيْ، ولَيْسُوا مُخْلِصِيْنَا
وثُرْنَا بِابْنِ أَصْهَبَ وابْنِ جَوْنٍ

فَكُنَّا حِيْنَ ثُرْنَا مُجْحِفِيْنَا
220 فَخَرَّتْ جَعْدَةٌ، بِسُيُوفِ قَوْمِيْ،

وضَبَّةُ، حِيْنَ ثُرْنَا، سَاجِدِيْنَا
وآلُ مُزَيْقِيَا، فَلَقَدْ عَرَفْتُمْ

قِرَاعَهُمُ، فَكُرُّوا عَائِدِيْنَا
ويومَ أُوَارَةَ الشَّنْعَاءِ ظَلْنَا

نُحَرِّقُ بِابْنِ سَيِّدِنَا مِئِيْنَا
ودَانَ الأَسْوَدُ اللَّخْمِيُّ مِنْكُمْ

بَنِي دُوْدَانَ والمُتَرَبِّبِيْنَا
بِيَوْمٍ يَتْرُكُ الأَطْفَالَ شِيْبًا

وأَبْكَارَ الكَوَاعِبِ مِنْهُ عُوْنَا
وصَارَ إِلَى النِّسَارِ يُدِيْرُ فِيْكُمْ

مُطَحْطَحَةً لِمَا لَهِبَتْ طَحُونَا
فَقَامَ بِثَأْرِ بَعْضِكُمُ وبَعْضٌ

أَحَلَّ بِهِ مُشَرْشَرَةً حَجُونَا
وأَشْرَكَ طَيِّئًا فِيْهَا فَجَارَتْ

رِمَاحُهُمُ عَلَى المُتَمَعْدِدِيْنَا
أَدَارُوا كَأْسَ فاقِرَةٍ عَلَيْكُمْ

فَرُحْتُمْ مُسْكَرِيْنَ ومُثْمَلِيْنَا
وآبُوا بِابْنِ مَالِكٍ القُشَيْرِيْ

فَسَرَّحَ مِنْكُمُ الدَّاءَ الكَنِيْنَا
230 وهُمْ مَنَعُوا الجَرَادَ أَكُفَّ قَوْمٍ

دَعَوْهَا جَارَهُمْ مُتَحَفِّظِيْنَا
وعَنْتَرَةَ الفَوَارِسِ قَدْ عَلِمْتمُ

بِكَفِّ رَهِيْصِنَا لاقَى المَنُونَا
ويَسَّرْنَا شَبَاةَ الرُّمْحِ تَهْوِي

إِلَى ابْنِ مُكَدَّمٍ، فَهَوَى طَعِيْنَا
وأَوْرَدْنَا ابْنَ ظَالِمٍ المَنَايَا

ولَسْنَا لِلْخَتُوْرِ مُنَاظِريْنَا
فَذَاقَ بِنَا أَبُو لَيْلَى رَدَاهُ

وكُنَّا لابْنِ مُرَّةَ خَافِرِيْنَا
أَجَرْنَاهُ مِرَارًا ثُمَّ لَمَّا

تكَرَّهَ ذِمِّةَ الطَّائِيْنَ حِيْنَا
وعَبَّاسُ بْنُ عَامِرٍ السُّلَيْمِيْ

يُ، مِنْ رِعْلٍ، قَتِيْلُ الخَثْعَمِيْنَا
فَليْسَ بِمُنْكَرٍ فِيْكُمْ، وهَذَا

سُلَيْكٌ، قَتْلَهُ لا تُنْكِرُوُنَا
وغَادَرْنَا الضِّبَابَ عَلَى صُمَيْلٍ

يَجُرُّوْنَ النَّوَاصِيَ والقُرُونَا
وفَاتِكَكُمْ تَأَبَّطَ قَدْ أَسَرْنَا

فَأُلْبِسَ، بَعْدَهَا، ذُلاًّ وهُوْنَا
240 وطَاحَ ابْنُ الفُجَاءِ مَطَاحَ سُوْءٍ

تَقَسَّمُهُ رِمَاحُ بَنِيْ أَبِيْنَا
وكَانُوا لِلْقَمَاقِمِ مِنْ تَمِيْمٍ

عَلَى زُرْقِ الأَسِنَّةِ شَائِطِيْنَا
هَوَى، والخَيْلُ تَعْثُرُ في قَنَاهَا،

لِحُرِّ جَبِيْنِهِ في التَّاعِسِيْنَا
ومَا زِلْنَا بِكُلِّ صَبَاحِ حَيْفٍ

نُكِبُّ، عَلَى السُّرُوْجِ، الدَّارِعِيْنَا
ولَمَّا حَاسَ جَوَّابٌ كِلابًا

تَمَنَّعَ فَلُّهُمْ بِالحَارِثِيْنَا
وهُمْ عَرَكُوْهُمُ مِنْ قَبْلِ هَذَا

كَمَا عَرَكَ الإِهَابَ الخَالِقُونَا
وأَسْقَوا يَوْمَ مَعْرَكِهِمْ دُرَيْدًا

بِعَبْدِ اللهِ في كَأْسٍ يَرُونَا
وهُمْ وَرَدُوا الجِفَارَ عَلَى تَمِيْمٍ

لأَبْحُرِ كُلِّ آلٍ خَائِضِيْنَا
فَأُسْجِرَ بَيْنَهُمْ فِيْهَا وَطِيْسٌ

فَصَلَّوْهَا، وظَلُّوا يَصْطَلُوْنَا
وفي يَوْمِ الكُلاَبِ فَلَمْ يُذَمُّوا

عَلَى أَنْ لَمْ يَكُوْنُوا الظَّافِرِيْنَا
250 وقَلَّدَ تَيْمَ أَسْرُهُمُ يَغُوْثًا

مَخَازِيَ، ما دَرَسْنَ، ولا مُحِيْنَا
لِشَدِّهِمُ اللِّسَانَ بِثِنْيِ نِسْعٍ

فَكَانُوا بِالشَّرِيْفِ مُمَثِّلِيْنَا
وهُمْ مَنَعُوا القَبَائِلَ مِنْ نِزَارٍ

حِمَى نَجْرَانَ إِلاَّ زَائِرِيْنَا
ونَحْنُ المُرْحِلُوُنَ جُمُوْعَ بَكْرٍ

وتَغْلِبَ مِنْ تِهَامَةَ نَاقِلِيْنَا
ومَا فَتَكَتْ مَعَدُّ كَمَا فَتَكْنَا

فَتَقْعَصَ بِالرِّمَاحِ التُّبَّعِيْنَا
أَوِ الأَقْوَالَ إِذْ بَذِخُوا عَلَيْهَا

لِمَا كَانُوا لَهَا مُسْتَمْهَنِيْنَا
وكَيْفَ وهُمْ إِذَا سَمِعُوا بِجَيْشٍ

يُسَيَّرُ، أَصْبَحُوا مُتَخَيِّسِيْنَا؟
يَرُوْدُوْنَ البِلادَ مَرَادَ طَيْرٍ

تَرُوْدُ [لِمَا] تُفَرِّخُهُ وُكُوْنَا
فَإِنْ زَعَمُوا بِأَنَّهُمُ لَقَاحٌ

ولَيْسُوا بِالإِتَاوَةِ مُسْمِحِيْنَا
فَقَدْ كَذَبُوا، لأَعْطَوْهَا، وكَانُوا

بِهَا الأَبْنَاءَ دَأْبًا يَرْهَنُوْنَا
260 ولِمْ صَبَرُوا عَلَى أَيَّامِ بُؤْسٍ

لأَهْلِ الحِيْرَةِ المُتَجَبِّرِيْنَا
يَسُومُهُمُ بِهَا النُّعْمَانُ خَسْفًا

وهُمْ في كُلِّ ذَلِكَ مُذْعِنُونَا
ويَبْعَثُ كَبْشَهُ فِيْهِمْ مَنُوْطًا

بِهِ سِكِّيْنُهُ لِلذَّابِحِيْنَا
فمَا أَلْفَاهُمُ بِالكَبْشِ يَوْمًا

فَكَيْفَ بِذِيْ الجُمُوْعِ بِفاتِكَيْنَا؟
فَلمَّا مَاتَ لَمْ يَنْدُبْهُ خَلْقٌ

سِوَاهُمْ بِالقَصِيْدِ مُؤَبِّنِيْنَا
وقَدْ كَانُوا، لَهُ إِذْ كانَ حَيًّا

وخَادِمِهِ عِصامٍ، مَادِحِيْنَا
ويَومَ قُراقِرٍ لَمَّا غَدَرْتُمْ

بِعُرْوَةَ لَمْ تَكُوْنُوا مُفْلَتِيْنَا
عَلَوْناكُمْ بِهِنَّ مُجَرَّدَاتٍ

كَأَمْثالِ الكَوَاكِبِ يَرْتَمِيْنَا
فَمَا كُنْتُمْ لِمَاءِ قُراقِرِيٍّ

مَخافَةَ تِلْكَ يَوْمًا وَارِدِيْنَا
وقَدْ هَمَّتْ نِزَارٌ كُلَّ عَصْرٍ

بِأَنْ تَضْحَى بِعَقْوَتِنَا قَطِيْنَا
لِمَا نَظَرُوا بِهَا حَتَّى تَوَلَّوا

وهُمْ مِنْهُ حَيَارَى بَاهِتُونَا
وقَدْ نَظَرُوا جِنَانًا مِنْ نَخِيْلٍ

ومِنْ كَرْمٍ، وبَيْنَهُمَا، مَعِيْنَا
وأَسْفَلَهَا مَزَارِعَ كلِّ نَبْتٍ،

وأَعْلاهَا المَصَانِعَ والحُصُونَا
وحَلُّوا دَارَ سُوْءٍ لَيْسَ تَلْقَى

بِهَا لِلطَّيْرِ مِنْ شَظَفٍ وُكُوْنَا
فَثُرْنَا في وُجُوْهِهِمُ بِبِيْضٍ

يُطِرْنَ الهَامَ أَمْثَالَ الكُرِيْنَا
وإِنْ خَسَفَتْ مَفَارِقَ طَارَ مِنْهَا

فَرَاشُ الهَامِ شَارِدَةً عِزِيْنَا
وقَالَتْ تَحْتَهُنَّ: قَبٍ وقَقٍّ،

وقَدْ ورَدَتْ مَضَارِبُهَا الشُّؤُونَا
وأَظْهَرْنَا عَلى الأَجْلاَدِ مِنَّا

لُمُوْعَ البَيْضِ، والحَلَقَ الوَضِيْنَا
سَرَابِيْلاً تَخَالُ الآلَ، لَمَّا

تَرَقرَقَ في الفَلاَ مِنْهَا، الغُضُونَا
بِكِدْيَوْنٍ وكُرٍّ أُشْعِرَتْهُ

سَحِيْقًا في مَصَاوِنِهَا جُلِيْنَا
280 ووَقَّاهَا النَّدَى والطَّلَّ حَتَّى

أَضَأْنَ فَمَا طَبِعْنَ، ولا صَدِيْنَا
وطِرْنَا فَوْقَ أَكْتَادِ المَذَاكِيْ

كَأَنَّا جِنَّةٌ مُتَعَبْقِرُونَا
فَوَلَّوا، حِيْنَ أَقْبَلْنَا عَلَيْهِمْ

= نَهُزُّ البِيْضَ، مِنَّا، يَرْكُضُونَا
يَوَدُّ جَمِيْعُهُمْ أَنْ لَوْ أُمِدُّوا

بِأَجْنِحَةٍ فَكَانُوا طَائِرِيْنَا
بِذَا عُرِفُوا إِذَا مَا إِنْ لَقَوْنَا

لأَثَوَابِ المَنِيَّةِ مُظْهِرِيْنَا
فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ اللهُ خَيْرًا

بِكُمْ بَعَثَ ابْنَ آمِنَةَ الأَمِيْنَا
يُعَلِّمُكُمْ كِتَابًا لَمْ تَكُوْنُوا

لَهُ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ قَارِئِيْنَا
ويُخْبِرُكُمْ عَنِ الرَّحْمَنِ مَا لَمْ

تَكُوْنُوا، لِلْجَهَالَةِ، تَعْقِلُونَا
فَأَظْهَرْتُمْ لَهُ الأَضْغَانَ مِنْكُمْ

وكُنْتُمْ مِنْ حِجَاهُ سَاخِرِيْنَا
ولَوْلاَ خِفْتُمُ أَسْيَافَ غُنْمٍ

لَكَانَ بِبِعْضِ كَيْدِكُمُ مُحِيْنَا
290 فَأَمَّا الحَصْرُ والهِجْرَانُ مِنْكُمْ

لَهُ، وجَسِيْمُ مَا قَدْ تَهْمِمُونَا
فَقَدْ أَوْسَعْتُمُوْهُ مِنْ أَذَاةٍ

فَأَمْحَلْتُمْ بِدَعْوَتِهِ سِنِيْنَا
وقَابَلَهُ بَنُو يَالِيْلَ مِنْكُمْ

بِوَجٍّ، والقَبَائِلُ حَاضِرُونَا
بِأَنْ قَالُوا: تُرَى مَا كانَ خَلْقٌ،

سِوَى هَذَا، لِرَبِّ العَالَمِيْنَا
رَسُولاً بِالبَلاغِ ؟! وإِنْ يَكُنْهُ

فَنَحْنُ بِهِ، جَمْيِعًا، كَافِرُونَا
وقُلْتُمْ: إِنْ يَكُنْ هَذَا رَسُوْلاً

لَكَ اللَّهُمَّ فِيْنَا، أَنْ نَدِيْنَا
فَصُبَّ مِنَ السَّمَاءِ سِلاَمَ صَخْرٍ

عَلَيْنَا اليَوْمَ غَيْرَ مُنَاظَرِيْنا
وعَذِّبْنَا عَذَابًا ذَا فُنُوْنٍ

فَكُنْتُمْ لِلرَّدَى مُسْتَفْتِحِيْنَا
وخَبَّرَنَا الإِلَهُ بِمَا عَمِرْتُمْ

بِهِ وبِدِيْنِهِ تَسْتَهْزِئُونَا
أَهَذَا ذَاكِرُ الأَصْنَامِ مِنَّا

بِمَا يُوْحَى لَهُ، مُتَكَرِّهِيْنَا؟

300 فَلَمَّا أَنْ حَكَيْتُمْ قَوْمَ نُوْحٍ

دَعَانَا فَاسْتَجَبْنَا أَجْمَعِيْنَا
وسَارَ خِيَارُنَا مِنْ كُلِّ أَوْبٍ

إِلَيْهِ مُؤْمِنِينَ مُوَحِّدِيْنَا
فَآسَوْهُ بِأَنْفُسِهِمْ، وأَصْفَوا

لَهُ مَا مُلِّكُوْهُ طَائِعِيْنَا
وكُنْتُمْ مِثْلَ مَا قَدْ قَالَ رَبِّيْ

مَتَى تُحْفَوا تَكُونُوا بَاخِلِيْنَا
وكَانَ المُصْطَفَى، بِأَبِيْ وأُمِّيْ،

بِأَفْخَرِ مَفْخَرٍ لِلآدَمِيْنَا
ولَمْ يَكُ في مَعَدَّ لَهُ نَظِيْرٌ

ولا قَحْطَانَ، غَيْرَ مُجَمْجِمِيْنَا
فَمِمَّا قَدْ جَهِلْتُمْ لَمْ تَكُوْنُوا = لِمَا أُعْطِيْتُمُوهُ آخِذِيِنْا
ونُصْرَتُهُ ذَوُو الأَلْبَابِ مِنَّا

فَأَقْبَلْنَا إلَيْهِ مُبَادِرِيْنَا
فَأَحْرَزْنَاهُ دُوْنَكُمُ، وأَنْتُمْ

قِيَامٌ، كَالبَهَائِمِ تَنْظُرُونَا
تَرَوْنَ ضَنِيْنَكُمْ فِي كَفِّ ثَانٍ

وذَلِكَ سُوْءُ عُقْبَى الجَاهِلِيْنَا
310 فَتَمَّمْنَا مَفَاخِرَنَا بِذَاكُمْ

فَزِدْنَا، إِذْ نَرَاكُمْ تَنْقُصُونَا
لَقَدْ لُقِّيْتُمُ فِيْهِ رَشَادًا

فَتَتَّبِعُونَ دُوْنَ بَنِيْ أَبِيْنَا
إِذًا نِلْتُمْ بِهِ فَخْرًا، وكَانُوا،

عَلَى قَدْرِ الوِلادَةِ يُشْرِكُونَا
وكَانَ دُعَاؤُهُ: يَا رَبِّ إِنِّيْ

بِقَرْيَةِ قَوْمِ سُوْءٍ فَاسِقِيْنَا
فَأَبْدِلْنِيْ بِهِمْ قَوْمًا سِوَاهُمْ ْ

فَكُنَّاهُمْ، وأَنْتُمْ مُبْعَدُونَا
وآوَيْنَاهُ إذْ أَخْرَجْتُمُوهُ

وكُنَّا فِيْهِ مِنْكُمْ ثَائِرِيْنَا
وأَسْلَمْتُمْ بِحَدِّ سُيُوْفِ قَوْمِي

عَلَى جَدْعِ المَعَاطِسِ صَاغِرِيْنَا
وأَذْعَنْتُمْ، وقَد حَزَّتْ ظُبَاهَا

بِأَيْدِيْنَا عَلَيْكُمْ كَارِهِيْنَا
وكَانَ اللهُ لَمَّا أَنْ أَبَيْتُمْ

كَرَامَتَهُ، بِنَا لَكُمُ مُهِيْنَا،
وصَيَّرَنَا، لِمَا لَمْ تَقْبَلُوا مِنْ

كرَامَتِهِ الجَسِيْمَةِ، وارِثِيْنَا
320 وكَنْتُمْ حِيْنَ أُرْمِسَ في ثَرَاهُ

لَهُ في الأهْلِ بِئْسَ الخَالِفُونَا
غَدَرْتُمْ بِابْنِهِ فَقَتَلْتُمُوْهُ

وفِتْيَانًا مِنَ المُتَهَشِّمِيْنَا
وأَعْلَيْتُمْ بِجُثَّتِهِ سِنَانًا

إِلَى الآفَاقِ مَا إنْ تَرْعَوُونَا
وكُنْتُمْ لابْنِهِ، كَيْ تَنْظُرُوهُ

أَأَتْفَثَ تَقْتُلُوْهُ، كَاشِفِيْنَا
وأَشْخَصْتُمْ كَرَائِمَهُ اعْتِدَاءً

عَلَى الأَقْتَابِ غَيْرَ مُسَاتِرِيْنَا
أَكَلْتُمْ كِبْدَ حَمْزَةَ يَوْمَ أُحْدٍ

وكُنْتُمْ بِاجْتِدَاعِهِ مَاثِلِيْنَا
وهَا أَنْتُمْ إلَى ذَا اليَوْمِ عَمَّا

يَسُوْءُ المُصْطَفَى مَا تُقْلِعُونَا
فَطَوْرًا تَطْبُخُونَ بَنِيْهِ طَبْخًا

بِزَيْتٍ، ثُمَّ طَوْرًا تَسْمُرُونَا
فَهُمْ في النَّجْلِ لِلأَخْيَارِ دَأْبًا

وأَنْتُمْ غَيْرَ شَكٍّ تَحْصدُونَا
كَأَنَّ اللهَ صَيَّرَهُمْ هَدَايَا

لِمَنْسَكِكُمْ، وأَنْتُمْ تَنْسُكُونَا
330 وأَنْتُمْ قَبْلَ ذَلِكَ مُسْمِعُوْهُ

قَبِيْحَ المُحْفِظَاتِ مُوَاجِهِيْنَا
وهَاجُوْهُ، ومُرْوُو ذَاكَ فِيهِ = قِيَانَ ابْنِ الأُخَيْطِلِ عَامِدِيْنَا
وقُلْتُمْ: أَبْتَرٌ، صُنْبُورُ نَخْلٍ

وقُلْتُمْ: يابْنَ كَبْشَةَ، هَازِئِيْنَا
وطَايَرْتُمْ عَلَيْهِ الفَرْثَ عَمْدًا

وكُنْتُمْ لِلثَّنِيَّةِ ثَارِمِيْنَا
وكُنَّا طَوْعَهُ في كُلِّ أَمْرٍ

مُطَاوَعَةَ البُرُوْدِ اللاَّبِسِيْنَا
ومَا قُلْنَا لَهُ كَمَقَالِ قَوْمٍ

لِمُوْسَى خِيْفَةَ المُتَعَمْلِقِيْنَا:
أَلاَ قَاتِلْ بِرَبِّكَ إِنَّ فِيهَا

جَبَابِرَةً، وإِنَّا قاعِدُونَا
وقُلْنا: سِرْ بِنَا إِنَّا لِجَمْعٍ

أَرَادَ لَكَ القِتَالَ، مُقَاتِلُونَا
فَلَوْ بِرْكَ الغِمَادِ قَصَدْتَ كُنَّا

لَهُ مِنْ دُوْنِ شَخْصِكَ سَائِرِيْنَا
وكُلُّ مُؤَلَّفٍ فِيْكُمْ، ولَمَّا

يَكُنْ في اليَعْرُبِيْنَ مُؤَلَّفِيْنَا
340 وآتَيْنَا الزَّكَاةَ وكُلَّ فَرْضٍ

وأَنْتُمْ، إِذْ بَخِلْتُمْ، مَانِعُونَا
ومَا حَارَبْتُمُ إِلاَّ عَلَيْهَا

ولَوْلا تِلْكَ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَا
فأَيُّ المَعْشَرَيْنِ بِذَاكَ أَوْلَى

عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا، واصْدقُونَا؟
وفَخْرُكُمُ بإِبْرَاهِيْمَ جَهْلاً

فإِنَّا ذَاكَ عَنْكُمْ حَائِزُونَا
ونَحْنُ التَّابِعُوْنَ لَهُ، وأَوْلَى

بِهِ مِنْكُمْ، لَعَمْرِيْ، التَّابِعُونَا
دَعَانَا يَوْمَ أَذَّنَ فَاسْتَجَبْنَا

بِأَنْ لَبَّيْكَ، لَمَّا أَنْ دُعِيْنَا
وإِنْ تَفْخَرْ بِبُرْدَيْهِ نِزَارٌ

فَنَحْنُ بِهِ عَلَيْكُمْ فَاخِرُونَا
وإِنْ كَانُوا بَنِيْهِ فَنَحْنُ أَوْلَى

لأَنَّا التَّابِعُونَ العَاضِدُونَا
وقَدْ يَزْهُو بِبُرْدِ مُحَرِّقٍ، مِنْ

تَمِيْمٍ، وَهْوَ مِنَّا، البَهْدَلُونَا
وهُمْ نَادَوا رَسُولَ اللهِ يَوْمًا

مِنَ الحُجُرَاتِ غَيْرَ مُوَقِّرِيْنَا
350 ويَفْخَرُ بالدُّخُوْلِ عَلَى بَنِيْهِ

أُمَيَّةُ رَيِّسُ المُتَدَعْمِصِيْنَا
ويَعْلُوْ قُسُّكُمْ بِالفَخْرِ لَمَّا

رَأَى مِنَّا المُلُوْكَ البَاذِخِيْنَا
وطَالَ بِكَفِّ ذِيْ جَدَنٍ عَلَيْكُمْ

وكَانَ مِنَ المُلُوْك الوَاسِطِيْنَا
فَدَلَّ بِأَنَّكُمْ لَمَّا تَكُوْنُوا

بِكَفٍّ لِلْمُلُوْكِ مُصَافِحِيْنَا
وتَفْخَرُ بالرِّدَافَةِ مِنْ تَمِيْمٍ

رِيَاحٌ، دَهْرَهُمْ، والدَّارِمُونَا
وقَدْ طَلَبَ ابْنُ صَخْرٍ يَوْمَ قَيْظٍ

إِلَى عَبْدِ الكَلالِ بِأَنْ يَكُونَا
لَهُ رِدْفًا، فَقَالَ لَهُ: تُرَانَا

[نَكُوْنُ] لِذِي التِّجَارَةِ مُرْدِفِيْنَا؟
فَقَالَ: فَمُنَّ بِالنَّعْلَيْنِ، إِنِّيْ

رَمِيْضٌ، قَالَ: لَسْتُمْ تَحْتَذُونَا،
حِذَاءَ مُلُوْكِ ذِيْ يَمَن،ٍ ولَكِنْ

تَفَيَّأْ، إِنَّنَا لَكَ رَاحِمُونَا
ونَحْنُ بُنَاةُ بَيْتِ اللهِ قِدْمًا

وأَهْلُ وُلاتِهِ والسَّادِنُونَا
360 وخيْفَ مِنًى مَلَكْنَاهُ وجَمْعًا

ومُشْتَبَكَ العَتَائِرِ والحُجُونَا
ومُعْتَلَمَ المَوَاقِفِ مِنْ إِلالٍ

بِحَيْثُ تَرَى الحَجِيْجَ مُعَرِّفِيْنَا
فَصَاهَرَنَا قُصَيٌّ، ثُمَّ كُنَّا

إِلَيْهِ بالسِّدَانِةِ، عَاهِدِيْنَا
وأَصْرَخَهُ رِزَاحٌ في جُمُوْعٍ

لِعُذْرَةَ في الحَدِيْدِ مُقَنَّعِيْنَا
فَكَاثَرَ في الجَمِيْعِ بِهِمْ خُزَاعًا

فَأَجْذَمَ بِاليَسَارِ لَنَا اليَمِيْنَا
ولَوْلاَ ذَاكَ مَا كَانَتْ بِوَجْهٍ

خُزَاعَةُ في الجَمِيْعِ مُكَاثَرِيْنَا
ولا فَخْرٌ لِعَدْنَانٍ عَلَيْنَا

بِمَا كُنَّا [لَهُمْ] بِهِ مُتْحِفِيْنَا
ومَا كُنّا لَهُمْ، مِنْ غَيْرِ مَنٍّ،

طِلاَبَ الشُّكْرِ مِنْهُمْ، واهِبِيْا
ونَحْنُ غَدَاةَ بَدْرٍ قَدْ تَرَكْنَا

قَبِيْلاً في القَلِيْبِ مُكَبْكَبِيْنَا
ويَوْمَ جَمَعْتُمُ الأَحْزَابَ كَيْمَا

تَكُونُوا لِلْمَدِيْنَةِ فَاتِحِيْنَا
370 فَسَالَ ابْنُ الطُّفَيْلِ وُسُوْقَ تَمْرٍ

يَكُوْنُ بِهَا عَلَيْكُمْ مُسْتَعِيْنَا
فَقُلْنَا: رَامَ ذَاكَ بَنُو نِزَارٍ،

فَمَا كَانُوا عَلَيْهِ قَادِرِيْنَا
وإِنْ طَلَبُوا القِرَى والبَيْعَ مِنَّا،

فَإِنَّا واهِبُونَ ومُطْعِمُونَا
فَلَمَّا أَنْ أَبَوا إِلاَّ اعْتِسَافًا

وأَضْحَوا بِالإِتَاوَةِ طَامِعِيْنَا
فَلَيْنَا هَامَهُمْ بِالبِيْضِ، إِنَّا

كَذَلِكَ لِلْجَمَاجِمِ مُفْتَلُونَا
وذَاكَ المُوْعِدُ الهَادِيْ بِخَيْلٍ

وفِتْيَانٍ عَلَيْهَا عَامِرِيْنَا
فَقَالَ المُصْطَفَى: يَكْفِيْهِ رَبِّيْ

وأَبْنَاءٌ لِقَيْلَةَ حَاضِرُونَا
ومَا إِنْ قَالَ: تَكْفِيْهِ قُرَيْشٌ،

ولاَ أَخَوَاتُهَا المُتَمَضِّرُونَا
وأَفْنَيْنَا قُرَيْظَةَ إِذْ أَخَلُّوا

وأَجْلَيْنَا النَّضِيْرَ مُطَرَّدِيْنَا
وسِرْنَا نَحْوَ مَكَّةَ يَوْمَ سِرْنَا

بِصِيْدٍ دَارِعِيْنَ وحَاسِرِيْنَا
380 فَأَقْحَمْنَا اللِّوَاءَ بِكَفِّ لَيْثٍ

فَقَالَ ضِرَارُكُمْ مَا تَعْرِفُونَا
فَآثَرَنَا النَّبِيُّ بِكُلِّ فَخْرٍ، = وسَمَّانَا إلَهِي المُؤْثِرِيْنَا
وحَانَ بِنَا مُسَيْلِمَةُ الحَنِيْفِيْ

يُ، إِذْ سِرْنَا إِلَيْهِ مُوْفِضِيْنَا
وزَارَ الأَسْودَ العَنْسِيَّ قَيْسٌ

بِجَمْعٍ مِنْ غُطَيْفٍ مُرْدِفِيْنَا
فَعَمَّمَ رَأَسَهُ بِذُبَابِ عَضْبٍ

فَطَارَ القَحْفُ يَسْمَعُهُ حَنِينَا
وهَلْ غَيرُ ابْنِ مَكْشَوحٍ هُمَامٌ

نَكُونُ بِهِ مِنَ المُتَمَرِّسِيْنَا
وطَارَ طُلَيْحَةُ الأَسَدِيُّ لَمَّا

رآنَا لِلصَّوَارِمِ مُصْلِتِيْنَا
ونَحْنُ الفَاتِحُونَ لأَرْضِ كِسْرَى

وأَرْضِ الشَّامِ غَيْرَ مُدَافَعِيْنَا
وأَرْضِ القَيْرَوَانِ إلى فِرَنْجَا

إِلَى السُّوْسِ القَصِيِّ مُغَرِّبِيْنَا
وجَرْبِيَّ البِلادِ فَقَدْ فَتَحْنَا

وسِرْنَا في البِلادِ مُشَرِّقِيْنَا
390 كَأَنَّا نَبْتَغِيْ مِمَّا وَغَلْنَا

ورَاءَ الصِّيْنِ، في الشَّرْقِيِّ، صِيْنَا
وغَادَرْنَا جَبَابِرَهَا جَمِيْعًا

هُمُوْدًا في الثَّرَى، ومُصَفَّدِيْنَا
وتَابِعَهُمْ يُؤَدِّيْ كُلَّ عَامٍ

إِلَيْكُمْ مَا فَرَضَنَا مُذْعِنِيْنَا
وآزَرْنَا أَبَا حَسَنٍ عَلِيًّا

عَلَى المُرَّاقِ بَعْدَ النَّاكِثِيْنَا
وصَارَ إِلَى العِرَاقِ بِنَا، فَسِرْنَا

كَمِثْلِ السَّيْلِ نَحْطِمُ مَا لَقِيْنَا
عَلَيْنَا اللأْمُ لَيْسَ يَبِيْنُ مِنَّا

بِهَا غَيْرُ العُيُونِ لِنَاظِرِيْنَا

فأَرْخَصْنَا الجَمَاجِمَ يَوْمَ ذَاكُمْ

ومَا كُنَّا لَهُنَّ بِمُثْمِنِيْنَا
وأَجْحَفْنَا بِضَبَّةَ يَوْمَ صُلْنَا

فَصَارُوا مِنْ أَقَلِّ الخِنْدِفِيْنَا
وطَايَرْنَا الأَكُفَّ عَلَى خِطَامٍ

فَمَا شَبَّهْتُهَا إِلاَّ القُلِيْنَا
وعَنَّنَّا الخُيُوْلَ إِلَى ابْنِ هِنْدٍ

نُطَالِبُ نَفْسَهُ أَوْ أَنْ يَدِيْنَا

400 وظَلْنَا نَفْتِلُ الزَّنْدَيْنِ حَتَّى

[أَ]طَارَا ضَرْمَةً لِلْمُضْرِمِيْنَا
ورَوَّحْنَا عَلَيْهَا بِالعَوَالِي

وبِيْضِ الهِنْد، فَاسْتَعَرَتْ زَبُوْنَا
ونَادَيْنَا: مُعَاوِيَةُ، اقْتَرِبْنَا

بِجَمْعِكَ، إِنَّنَا لَكَ مُوقِدُونَا
فَصَدَّ بِوَجْهِهِ عَنَّا كَأَنَّا

سَأَلنَاهُ شَهَادَةَ مُزْوِرِيْنَا
وحَامَتْ دُوْنَهُ جَمَرَاتُ قَوْمِيْ

ومِنْ دُوْنِ الوَصِيِّ مُحَافِظِيْنَا
فَأَبْهَتْنَا نِزَارًا بِالَّذِيْ لَمْ

يَكُونُوا في الوَقَائِعِ يَعْرِفُونَا
فَطَارَ فُؤَادُ أَحْنَفِكُمْ فَوَلَّى

بِبَعْضِ تَمِيْمَ عَنَّا، مُرْعَبِيْنَا
ويَوْمَ النَّهْرَوَانِ، فَأَيَّ يَوْمٍ فَلَلْنَا فِيهِ نَابَ المَارِقيْنَا
ولاَقَى مُصْعَبٌ بِالدَّيْرِ مِنَّا شَبَاةَ مُذَلَّقٍ، بَتَكَ الوَتِيْنَا
وإِنَّا لَلأُولَى بِالمَرْجِ مِلْنَا عَلَى الضَّحَّاكِ والمُتَقَيِّسِيْنَا
410 ووَلَّى، خَوْفَنَا، زُفَرٌ طَرِيْدًا

بِرَاهِطَ، والأَحِبَّةُ مُقْعَصُونَا
وقَوَّمْنَا أُمَيَّةَ فاسْتَقَامَتْ

وكَانُوا قَبْلَهَا مُتَأَوِّدِيْنَا
فَلَمَّا رَفَّعُوا مُضَرًا عَلَيْنَا

جَعَلْنَا كُلَّهُمْ في الأسْفَلِيْنَا
وقُلْنَا: الهَاشِمُونَ أَحَقُّ مِنْكُمْ،

ونَحْنُ لَهُمْ عَلَيْكُمٍ مائِلُونَا
فَقَامَ بِنَصْرِهِمْ مِنَّا جُدَيْعٌ

وكَانَ لِحَرْبِهِمُ حِصْنًا حَصِيْنَا
وقَحْطَبَةُ الهُمَامُ، هُمَامُ طَيْئٍ

ومَا المُسْلِيُّ عَامِرُ مِنْهُ دُوْنَا
شَفَى بِالزَّابِ مِنْ مَرْوَانَ غَيْظًا

وغَادَرَهُ بِبُوْصِيْرٍ رَهِيْنَا
وأَثْكَلْنَا زُبَيْدَةَ مِنْ فَتَاهَا

وغِلْنَاهَا مُحَمَّدَهَا الأَمِيْنَا
وأرْدَيْنَا الوَلِيْدَ بِقَرْمِ قَسْرٍ

ولَمْ نَكُ فِيْهِ ذَاكُمْ مُرْتَضِيْنَا
ورُبَّ فَتًى أَزَرْنَاهُ شَعُوْبًا

إِذَا يُدْعَى أمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَا
420 وجَدَّعْنَا بَنِيْ مَطَرٍ بِمَعْنٍ

ونَحْنُ بِمِثْلِ ذَلِكَ جَادِعُونَا
سَمَا مِنْ حَضْرَمَوتَ لَهُ ابْنُ عَمْرٍو

يُطَالِبُ مِنْ بَنِيْ مَطَرٍ دُيُونَا
فَحَيَّرَهُ بِبُسْتَ لَهُمْ ووَلَّى

وكَانَ بِهَا ابْنُ زَائِدَةٍ قَمِيْنَا
وفي يَوْمِ البصيرةِ يَوْمَ ثَارَتْ

وفِتْنَةِ مِصْرَ، كُنَّا القَائِدِيْنَا
وأَيَامُ الدَّيَالِمِ، نَحْنُ كُنَّا،

وقَزْوِيْنٍ، لِكُلٍّ قَامِعِيْنَا
ونَحْنُ لِكُلِّ حَيٍّ، مُنْذُ كُنَّا،

إذَا خَافَ المَهَالِكَ عَاصِمُونَا
كَعِصْمَتِنَا رَبِيْعَةَ يَوْمَ طَالَتْ

عَلَى إخْوَانِهَا بالحِلْفِ فِيْنَا
وصَارُوا في تَعَاظُمِهِ لَدَيْهِمْ

بِهِ في الشِّعْرِ دَأْبًا يَفْخَرُونَا
وقَدْ جَعَلَتْ مَعَدُّ الصِّهْرَ مِنَّا

لَهُمْ فَخْرًا بِهِ يَتَطَاوَلُونَا
بِذَا نَطَقَ القَرِيْضُ لِمُعْظَمِيْهِمْ

وكُنَّا فِيْهِ مِنْكُمْ زَاهِدِيْنَا
430 وقَدْ طَلَبَتْ تَمِيْمٌ صِهْرَ جارٍ

لَهُمْ مِنّا فَأَضْحَوا مُبْعَدِيْنا
وما كانُوا لِغَسّانٍ بِكُفْءٍ

لِرَبّاتِ الحِجالِ مُقَدَّمِيْنا
ونَحْنُ النَّاكِحُونَ إِلَى عَدِيٍّ

كَرَائِمَهُ، ونِعْمَ المُنْكَحُونَا
فأَمْهَرْنَا الَّذِيْ جَعَلُوْهُ فِيهِمْ

رِضًا لِجَمِيعِهِمْ مَسْكًا دَهِيْنَا
ولَمَّا يَجْنِ جَانِيْكُمْ عَلَيْنَا

فَيَقْصِدَ غَيْرَنَا في المُعْرِبِيْنَا
فَمِنْ لَخْمٍ إِلَى غَسَّانَ يَجْرِي

ومِنْ غَسَّانَ في لَخْمٍ لَعِيْنَا
يُنَقِّلُ وِلْدَهُ كَجِرَاءِ كَلْبٍ

يُنَقِّلُها حِذَارَ الرَّاجِمِيْنَا
ونَحْنُ الوَاهِبُوْنَ الدِّرْعَ قَيْسًا

ومَا كُنَّا لِشَيْءٍ خَازِنِيْنَا
فَلَمْ تَعْظُمْ لَدَيْنَا، واسْتَثَرْتُمْ

بِهَا مَا بَيْنَكُمْ شَرًّا مُهِيْنَا
وعُدَّ بِهَا الرَّبِيْعُ رَبِيْعُ عَبْسٍ

إِذَا افْتَخَرُوا بِهَا في السَّارِقِيْنَا
440 ونَحْنُ الوَاهِبُو الصَّمْصَامِ يَوْمَا

لِبَعْضِ سَمَادِعِ المُتَعَبْشِمِيْنَا
فَآلَتْ حَالُهُ في النُّسْكِ فِيْهِمْ

وكَانَ بِنَا مِنَ المُتَمَرِّدِيْنَا
ورُبَّ خَزَايَةٍ فِيْكُمْ كَنَيْنَا

تُشَقُّ بِهَا رُؤُوسُ السَّامِعِيْنَا
يُنَبِّهُ شِعْرُ حَسَّانٍ عَلَيْهَا

إِذَا أَنْشَدْتُمُوهُ القَاطِنِيْنَا
وقَدْ قَالَ النَّبِىُّ لَهُ: أجِبْهُمْ

تَجِدْ رُوْحَ الهُدَى فِيهِ مُعِيْنَا
فَقَوْلُكَ كالعَذَابِ يُصَبُّ صَبًّا

عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ ومُعْتِمِيْنَا
ودُونَكَ مِنْ أَبي بَكْرٍ هَنَاتٍ

تَرُدُّ بِهَا نِزَارًا خَامِلِيْنَا
فَعَيَّرَكُمْ بِرَايَاتِ البَغَايَا

ومَا كُنْتُمْ قَدِيْمًا تَمْهَنُونَا
وخَبَّرَ أَنَّ قَوْمًا نَسْلُ قِبْطٍ

وأَقْوَامًا سُلاَلَةُ أَسْوَدِيْنَا
وأَلْحَقَ سَاقِطًا ونَفَى سِوَاهُ

فَأَلْحَقَهُ بِقَوْمٍ أَبْعَدِيْنَا
450 وأَخْبَرَ بِاللَّقِيْطِ بِمَا عَلِمْتُمْ

= ولَمْ نَكُ غَيْرَ حَقٍّ قَائِلِيْنَا
ومِنْكُمْ ذُو الخُوَيْصِرَةِ المُنَادِيْ

رَسُولَ اللهِ عَدْلَ القَاسِمِيْنَا
وسَيِّدُكُمْ عُيَيْنَةُ قَدْ عَلِمْتُمْ

يُعَدُّ بِحُمْقِهِ في المُرْضَعِيْنَا
وسَيِّدُ مِنْقَرٍ لَمَّا تَزَعْهُ

حِجَاهُ عَنْ خِلاَلِ الطَامِعِيْنَا
وقَدْ نَهبَ الزَّكَاةَ، وقَالَ يَهْجُو

أَبَا بَكْرٍ، فَمَا أَضْحَى مَشِيْنَا
وأَحْبَلَ بِنْتَهُ، والبِدْعَ يُدْعَى

وغَادَرَ مِنْقَرًا في المُرْتَدِيْنَا
وأَقْرَعُ، وابْنُ ضَمْرَةَ، رَيِّسَاكُمْ

فَذَا فَدْمٌ، وذَا في المُرتَشِيْنَا
وبَعْضُ بَنِي أَبي ذِبَّانَ مِنْكُمْ

فَكَانَ يُعَدُّ رَأْسَ الأَحْمَقِيْنَا
وأَظْهَرَتِ القَصَائِدُ مِنْ وَلِيْدٍ

عَظِيْمَ الكُفْرِ لِلْمُتَوَسِّمِيْنَا
ووافِدُ ضَبَّةٍ نَحْوَ ابْنِ هِنْدٍ

فَمِنْ أُعْجُوبَةِ المُتَعَجِّبِيْنَا
460 ونُوْكًا لَسْتُ أُحْصِيْهِمْ إِلَيْكُمْ

وقَدْ كَذَبُوا بِطَيْئٍ يَنْتَمُونَا
وفِيْنَا الحِكْمَةُ الغَرَّاءُ تَطْمُو

عَلَى أفْوَاهِنَا مُتَكَلِّمِيْنَا
وإِيْمَانُ القُلُوبِ وكُلُّ صِدْقٍ

ورُكْنُ البَيْتِ لِلْمُتَيَمِّنِيْنَا
وقَدْ قَالَ النَّبِيُّ: أَمَا رَضِيْتُمْ

بِأَنْ تُضْحِيْ نِزَارٌ غَانِمِيْنَا
بِشَاءٍ أَوْ بِعِيْرٍ أَوْ عَبِيْدٍ،

وأَنْتُمْ بِي الغُدَيَّةَ تَذْهَبُونَا
وأَنْتُمْ في الدَّناةِ أَقَلُّ قَوْمٍ

وفي الهَيْجَاءِ ـ عِلْمِيَ ـ تَكْثُرُونَا
وقَالَ اللهُ لَمَّا أَنْ كَفَرْتُمْ

وكُنْتُمْ عَنْ كِتَابِهِ تَنْفرُونَا
لَقَدْ وَكَّلْتُ بِالإِيْمَانِ قَوْمًا،

فَكُنَّاهُمْ، ولَيْسَ بِكَافِرِيْنَا
فَخَلُّوا الفَخْرَ، يَا عَدْنَانُ، لَسْتُمْ

ـ وقَدْ رُحْنَا بِأَحْمَدَ ـ تَحْسُنُونَا
وكَيْفَ يُعَدُّ مِثْلَكُمُ، وأَنْتُمْ

بِقَوْلِ إِلَهِنَا المُسْتَضْعَفُونَا؟
470 سَوَاءٌ كُنْتُمُ أَوْ لَمْ تَكُونُوا

عَلَى الدُّنْيَا، فَكَيْفَ تَفَخَّمُوْنَا؟
ولَسْتُمْ لِلْمُسَائِلِ أَهْلَ نَفْعٍ

ولَسْتُمْ لِلْمُبَايِنِ ضَائرِيْنَا
ونَحْنُ النَّاحِتُوْنَ الصَّخْرَ قِدْمًا

مَسَاكِنَ فُسْحَةٍ، والشَّائِدُونَا
كَغُمْدَانَ المُنِيْفِ وقَصْرِ هَكْرٍ

وبَيْنُونَ المُنِيْفَةِ مُحْكِمِيْنَا
وصِرْواحٌ، ومَأْرِبُ نَحْنُ شِدْنَا

عَلَيْهَا بِالرُّخَامِ مُعَمِّدِيْنَا
فَأَهْلَكَهَا الإِلَهُ بِبَثْقِ سَيْلٍ

ونَجَّانَا فَلَمْ نَكُ مُهْلَكِيْنَا
وأَهْلَكَ مَنْ عَصَاهُ مِنْ سِوَانَا

بِأَنْوَاعِ البَلاَءِ مُبَاكَرِيْنَا
وقَالَ لَنَا اشْكُرُوني واحْمَدُوْني،

فَإِنِّي غَافِرٌ مَا تَجْرَحُونَا
وقَالَ لِغَيْرِنَا كُونُوا عَلَى مَا

زَوَيْتُ إِلَى سِوَاكُمُ صَابِرِيْنَا
وقَصْرَ ظَفَارِ قَدْ شِدْنَا قَدِيْمًا

وبَعْدَ بَرَاقِشٍ شِدْنَا مَعِيْنَا
480  وأَنْكَحْنَا بِبِلْقِيْسٍ أَخَانَا

ومَا كُنَّا سِوَاهُ مُنْكِحِيْنَا
ولَمْ نَطْلُبْ بِذِي بَتْعٍ بَدِيْلاً

ولَوْ أَنَّا بِتَنْزِيْلٍ أُتِيْنَا
وكَانَ لَهَا بِقَوْلِ اللهِ عَرْشٌ

عَظِيمٌ، والبَرِيَّةُ مُقْتَوِيْنَا
وشِدْنَا نَاعِطًا في رَأْسِ نِيْقٍ

وكُنَّا لِلْخَوَرْنَقِ شَائِدِيْنَا
ونَصَّبْنَا عَلَى يَأْجُوْجَ رَدْمًا

فَمَا كَانُوا عَلَيْهِ ظَاهِرِيْنَا
بِلِبْنٍ مِنْ حَديدٍ بَيْنَ قِطْرٍ

ونَحْنُ الآنَ فِيهِ حَارِسُونَا
وخَوَّلْنَا النَّجَائِبَ نَمْتَطِيْهَا

فَذَلَّتْ بَعْدَنَا لِلْمُمْتَطِيْنَا
ومِنَّا سِرُّهَا في آلِ كَلْبٍ

ومَهْرَةَ قَصْرُهُ، والدَّاعِرِيْنَا
وفِيْنَا العَيْشُ رَاخٍ، وَهْوَ فِيكُمْ

أَعَزُّ مِنَ الشِّفَاءِ لِمُسْقَمِيْنَا
تَظَلُّوْنَ النَّهَارَ عَلَى لَبِيْنٍ

وطُوْلَ اللَّيْلِ عَنْهُ مُخْمَصَيْنَا
490 وقَدْ قَالَ ابْنُ ظَالِمَ: كَمْ تَرَانَا

لآِثَارِ السَّحَائِبِ نَاجِعِيْنَا
وقَالَ لَكُمْ أَبَو حَفْصٍ: أَلا قَدْ

عَرَفْنَا طِيْبَ عَيْشِ العَائِشِيْنَا
لُبَابَ البُرِّ يَكْسُوهُ، ثَرِيْدًا،

صِغَارُ المَعْزِ، واللَّبَنَ الحَقِيْنَا
وقَالَ مُتَمِّمٌّ يَحْكِي أَخَاهُ

ويَنْعَتُهُ لِبَعْضِ السَّائِلِيْنَا
بِشَمْلَتِهِ الفَلُوْتِ عَلَى ثَفَالٍ

فُوَيْقَ مَزَادَةٍ لِلْمُسْتَقِيْنَا
وقَالَ مُنَخِّلٌ يَحْكِي غِنَاهُ

ويَحْسِبُ أَنَّهُ في المَالِكِيْنَا:
أَنَا رَبُّ الشُّوَيْهَةِ في بِجَادِيْ،

ورَبُّ النِّضْوِ بَيْنَ الظَّاعِنِيْنَا
وأَعْظَمُ سَيِّدٍ فِيْكُمْ يُفَادَى

بِعُشْرِ فِدَاءِ أشْعَثَ، تَعْلَمُونَا
وأشْعَثُ لَيْسَ أَرْفَعَ ذِيْ يَمَانٍ

ومَا هُوَ إِنْ عَدَدْتُ مِنَ الذَّوِيْنَا
ومَا قَادَتْ يَمِيْنُ أَبي تُرَابٍ

بِغَيْرِهِ، مِخْطَمَ المُتَيَمِّنِيْنَا

500 وهَرْوَلَ يَوْمَ صِفِّيْنٍ عَجُولاً

فَسَارَ العَسْكَرَانِ مُهَرْوِلِيْنَا
لإِعْظَامِ الجَمِيْعِ لَهُ فَلَمَّا

تَوَقَّفَ وَقَّفُوا، لا يَحْرُكُونَا
وكُنْتُمْ بَيْنَ عَابِدِ مَا هَوِيْتُمْ

وبَيْنَ زَنَادِقٍ ومُمَجِّسِيْنَا
كَآلِ زُرَارَةٍ نَكَحُوا بِجَهْلٍ

بَنَاتِهِمُ، بِكِسْرَى مُقْتَدِيْنَا
ونَبَّوا مِنْهُمُ أُنْثَى، وقَالُوا:

نَكُونُ بِهَا الذُّكُوْرَةَ مُشْبِهِينَا
وضَارِطُهُمْ فَلَمْ يَخْجَلْ، ولَمَّا

يَكُنْ لِنَشِيْدِهِ مِ القَاطِعِيْنَا
ولاَ تَنْسَوا طِلاَبَ هُذَيْلَ مِنْكُمْ

لِتَحْلِيْلِ الزِّنَا مُسْتَجْهِدِيْنَا
وبَكْرًا يَوْمَ بَالُوا في كِتَابٍ

أَتَى مِنْ عِنْدِ خَيْرِ المُنْذِرِيْنَا
وكَانَتْ عَامِرٌ [بِكِتَابِ] حَقٍّ

أَتَى مِنْهُ لِدَلْوٍ رَاقِعِيْنَا
وعُكْلٌ يَوْمَ أَشْبَعَهُمْ فَتَرُّوا

بِرِسْلِ لِقَاحِهِ مُتَغَبِّقِيْنَا
510 فَكَافَوْهُ بِأَنْ قَتَلُوا رِعَاهُ

وشَلُّوْهُنَّ شَلاًّ مُسْرِعِيْنَا
ونَحْنُ بِصَالِحٍ، والجَدِّ هُوْدٍ،

وذِي القَرْنَيْنِ، والمُتَكَهِّفِيْنَا،
وفَيْصَلِ مُرْسَلِيْ رَبِّيْ، شُعَيْبٍ،

وذِيْ الرَّسِّ ابْنِ حَنْظَلَ، فَاخِرُونَا
وبِالسَّعْدَيْنِ سَعْدٍ ثُمَّ سَعْدٍ

وعَمَّارِ بْنِ يَاسِرَ طَائِلُوْنَا
ولُقْمَانُ الحَكِيْمُ فَكانَ مِنَّا

ومَوْلَى القَوْمِ في عِدْلِ البَنِيْنَا
ومِنَّا شِبْهُ جِبْرِيْلٍ، ومِنْكُمْ

سُرَاقَةُ شِبْهُ إِبْلِيسٍ يَقِيْنَا
بِبَدْرٍ يَوْمَ وَلَّى لَيْسَ يُلْوِيْ

عَلَى العَقِبَيْنِ أُوْلَى النَّاكِصِيْنَا
ومِنَّا زَيْدٌ المَشْهُوْرُ بِاسْمٍ

مِنَ التَّنْزِيْلِ بَيْنَ العَالَمِيْنَا
ورِدْفُ المُصْطَفَى مِنَّا ومِنَّا

فَأَنْصَارٌ لَهُ ومُهَاجِرُونا
ومِنَّا ذُو اليَمِيْنَيْنِ الخُزَاعِيْ

وذُو السَّيْفَيْن خَيْرُ المُصْلِتِيْنَا
520 ومِنَّا ذُو الشِّمَالَيْنِ المُحَامِي

وذُو العَيْنَيْنِ عُجْبَ النَّاظِرِيْنَا
وذُو التَّمَرَاتِ مِنَّا، ثُمَّ حُجْرٌ،

وخَبَّابٌ إمَامُ المُوقِنِيْنَا
وذُو الرَّأْيِ الأَصِيْلِ،وكَانَ مِنَّا

خُزَيْمَةُ عِدْلُ شَفْعِ الشَّافِعِيْنَا
ومِنَّا أَقْرَأُ القُرَّا أُبَيٌّ

ومِنَّا بَعْدُ رَأْسُ الفَارِضِيْنَا
ومِنَّا مَنْ تَكَلَّمَ بَعْدَ مَوْتٍ

فَأَخْبَرَ عَنْ مَصِيْرِ المَيِّتِيْنَا
وأَوَّلُ مَنْ بِثُلْثِ المَالِ أَوْصَى

لِيُفْرَقَ بَعْدَهُ في المُقْتِرِيْنَا
ومَنْ أُرِيَ الأَذَانَ، وكَانَ مِنَّا

مُعَاذٌ رَأْسُ رُسْلِ المُرْسَلِيْنَا
ومِنَّا مَنْ رَأَى جِبْرِيْلَ شَفْعًا

ومِنَّا في النَّبِيِّ الغَائِلُونَا
ومِنَّا مَنْ أَبَرَّ اللهُ رَبِّي

لَهُ قَسَمًا، وقَلَّ المُقْسِمُونَا
ومَنْ بَسَطَ النَّبِيُّ لَهُ رِدَاءً

وأَوْصَاكُمْ بِهِ لِلسَّيِّدِيْنَا
530 ومِنَّا ذُو المُخَيْصِرَةِ بْنُ غُنْمٍ

ومِنَّا لِلْقُرَانِ الحَافِظُونَا
ومِنَّا المُكْفَنُونَ، وذَاكَ فَخْرٌ

بِقُمْصِ المُصْطَفَى، إِذْ يُدْفَنُونَا
كَصَيْفِيِّ بْنِ سَاعِدَ، وابْنِ قَيْسٍ

وعَبْدِ اللهِ رَأْسِ الخَزْرَجِيْنَا
ومَا ابْنُ أَبِيْ سَلُوْلٍ ذَا نِفَاقٍ

فَإِنْ قُلْتُمْ: بَلَى، فَاسْتَخْبِرُونَا
أَلَيْسَ القَوْلُ يُظْهِرُ كُلَّ سِرٍّ

لَهُ كُلُّ الخَلاَئِقِ كَاتِمُونَا؟
ونَحْنُ نَرَاهُ عَاذَ بِمَا يُصَالِي

بِجِلْدِ الهَاشِمِيِّ، ولَنْ يَكُونَا
بِغَيْرِ حَقِيقَةٍ إِلاَّ شَقَقْنَا

لَكُمْ عَنْ قَلْبِهِ تَسْتَيْقِنُونَا
كَمَا قَدْ قَال أَحْمَدُ لابْنِ زَيْدٍ

لِقَتْلِ فَتًى مِنَ المُسْتَشْهِدِيْنَا
فَلَوْلاَ إذْ شَكَكْتَ شَقَقَتَ عَنْهُ

فَتَعْلَمَ أَنَّهُ في الكَافِريْنَا
وفِيْنَا مَسْجِدُ التَّقْوَى، وفِيْنَا

إذَا اسْتَنْجَيْتُمُ المُتَطَهِّرُونَا
540 ومِنَّا الرَّائِشَانِ، وذُو رُعَيْنٍ

ومَنْ طَحَنَ البِلادَ لأَنْ تَدِيْنَا
وقَادَ الخَيْلَ لِلظُّلُمَاتِ تَدَمَى

دَوَابِرُهَا لِكَثْرَةِ مَا وَجِيْنَا
يُطَرِّحْنَ السِّخَالَ بِكلُِّ نَشْزٍ

خِدَاجًا لَمْ تُعَقَّ لِمَا لَقِيْنَا
طَوَيْنَ الأَرْضَ طُوْلاً بَعْدَ عَرْضٍ

وهُنَّ بِهَا، لَعَمْرُكَ، قَدْ طُوِيْنَا
فَهُنَّ لَوَاحِقُ الأَقْرَابِ قُبٌّ

كَأَمْثَالِ القِدَاحِ إذَا حُنِيْنَا
يَطَأنَ عَلَى نُسُوْرٍ مُفْرَجَاتٍ

لِلَقْطِ المَرْوِ مَا اعْتَلَتِ الوَجِيْنَا
فَتُحْسَبُ لِلتَّوَقُّمِ مُنْعَلاَتٍ

بِأَعْيُنِهِنَّ مِمَّا قَدْ حَفِيْنَا
تَكَادُ إِذا العَضَارِيْطُ اعْتَلَتْهَا

يُلاثِمْنَ الثَّرَى مِمَّا وَنِيْنَا
فَدَانَ الخَافِقَانِ لَهُ، وأَضْحَى

مُلُوكُهُمَا لَهُ مُتَضَائِلِيْنَا
أَبُو حَسَّانَ أَسْعَدُ ذُو تَبَانٍ

وذَلِكَ مُفْرَدٌ عَدِمَ القَرِيْنَا
550 ومِنَّا الحَبْرُ كَعْبٌ، ثُمَّ مِنَّا

إِذَا ذُكِرُوا خِيَارُ التَّابِعِيْنَا
أَخُو خَوْلاَنَ، ثُمَّ أَبُو سَعِيْدٍ،

وثَالِثُهُمْ إذَا مَا يُذْكَرُونَا
فَعَامِرُ، وابْنُ سِيْرِيْنٍ، وأَوْسٌ،

وذاكَ نَعُدُّهُ في الشَّافِعِيْنَا
وبِابْنِ الثَّامِرِيِّ إذَا افْتَخَرْنَا

ظَلَلْنَا لِلْكَوَاكِبِ مُعْتَلِيْنَا
ومِنَّا كُلُّ ذِيْ ذَرِبٍ خَطِيْبٍ

ومِنَّا الشَّاعِرُونَ المُفْلِقُونَا
ومِنَّا بَعْدُ ذَا الكُهَّانُ جَمْعًا

وحُكَّامُ الدِّمَاءِ الأَوَّلُونَا

ومِنَّا القَافَةُ المُبْدُونَ، مَهْمَا

بِهِ شَكِلَتْ، عُرُوقَ النَّاسِبِيْنَا
ومِنَّا عَابِرُ الرُّؤْيَا بِمَا قَدْ

تَجِيءُ بِهِ، ومِنَّا العَائِفُونَا
ومِنَّا رَاوِيُو خَبَرِ البَرايَا

ومِنَّا العَالِمُونَ النَّاسِبُونَا
ومِنَّا أُسْقُفَا نَجْرَانَ كَانَتْ

بِرَأْيِهِمَا النَّصَارَى يَصْدُرُونَا
وتَفْخَرُ بِالخَلِيْلِ الأَزْدُ مِنَّا

وحُقَّ لَهُمْ حَكِيْمُ المُسْلِمِيْنَا
ومِنَّا سِيْبَوِيْهِ، وذُو القَضَايَا

أَخُو جَرْمٍ رَئِيْسُ الحَاسِبِيْنَا
ومِنَّا كُلُّ أَرْوَعَ كَابْنِ مَعْدِيْ

وزَيْدِ الخَيْلِ مُرْدِي المُعْلِمِيْنَا
وفَرْوَةَ، وابْنِ مَكْشُوحٍ، وشَرْحٍ

ووَعْلَةَ فَارِسِ المُتَرَسِّبِيْنَا
ومُسْهِرَ، وابْنِ زَحْرٍ، ثُمَّ عَمْرٍو

وعَبْدِ اللهِ سَيْفِ اليَثْرِبِيْنَا
وسُفْياَنَ بْنِ أَبْرَدَ، [و]ابْنِ بَحْرٍ

ومِنَّا الفِتْيَةُ المُتَهَلِّبُونَا
ومِنْهُمْ مَالِكُو الأَرْبَاعِ جَمْعًا

وكَانُوا لِلْخَوَارِجِ شَاحِكيْنَا
ومَا لِلأَشْتَرِ النَّخَعِيِّ يَوْمًا

ولا قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ مُشْبِهُونَا
ولا كَعَدِيِّ طَيْئٍ، وابْنِ قَيْسٍ

سَعِيْدِ المَلْكِ قَرْمِ الحاشِدِيْنَا
وشَيْبَانَ بْنِ عَامِرَ عِدْلِ أَلْفٍ

ومَا مِثْلُ ابْنِ وَرْقَا تَنْجُلُونَا
570 ومِنَّا المُتَّلُوْنَ لِكُلِّ فَتْحٍ

ورَائِبُ صَدْعِكمْ والرَّاتِقُونَا
وبِالحَسَنِ بْنِ قَحْطَبَةَ افْتِخَارِي

إِذا مَا تَذْكُرُونَ المُطْعِمِيْنَا
فَتًى أَمَرَتْ مُلُوكُ الرُّوْمِ لَمَّا

رَأَتْهُ عِدْلَ نِصْفِ المُعْرِبِيْنَا
بِصُوْرَتِهِ عَلَى بِيَعِ النَّصَارَى

وتِمْثَالاً بِطُرْقِ السَّابِلِيْنَا
ومَا مِثْلُ ابْنِ عُلْبَةَ، وابْنِ كُرْزٍ،

وعَبْدِ يَغُوثَ بَيْنَ القاَتِلِيْنَا
فَهَذَا مُصْلِحٌ شِسْعًا، وهَذَا

يَقُولُ قَصِيدَةً في الجَاذِلِيْنَا
وذَاكَ مُؤْمِّرٌ مِنْ بَعْدِ قَتْلٍ

بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ في الجَازِعِيْنَا
ومَدَّ بِذاكَ، يُسْرَى بَعْد يُمْنَى

ولَمْ يَكُ لِلْمَنِيَّةِ مُسْتَكِيْنَا
ومَا كَجَوَادِنَا فِيْكُمْ جَوَادٌ،

وكَلاَّ، لَيْسَ فِيْكُمْ بَاذِلُونَا
وأَيْنَ كَحَاتِمٍ فِيْكُمْ، وكَعْبٍ،

وطَلْحَةَ لِلْعُفَاةِ المُجْتَدِيْنَا؟
580 وحَسَّانُ بْنُ بَحْدَلَ قَدْ تَوَلَّى

خِلافَتَكُمْ، وأَنْتُمْ حَاضِرُونَا
ومَنْ خِفْتُمْ غَوَائِلَهُ عَلَيْهَا

وكُنْتُمْ مِنْهُ فِيْهَا مُوْجَلِيْنَا
ومِنَّا مَنْ كَسَرْتُمْ، يَوْمَ أَوْدَى

عَلَيْهِ مِنْ لِوَاءٍ، أَرْبَعِيْنَا
ومَنْ سَجَدَتْ لَهُ مِئَتَا أُلُوفٍ

وأَعْتَقَ أُمَّةً يَتَشَهَّدُونَا
ومِنَّا مُدْرِكُ بْنُ أَبِيْ صَعِيْرٍ

ومُذْكُو الحَرْبِ ثُمَّ المُخْمِدُونَا
وقَاتِلُ صِمَّةَ الهِنْدِيِّ مِنَّا

ومِنَّا بَعْدَ ذَا المُتَصَعْلِكُونَا
كَمِثْلِ الشَّنْفَرَى، وهُمَامِ نَهْدٍ

حَزِيْمَةَ أَمْرَدِ المُتَمَرَدِّيْنَا
ونَدْمَانُ الفَرَاقِدِ كَانَ مِنَّا

وضَحَّاكُ بْنُ عَدْنَانٍ أَخُوْنَا
ومَنْ خَدَمَتْهُ جِنُّ الأَرْضِ طَوْعًا

ومَا كَانُوا لِخَلْقٍ خَادِمِيْنَا
وبَادِرُنَا فَلَمْ نَحْصِيْ إذَا مَا

عَدَدْتُمْ أَوْ عَدَدْنَا المُفْرَدِيْنَا
590  ونَاقِلُنَا قَدِ اتُّبِعُوا لَديْكُمْ

وكَانُوا خَلْفَ قَوْمِيْ تَابِعِيْنَا
وفِيْنَا ضِعْفُ مَا قُلْنَا، ولَكِنْ

قَصَرْنَا؛ إِذْ يُعَابُ المُسْهِبُونَا
ولَكِنِّيْ كَوَيْتُ قُلُوْبَ قَوْمٍ

فَظَلُّوا بِالمَنَاخِرِ رَاغِمِيْنَا
يَعَضُّونَ الأَنَامِلَ مِنْ خَزَاءٍ

ومَاذَاكُمْ بِشَافِي النَّادِمِيْنَا
فَلاَ فَرَجَ الإِلَهُ هُمُوْمَ قَوْمٍ

بِقُبْحِ القَوْلِ كَانُوا مُبْتَدِيْنَا
هُمُ وَلَجُوا إِلَى قَحْطَانَ نَهْجًا

فَصَادَفَهُمْ بِهِ مَا يَحْذَرُوْنَا
وقَدْ شَيَّدْتُ فَخْرًا في قَبِيْلِيْ

يُقِيْمُ مُخَلَّدًا في الخَالِدِيْنَا
فَمَنْ ذَا يَضْطَلِعْ بَعْدِيْ بِهَدْمٍ

فَيَهْدِمَهُ بِإِذْنِ الشَّائِدِيْنَا
فَهَدْمُ الشَّيْءِ أَيْسَرُ، غَيْرَ كِذْبٍ،

مِنَ البُنْيَانِ عِنْدَ الهَادِمِيْنَا
ولَوْ أَنِّيْ أَشَاءُ لَقُلْتُ بَيْتًا

تَكَادُ لَهُ الحِجَارَةُ أَنْ تَلِيْنَا
600 ولَكِنِّي لِرَحْمَتِهِمْ عَلَيْهِمْ

بِتَزْكِيَةٍ مِنَ المُتَصَدِّقِيْنَا
فَكَمْ حِلْمٍ أَفَادَ المَرْءَ عِزًّا

ومِنْ جَهْلٍ أَفَادَ المَرْءَ هُوْنَا
وحَسْبُكَ أَنَّ جَهْلَ المَرْءِ يُضْحِيْ يَضْحَى

عَلَيْهِ لِلْعِدَاءِ لَهُ مُعِيْنَا

معلومات عن الشاعر: الهمداني شاعر قصيدة الدامغة

 أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني (334  هـ) جغرافي وكيميائي وفلكي ونحاء وشاعر عربي عاش في نهاية الدولة العباسية. كتب أقدم كتاب عن جغرافيا وتاريخ