عُـوجــا عَـلى طلل بِالقُـفـص خُلّانـي

202

عُـوجــا عَـلى طلل بِالقُـفـص خُلّانـي

أَقــوى فــقــطّــانــه أرآلُ هِـيــقــانِ

كَـالدَيــبُــليّــات أَو إِجـل قَـراهـبـة

مـن بَـيـن أَحمـر يَرعـاهـا وَثِيـرانِ

وَغَـــيّــــرت آيـــة ريــحٌ شَــآمـــيـــةٌ

وَوَبـلُ مُـثــعَـنـجِـرٍ بِالسـيـل مِرنـانِ

أَجــشّ مُــغـــلَنـــطِــقٌ مُـغــدَودِق غَـدِقٌ

مُهـــرَورِق وَدِق مـــســـحـــنـــفِـــرٌ دانِ

أَضـحـى خَلاءً وَأَمسـى أَهله شَحَـطـوا

نَـواهــم حَـيــث أَمّـوا أَرض نَـجــرانِ

أَرضـا نَـأَت وَنَـأى لِلحَـيِّ قـاطِـنُهـا

إِذ حَـلّ أَرضـا بِهـا أَبنـاءُ ذُبيـانِ

يـا صـاحِــبَــيَّ أَلِمّـا سـاعَــةً وَقِفـا

في دارِ أخت بنـي ذُهل بن شيـبانِ

وَمـا وقـوف اِمـرئ هـاجَـت صَبـابَـتَه

سُـفـعُ المَلاطـم من تَلويـحِ نيـرانِ

وَمُـفــرَدٌ تـركــت أَيـدي الإِماء به

غَـدائِرَ الشعـر شُعـثـا غَيـرَ إِدهانِ

عَلَيـه مثـل وِشاح الخَود قَد نَحلا

مـن طـول عَهـدهــم بِـالحَــيّ رِبقـانِ

فَالدّار مُوحِـشَـة ما إِن بِعَـرصـتـهـا

إِلّا النـعــامُ وَإِلّا بُـقــعُ غِـربــانِ

يَـحـجُـلن في عَطَـن قَد كنـتُ أَعهـده

قَـبــل الحـلول بـه للعـيــن مَـلآنِ

كَـأَنَّمــا هـي رَأيَ العَـيــنِ عَن قُذُف

أَصـاغِــر مـن بَـنــي نُـوب وَحُـبـشـانِ

دارٌ لِجـــارِيَــــة حَـــوراءَ لاهِــيَـــةٍ

كَـالشَّمــسِ ضـاحِــيَـة في حُسـن جِنّـانِ

بِـالوَصــلِ راضِـيَــةٍ عَهـدي مُـواتِـيَـةٍ

عَـنّــي مُـحـامِـيَـةٍ تَجـفـو وَتَنـسـانـي

هِـر كَـولَةٍ بَهـر تَـخــتــال في طُرَر

تـشــفــيــك مـن أُشُـر غَرّاءَ مِفـتـانِ

عَـلَّت مَـآليَهــا مِـنــهــا عَـواليَهــا

تَـأوي عَـلاليــهـا في سَتـر أَكنـانِ

كَـحــلاء فـي دَعج عيـنـاء في برج

نَـجــلاء فـي زَجَج تَسـلو وَتَقـلانـي

شَـنــبــاء في بَهَج لَميـاء في فَلَج

خَـدلاء فـي بَـلَج أَدنـو وَتَـنــآنــي

غَـيــداء فـي رَبَـل لَفّـاء فـي رَتَـل

هَيـفـاء في ثقـل في النَّوم تَغشاني

لعـســاء في خَصَـر قَنـواء في صِغَـر

كَـالرّيـم في بَقَـر من وَحش عَدنـانِ

جَـيــداء فـي حَوَر وَسَنـى عَلى خَفَـر

شَـمّــاء فـي بَهَـر مـن خَيـر نسـوانِ

في جيـدِهـا سُمُـط من تَحـتِهـا قُمُـط

مـن فَـوقِهــا قُـرُط أَعـلاه شِـنـفـانِ

غِـلمــانــهــا سُـخُــط كَـأنــهــم شُـرُط

أَنـجــالُهُــم لُقُـط من نَسـل شيـطـانِ

عُـلّقــتُهــا حِـجَــجــا مـزوّرةً غَـنَـجـا

بِالهـجـر فهـي شجاً لي بين أَقراني

تُلهـي مُسـامِـرَهـا تُذكـي مَجـامِـرَهـا

تَـغــدو غَدائِرهـا بِالمِـسـك وَالبانِ

تَكـسـو مَجـاسِـدَهـا مِنـهـا قَلائِدَهـا

تُـعــبــي عَـتـائِدَهـا مَعـشـوق أَدهانِ

صُــفـــر تَـرائِبُهــا زُجّ حَـواجِــبــهــا

سـود ذَوائِبـهــا كَالحـالِكِ القانـي

بـيــض مَـحــاجِــرُهـا فَعـم نَواشِـرهـا

يَشـفـى مُبـاشِـرُهـا مِنـهـا بِعِـصـيـانِ

زَهــراءَ خَــرعـــبـــةٍ رُودٍ مــبـــطَّنــةٍ

لِلعَـيــنِ مُـعـجـبـة تَنـفـي لأحزانـي

خـودٍ مـهــذَّبَــةٍ في الخدر مُخـصِـبَـةٍ

عَــنّـــي مُــحـــجَّبــَةٍ عَـمــداً لِخـذلانِ

راحَـت مـبــتَّلــَةً عَـيــطــاءَ عَـيـطَـلَةً

كَـالرّيــم هَـيــكــلةً في زُهر كَتّـانِ

لِلوُدّ مــــازِجـــــةٍ لِلخِـــدر وَالجـــةٍ

ليـسَــت بِـخــارِجَــةٍ تَهـفـو بِبُهـتـانِ

وَفـتــيَــةٍ نُـجُــب مـن مَـعــشــر غُـلُب

فـي مـنــتَهــى نـسـب تنـمـي لغَسّـانِ

أكـــابِــــرٍ رُجُـــحٍ أَخــايـــرٍ سُــمُـــحٍ

أَكـارِم نُـجُــح مـن نَـســل قـحــطــانِ

راحـوا عَـلى عَـجَـل في مَوكِـبٍ حَفـل

فـي غـيــر ما عِلَل في خيـر إِبّانِ

فـي مَهمـه قصـدوا حَتّـى إِذا وَردوا

وَالناس قَد هَجـدوا وَاللَّيلُ لَونانِ

قَــمـــراؤُه يَــقَـــق فـي لَونـه بَـلَق

قَـد حَـفّهُ غُـسَــق فـي غـيـر تِبـيـانِ

أَضحـوا وَقَد قَطَـعـوا بِيداً لها لُمَعٌ

فـيــهـا الطلا رُتُع أَطلاء ظِلمـانِ

حَـلّوا بـذي طَـرَب يَـسـمـو إِلى حسـب

فـــي بـــاذِخ أَشِـــب أُخــتٍ لإِخــوانِ

فـي قَصـرِهـا غُرَف من تَحـتِهـا سُقُـفٌ

مِـن فَـوقِهــا شُـرَف زيـنَــت بِإِيـوانِ

قَــد حَــفّه كُـثُــب مـن حَـوله قُـضُــبُ

مَـكــنــونَــة شَـطــب حُـفّــت بِبُـسـتـانِ

خِـــلاله نَهَـــرٌ وَبـــيـــنـــه شــجـــر

يـزيــنــه ثَـمَــرٌ مـن زَهـر قِـنــوانِ

أَغـصــانــهــا نُـضُــر أَوراقُهـا خُضُـر

أَنـهــارُهــا غُـزُر مـن ضـرب شَـفّــانِ

زُهـر مـنــابِـتـهـا دامَت غضـارَتـهـا

بُـحٌّ فـواخــتــهــا مـن طـول تَرنـانِ

صـرّت جـنــادِبُهــا عاشَـت عَنـاظِـبُهـا

تَـعــوي ثعـالبـهـا من حَول عِيـدانِ

تَلهـو بدُرّاجـهـا عن صَوت صَنّـاجِهـا

أَو طـيــبِ بَهراجِهـا أَو نَوح وِرشانِ

أَو صَـوت قـمــريّــة تَدعـو بصُـفـريّـة

تَـبــكــي لكُـدريّــة من فَوق أَغصـانِ

مــكّـــاؤهـــا غَــرِد فـي رَوضـة فـرِد

مـن طـيــبــهــا صَـرِد حـلّاه طَوقـانِ

عـصــفــورهــا طَـرب فـي لَونِه خَـطَــب

فـي صَـوتــه صَـخَــب يَـبــكـي لِصردانِ

أَو بـاشــقٌ كَـلِبٌ لِلطَّيـر مـنــتــهِــب

قَـد عـاقَه تَـعَــب مـن جمـع غِربـانِ

تُــفّـــاحــهــا هَـدِل أُتـرُجّهــا خَـضِــل

عُــنـــقــودهــا زَجِـل حُـفّــت بِـرُمّــانِ

بَيـضـاء في حمـرة حمـراء في صُفرة

صَـفــراء في خُضـرة من بَيـن أَلوانِ

جاءوا عَلى مَهَل من غَيـر ما عِلَل

يَـمــشـون في حُلَل من وَشى صَنـعـانِ

شُـمّ مـراعــفــهــم جُـمّ مَـلاحِــفــهُــم

قـامَــت وَصـائِفــهــم أَمثـالُ غِلمـانِ

دُرم مَـرافِــقُهــا بُـقــع مَـنــاطِـقُهـا

قُـرّ قـراطِــقــهــا زيـنَــت بِتـيـجـانِ

يَـسـعَـيـن في لَطَف يَرعـدن من عُنُـف

كَـالراحِ فـي صُـحُــف أَشـبـاه غِزلانِ

صَهـبــاءَ صـافِــيَــةٍ صَـفـراء فاقِـعَـة

لِلمَـرء رافِـعَــة مـن عـصــر دِهقـانِ

تَشـفـي بشـربَـتِهـا من طيـب فَرحَتِها

تـحــكــي بِـنَـكـهَـتِهـا تُفّـاحَ لُبنـانِ

وَالمِسـك إِن مُزِجـت وَالسكّ إِن فُتقت

وَالوبـل إِن بُـزلت صِـرفــاً لِرَشفـانِ

في الدَنّ قَد عتُـقت حولين فامتنعت

تَـحــكـي إِذا صُفـقـت إِكليـلَ مرجـانِ

تَجـول في طوقـهـا كَالدُرّ من فَوقِها

تَكـفـيـكَ من ذَوقِها من غَير إِدمانِ

يَـعــمــلن مُـعــمــلةً زُهـراً مـفـدَّمَـةً

صُـفــراً مـقــوَّمــة من تِبـر عقـبـانِ

كَــأَنَّهـــا بُــقـــع مـن أَطـيُــر وُقُـع

لاحَــت لَهــا سُـفُــع أَصـغَــت بِـآذانِ

فــي ريــشِهــا طَـرَق أَلوانـهــا زُرُقٌ

أَذنـابــهــا بُـلُق مـن طيـر جُلجـانِ

حُـمــر قَـوائِمــهــا صُفـر خَراطـمـهـا

بـيــض حـلاقِــمــهـا ريعَـت بِنـيـرانِ

أَقـعــت عَـلى فَـرَق فـي صحـصـح أَنِق

يَـنــظُـرن في حَدَق مِن خَوف عِقـبـانِ

وَعِـنــدهــم قيـنـة في شدوِهـا غُنّـة

لَيـسَــت بِهـا ضِـنّــة من قَرع حَنّـانِ

نَـفــج رَوادِفـهــا عَـذب مَـراشِــفـهـا

دُكـن مَـطــارِفُهــا مـن خَـزّ نَـجــرانِ

يُلهـيـكَ مَطـرَبُهـا يُسـليـكَ مَضـرِبُهـا

يُـنــســيـكَ مَلعَـبُهـا أَقوالَ فِتـيـانِ

تَحـكـي بتـهـجـاسِهـا تَقطيعُ أَنفاسها

بـاتَــت عَلى رَأسِها إِكليـلُ مرجـانِ

فـي صَـوتِهــا صَـلَق في عودِهـا نَزَق

أَوتـارُهــا نُـطُــق تَـلفِــظــه كَـفّــانِ

حَتّـى إِذا ثَمِـلوا من طولِ مانَهِلوا

قالوا وَما عَقـلوا تِمـثـالَ وَسنانِ

قَتـلى وَما قُتِلوا جَهلى وَما جهِلوا

سَكـرى وَما اِنتَقَلوا من حُكم لُقمانِ

ماتوا وَما قُبِروا عاشوا وَما نُشِروا

قامـوا وَما حُشِـروا من تَحتِ رَيحانِ

دارَت قَـواقِــرُهُــم لانَـت مَغـامِـزُهُـم

طـابَــت غَـرائِزُهُــم من خَيـر أَخدانِ

حَـنّــت مَـزامِـرُهُـم طابَـت مَسـامِـرُهُـم

عـالَت عَـنـاصِـرُهُـم من قَصـر غُمـدانِ

قـالوا لَدَى طـرب بِـالقَـول لا كَذِبٍ

الحَــمـــدُ لِلَّهِ شُــكـــراً كُـلَّ أَرمـان

معلومات عن الشاعر: خالد القناص

خالد بن أبان (1) أبو الهيثم الكاتب الشاعر الأنباريّ مولى الأزد كان يعرف بالقنَّاص ترجم له الصفدي في الوافي قال: ذكره محمد بن داود بن