تكلمي أيتها الذكريات
فلاديمير نابوكوف
يهديها إلى فيرا وهو اسم العزبة والقرية التي عاش فيها الطفولة في سانت بطرسبرج،
وهو أيضا اسم زوجته
بكل مختصر يتحدث عن الطبقات الأرستقراطية في عهد القياصرة الروس قبل الثورة البلشفية، وكيف آلت أحوالهم وتشتتهم في أوروبا والعالم؟ كيف كان يعيش الروس في الغربة والصعوبة التي واجهوها في الاندماج مع مجتمعات كان يرونها أقل ثقافة ورقي؟
طبعا سيذهلك باهتمامه بالفراشات ولعب الشطرنج، لا يوجد فيها بطولة أو أفعال خارقة، فتى مدلل كان نهم في حب القراءة وتعلم اللغات، درس في كامبرديج ومن ثم تنقل في عدة دول أوروبية وأمريكا، وكان مرشح لنيل نوبل ولكنه انتزعها الروسي العظيم ميخائيل شولوخوف.
لقائه بتولوستوي وعظماء الروس وشعرائها، علاقاته مع عائلته وأشقاءه، تشعر في سرده ببرود ساخن لا يمكنك تخيله.
تكلمي أيتها الذكريات، تتحدث عن قيام الثورة البولشفية في روسيا عام 1917 واضطراره للهرب مع والده وسائر أسرته لترك سانت بطرسبرج على عجل إلى جنوب روسيا وتحديدا إلى جزيرة القرم، لقد كان والده ليبرالي مناهض، وبعد أشهر اضطروا للمغادرة إلى اليونان وبعدها إلى ألمانيا وفرنسا وإنجلترا قبل أن يهاجر إلى الولايات المتحدة ليعود إلى سويسرا ويستقر فيها ويموت.
أبرز كتبه:
- – رواية لوليتا.
- -رواية الهدية.
- -رواية الدفاع.
- -كتاب سيرة حياة الفارس سباستيان.
- -رواية وآدا.
- -رواية عقد شؤم.
- -كتاب أمور شفافة.
لقد نهج نهج أدب الرسائل في كتابه تكلمي أيتها الذكريات، وكانت موجهة إلى زوجته، ومن أهم تلك الرسائل وأشهرها:
” لست معتادًا على أن يفهمني أحد، لست معتادًا على هذا لدرجة أنني اعتقدت في الدقائق الأولى من لقائنا أن الأمر أشبه بمزحة، ثم.. هنالك أشياء يصعب الحديث عنها، لكنك تستطيعين التخلص من كل طبقات الغبار فوقها بكلمة واحدة.. أنتِ لطيفة.. نعم، أحتاجك، يا قصّتي الخياليّة؛ لأنكِ الشخص الوحيد الذي أستطيع التحدث معه عن ظل غيمة، عن أغنية فكرة، عن الوقت الذي ذهبت فيه للعمل ونظرتُ إلى زهرة عبّاد شمس، ونظرتْ إليّ، وابتسمتْ كل بذرة فيها. أراكِ قريبًا يا متعتي الغريبة، يا ليلتي الهادئة. كيف بإمكاني أن أفسر لكِ سعادتي، سعادتي الرائعة الذهبيّة، وكيف أنني ملكٌ لكِ، بكل ذاكرتي، بكل قصائدي، بكل ثوراتي، وزوابعي الداخليّة؟، كيف بإمكاني أن أشرح لكِ أنني لا أستطيع كتابة كلمة واحدة دون أن أتخيّل طريقة نطقكِ لها، ولا أستطيع تذكر لحظة واحدة تافهة عشتها دون ندم لأننا لم نعشها معًا، سواءً كانت أكثر اللحظات خصوصيّة، أو كانت لحظةً لغروب الشمس، أو لحظة يلتوي فيها الطريق، هل تفهمين ما أقصد؟ أعلم أنني لا أستطيع إخبارك بكل ما أريد في كلمات، ….. لذلك، يبدو حديثي سطحيًا، ولكن هذا ما أشعر به. كنت أستطيع بحبي أن أشعل عشرة قرون، بالأغاني والشجاعة. عشرة قرون كاملة، مجنّحة وعظيمة، مليئة بالفرسان الذين يصعدون التلال الملتهبة، وأساطير عن العمالقة، وطروادة، وأشرعة برتقاليّة، وقراصنة، وشعراء. وهذا ليس وصفًا أدبيًا، لأنك إن عدتِ لقراءته مرةً أخرى ستكتشفين أن الفرسان يعانون من زيادة في الوزن. أحبكِ، أريدكِ، أحتاجكِ بشكل لا يطاق.. عيناكِ، اللتان تشرقان عندما تسندين رأسك للخلف، وتحكين قصة مضحكة، عيناكِ، صوتكِ، شفاهكِ، كتفاكِ، خفيفان، مشرقان.. لقد دخلتِ حياتي، ليس كما يدخل الزائر، بل كما تدخل الملكات إلى أوطانهن، وجميع الأنهار تنتظر انعكاسك، كل الطرق، تنتظر خطواتك. أحبكِ كثيرًا. أحبك بطريقة سيئة (لا تغضبي، يا سعادتي). أحبكِ بطريقة جيدة. أحب أسنانكِ.. أحبكِ، يا شمسي، يا حياتي، أحب عينيكِ، مغمضتين، أحب أفكاركِ، أحب نطقك لحروف العلّة، أحب روحك بأكملها من رأسك حتى قدميك”
لم يغفل حبه الأول الذي شغفه وألهمه لكتابة رواية لوليتا، وهو حبه للفتاة التي التقى بها على الجسر مع صويحباتها في سانت بطرسبرج، تمارا.
في سنة 2011 اختارت مجلة التايمز Times تكلمي أيتها الذكريات من بين أهم مائة عمل أدبي في كل العصور. كان نابكوف يتميز بالنثر الساحر وأبدع فيه، وكان لديه ومخيلة وذاكرة جعلت عمله يتميز على كافة الأعمال، كذلك البيئة والتنشئة، والأحوال التي حالت بالعالم في تلك الحقبة.
كانت لجنة نوبل قد وضعت نابكوف كأحد المرشحين ولكنهم أحالوها إلى الروسي العظيم شولوخوف، مؤلف الدون الهادئ.
حيث كان على بحيرة في كازاخستان وعندما أخبروه بأنه قد فاز بجائزة نوبل، قال لهم:
“من الصعب أن يخرجني هذا الخبر من متعتي اليومية، إعادة قراءة الحرب والسلم، واصطياد السمك والعيش وسط الناس مثل ديكنز، ولكن هذا لا يمنع أن تأتي للإنسان ضربتان من ضربات الحظ في يوم واحد، الحصول على جائزة نوبل واصطياد بطة كبيرة”.
………………….
#ابن_عايض_للكتب صالح
سناب الكتاب