أَسِـل بِـدَمــعِـكَ وادي الحَيِّ إِن بانـوا

138

أَسِـل بِـدَمــعِـكَ وادي الحَيِّ إِن بانـوا

إِنَّ الدُمــوعَ عَــلى الأَحــزانِ أَعــوانُ

لا عُذرَ بَعـدَ تَنـائي الدارِ مِن سَكَـنٍ

لِمُــدَّعـــي الوَجـدِ لَم يَـدمَــع لَهُ شـانُ

حَــيِّ الطَــوالِعَ مِـن نَـجــدٍ تَـصــونُهُــمُ

عَــنِ النَــواظِـــرِ أَنــمـــاءٌ وَكــيــرانُ

رَمَوا جُيـوبَ المَطـالي عَن مَيـامِـنِهِـم

وَشـيــحَــةُ الحَـزنِ يُـســراهُــم وَنَجـرانُ

سـارَت بِـقَــلبِــكَ في الأَحشـاءِ زَفرَتُهُ

وَاِسـتَــوقَـفَـتـكَ بِأَعـلى الرَملِ أَظعـانُ

لَمّـا مَـرَرنـا عَلى تِلكَ السُروبِ ضُحـىً

نَـصَــت إِلى الرَبـعِ أَجـيــادٌ وَأَعـيــانُ

مِن كُلِّ غَيـداءَ قَد مالَ النَعـيمُ بِها

كَـمــا تَـخــايَــلَ بِـالبُــردَيــنِ نَشـوانُ

كَـأَنَّمــا اِنـفَــرَجَــت عَنـهُـم قِبـابُهُـم

يَــومَ الأُنَــيـــعِـــمِ آجــالٌ وَصــيــرانُ

مُـســتَــشــرِفــاتٌ يُـعَـرِّضـنَ الخُدودَ لَنا

كَــمـــا تَــشَـــوَّفَ صَـوبَ المُـزنِ غِـزلانُ

لا يُـذكَــرُ الرَمـلُ إِلّا حَـنَّ مُـغــتَــرِبٌ

لَهُ بِـــذي الرَمـــلِ أَوطـــارٌ وَأَوطـــانُ

نَهـفـو إِلى البانِ مِن قَلبـي نَوازِعُهُ

وَمـا بِـيَ البانُ بَل مَن دارُهُ البانُ

أَسُـدُّ سَـمــعــي إِذا غَـنّــى الحَمـامُ بِهِ

إِلّا يُـــبَــــيِّنـــَ سِــرَّ الوَجــدِ إِعــلانُ

وَرُبَّ دارٍ أَوَليـــهــــا مُـــجــــانَــــبَــــةً

وَبـــي إِلى الدارِ أَطـــرابٌ وَأَشــجـــانُ

إِذا تَـلَفَّتــُّ فـي أَطـلالِهــا اِبـتَــدَرَت

لِلعَــيـــنِ وَالقَــلبِ أَمــواهٌ وَنـيــرانُ

كُــلمٌ بِــقَـــلبـــي أُداويــهِ وَيَــقــرِفُهُ

طَـولُ إِدكـاري لِمَـن لي مِـنـهُ نِسـيـانُ

لا لِلَوائِمِ إِقـــــصــــــارٌ بِــــلائِمَـــــةٍ

عَــنِ العَــمـــيـــدِ وَلا لِلقَـلبِ سُـلوانُ

عَـلى مَـواعــيــدِهِــم خُـلفٌ إِذا وَعَـدوا

وَفــــي دُيــــونِهِــــمُ مَـــطــــلٌ وَلَيّـــانُ

هُــم عَــرَّضــوا بِـوَفــاءِ العَهـدِ آوِنَـةً

حَـتّــى إِذا عَذَّبـونـي بِالمُـنـى خانـوا

لا تَـــخــــلُدَنَّ إِلى أَرضِ تَهـــونُ بِهـــا

بِــالدارِ دارٌ وَبِــالجــيــرانِ جـيــرانُ

أَقــولُ لِلرَكــبِ قَــد خَــوَّت رِكــابُهُـــمُ

مِــنَ الكَــلالِ وَمَــرُّ اللَيــلِ عَـجــلانُ

مُـدّوا عَـلابـيَّهـا وَاِستَـعـجِـلوا طَلَبـاً

إِذا رَضـي بِـالهُـوَيـنـا مَعـشَـرٌ هانـوا

نَـرجــو الخُلودَ وَباقـيـنـا عَلى ظَعِـن

وَالدارُ قــاذِفَـــةٌ بِــالزَورِ مِــظــعــانُ

إِن قَـلَّصَ الدَهـرُ مـا أَضفـاهُ مِن جِدَةٍ

فَـصَــنــعَــةُ الدَهـرِ إِعـطــاءٌ وَحِـرمــانُ

كَـم مِـن غُـلامٍ تَـرى أَطـمــارَهُ مِزقـاً

وَالعِـــرضُ أَمــلَسُ وَالأَحــســـابُ غُــرّانُ

إِذا الفَـتــى كـانَ فـي أَفـعـالِهِ شَوَهٌ

لَم يُـغــنِ إِن قَـيــلَ إِنَّ الوَجـهَ حَسّـانُ

لا تَطـلُبِ الغايَـةَ القُصـوى فَتُـحرَمَها

فَــإِنَّ بَــعـــضَ طِــلابِ الرِبـحِ خُـســرانُ

وَالعَزمُ في غَيـرِ وَقتِ العَزمِ مَعـجَزَةٌ

وَالإِزدِيـادُ بِـغَــيــرِ العَـقـلِ نُقـصـانُ

وَاِجـعَـل يَدَيـكَ مَجـازَ المالِ تَحـظَ بِهِ

إِنَّ الأَشِـــــــحّـــــــاءَ لِلوُرّاثِ خُــــــزّانُ

سَـيَــرعُــبُ القَـومَ مِـنّـي سَطـوُ ذي لِبَدٍ

لَهُ بَــــــعـــــــثَــــــرَ أَعـــــراسٌ وَوِلدانُ

لا يَـطــعَــمُ الطُعـمَ إِلّا مِن فَريـسَـتِهِ

إِن يَـعــدَمِ القِـرنَ يَـومـاً فَهوَ طَيّـانُ

ما شى الرِفاقَ يُراعـي أَينَ مَسـقِطُهُم

وَالسَـمــعُ مُـنــتَــصِــبٌ وَالقَلبُ يَقـظـانُ

يَسـتَـعـجِـلُ اللَيلَةَ القَمـراءَ أَوبَتَهـا

إِذا بَنو اللَيلِ مِن طولِ السُرى لا نوا

حَـتّــى إِذا عَرَّسـوا في حَيـثُ تَفـرُشُهُـم

نَــمـــارِقَ الرَمـلِ أَنـقــاءٌ وَكُـثــبــانُ

دَنـا كَـمــا اِعـتَــسَّ ذو طِمـرَيـنِ لَمَّظَهُ

مِـن فَـضـلَةِ الزادِ بِالبَـيـداءِ رُكبـانُ

ثُــمَّ اِســتَـــقَـــرَّت بِهِ نَـفــسٌ مُـشَــيَّعــَةٌ

لَهـا مِـنَ القَـدَرِ المَـجــلوبِ مِـعــوانُ

فَـعــاثَ مـا عـاثَ وَاِستَـبـلى عَقـيـرَتَهُ

يَــجُـــرُّهـــا مُــطــعِــمٌ لِلصَـيــدِ جَـذلانُ

قِــرنٌ إِذا طَــلَبَ الأَوتــارَ عَــن عُـرُضٍ

لَم تَـفــدِ مِـنــهُ دِمـاءَ القَومِ أَلبانُ

وَغِـــلمَــــةٍ أَخَـــذوا لِلرَوعِ أُهـــبَــــتَهُ

لُفَّ البُـطــونِ عَـلى الأَعـوادِ خُـمـصـانُ

طــارَت بِــأَشــبــاحِهِــم جُـردٌ مُـسَــوَّمَــةٌ

كَـأَنَّمــا خَـطَــفَــت بِـالقَــومِ عِـقــبــانُ

مِــن كُــلِّ أَعــنَـــقَ مَــلطـــومٍ بِـغُــرَّتِهِ

كَـأَنَّهــُ مِـن تَـمــامِ الخَـلقِ بُـنــيــانُ

يَـمُــدُّ لِلجَـرَسِ مِـثــلَ الآسِـتَــيــنِ إِذا

خــــانَ التَــــوَجُّســــَ أَبـــصــــارٌ وَآذانُ

فَاِسـتَـمـسِـكـوا بِنَـواصـيـهـا وَقَد سَقَطَت

مِــن غــائِرِ الجَــريِ أَلبــابٌ وَأَرسـانُ

كَـأَنَّمــا النَـخــلُ تَـزفــيــهِ يَمـانِـيَـةٌ

فــاهَـــت بِهِ ثَــمَّ أَعــقـــابٌ وَعَــيــرانُ

كَـعَــمـتُ فاغِـرَةَ الثَغـرِ المَخـوفِ بِهِم

يَهــفـــو بِـأَيــمــانِهِــم نَـبــعٌ وَمُـرّانُ

كَــأَنَّ غُــرَّ المَـعــالي فـي بُـيــوتِهِــمُ

بـيــضٌ عَـقــائِلُ يَـحــمــيــهِــنَّ غَـيــرانُ

يـا فاقِـدَ اللَهِ بَيـنَ الحَيِّ مِن يَمَـنٍ

أَنـســاهُــمُ الحِـلمَ أَحـقــادٌ وَأَضـغــانُ

إِلى كَـمِ الرَحـمُ البَـلهــاءُ شـاكِــيَــةٌ

لَهــا مِــنَ النَــعـــيِ إِعـوالٌ وَإِرنـانُ

حَـيــرى يُـضِـلّونَهـا ما بَيـنَـنـا وَلَهاً

مِــنّـــا عَــلى عُــدَواءِ الدارِ نِـشــدانُ

النَــجـــرُ مُــتَّفـــِقٌ وَالرَأيُ مُــخـــتَــلِفٌ

فَـــالدارُ واحِـــدَةٌ وَالديـــنُ أَديـــانُ

وَثَــمَّ أَوعِــيَـــةُ الإِحــســانِ مُـكــفَــأَةٌ

فَـــــوارِغٌ وَوِعـــــاءُ الشَـــــرِّ مَـــــلآنُ

إِنّــا نُــجِــرُّهُــمُ أَعـراضَــنــا طَـمَــعــاً

في أَن يَعودوا إِلى البُقيا كَما كانوا

أَنّـى يُـتــاهُ بِـكُــم فـي كُـلِّ مُـظـلِمَـةٍ

وَلِلرَشـــــادِ أَمـــــاراتٌ وَعُـــــنــــــوانُ

ميـلوا إِلى السِلمَ إِنَّ السِلمَ واسِعَـةٌ

وَاِسـتَــوضِـحـوا الحَقَّ إِنَّ الحَقَّ عُريـانُ

يـا راكِـبــاً ذَرَعَـت نُـوَبَ الظَـلامِ بِهِ

هَـوجــاءُ مـاثِــلَةُ الضَـبــعَـيـنِ مِذعـانُ

أَبلِغ عَلى النَأيِ قَومـي إِن حَلَلتَ هِمِ

أَنّـي عَـمــيــدٌ بِـمــا يَـلقــونَ أَسـوانُ

يـا قَـومُ إِنَّ طَـويــلَ الحِـلمِ مَـفـسَـدَةٌ

وَرُبَّمـــا ضَـــرَّ إِبـــقــــاءٌ وَإِحـــســــانُ

مـا لي أَرى حَـوضَــكُـم تَعـفـو نَصـائِبُهُ

وَذودَكُــــم لَيــــلَةَ الأَورادِ ظَـــمــــآنُ

مُــدَفَّعـــيـــنَ عَــنِ الأَحـواضِ مِـن ضَـرَعٍ

يَــنـــضـــو بِهــامِـــكُـــمُ ظُـلمٌ وَعُـدوانُ

لا يُرهَـبُ المَرءُ مِنـكُـم عِنـدَ حِفـظَتِهِ

وَلا يُــراقِـــبُ يَـومــاً وَهـوَ غَـضــبــانُ

إِنَّ الأُلى لا يُـعَــزُّ الجـارُ بَـيــنَهُــمُ

وَلا تُهـــــابُ عَـــــواليـــــهِـــــم لَذُلّانُ

كَـم اِصـطِــبــارٌ عَـلى ضَـيــمٍ وَمَنـقَـصَـةٍ

وَكَـــم عَـــلى الذُلُّ إِقـــرارٌ وَإِذعـــانُ

وَفـيــكُــمُ الحـامِـلُ الهَمـهـامُ مَسـرَحُهُ

داجٍ وَمِــــن حَــــلَقِ المـــاذيِّ أَبـــدانُ

وَالخَـيــلُ مُـخــطَــفَـةُ الأَوساطِ ضامِـرَةٌ

كَـــأَنَّهــــُنَّ عَـــلى الأَطـــوادِ ذُؤبـــانُ

اللَهَ اللَهَ أَن يَـــبــــتَــــزَّ أَمـــرَكُــــمُ

راعٍ رَعِـــيَّتــــُهُ المَـــعــــزِيُّ وَالضـــانُ

ثـوروا لَهـا وَلتَهُنُ فيـهـا نُفـوسُـكُـمُ

إِنَّ المَـــنــــاقِــــبَ لِلأَرواحِ أَثــمـــانُ

فَـمِــن إِبـاءِ الأَذى حَـلَّت جَـمــاجِـمُهـا

عَــلى مَــنـــاصِـــلِهــا عَـبــسٌ وَذُبـيــانُ

وَعَن سُيـوفِ إِباءِ الضَيـمِ حيـنَ سَطـوا

مَــضـــى بَــغُـــصَّتـــِهِ الجَــعــديُّ مَـروانُ

فَـإِن تَـنــالوا فَـقَــد طالَت رِماحُـكُـمُ

وَإِن تُـــنـــالوا فَــلِلأَقـــرانِ أَقــرانُ

معلومات عن الشاعر: الشريف الرضي

محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي. أشعر الطالبيين على كثرة المجيدين فيهم. مولده ووفاته في بغداد، انتهت إليه نقابة الأشراف