خَفَّ القَطينُ فَراحوا مِنكَ أَو بَكَروا

265

خَفَّ القَطينُ فَراحوا مِنكَ أَو بَكَروا

وَأَزعَجَـتـهُـم نَوىً في صَرفِهـا غِيَـرُ

كَـأَنَّنــي شـارِبٌ يَـومَ اِستُـبِـدَّ بِهِم

مِن قَرقَـفٍ ضُمِّنـَتـهـا حِمـصُ أَو جَدَرُ

جادَت بِها مِن ذَواتِ القارِ مُترَعَةٌ

كَلفـاءُ يَنـحَـتُّ عَن خُرطومِها المَدَرُ

لَذٌّ أَصـابَــت حُـمَــيّــاهــا مُـقـاتِـلَهُ

فَلَم تَكَـد تَنـجَـلي عَن قَلبِهِ الخُمَرُ

كَـأَنَّنــي ذاكَ أَو ذو لَوعَـةٍ خَـبَــلَت

أَوصـالَهُ أَو أَصـابَـت قَلبَهُ النُشَـرُ

شَوقـاً إِلَيهِـم وَوَجداً يَومَ أُتبِعُهُم

طَرفـي وَمِنـهُـم بِجَـنـبَـي كَوكَبٍ زُمَرُ

حَثّـوا المَطِـيَّ فَوَلَّتـنـا مَنـاكِـبُها

وَفي الخُدورِ إِذا باغَـمتَها الصُوَرُ

يُـبـرِقـنَ لِلقَومِ حَتّـى يَخـتَـبِـلنَهُـمُ

وَرَأيُهُـنَّ ضَـعــيــفٌ حـيــنَ يُـخــتَـبَـرُ

يا قاتَلَ اللَهُ وَصلَ الغانِياتِ إِذا

أَيـقَـنَّ أَنَّكَ مِمَّنـ قَد زَها الكِبَـرُ

أَعـرَضـنَ لَمّا حَنـى قَوسـي مُوَتِّرُهـا

وَاِبيَـضَّ بَعـدَ سَوادِ اللِمَّةِ الشَعَـرُ

مـا يَـرعَــويــنَ إِلى داعٍ لِحـاجَــتِهِ

وَلا لَهُــنَّ إِلى ذي شَــيـــبَـــةٍ وَطَـرُ

شَرَّقـنَ إِذ عَصَـرَ العيـدانَ بارِحُهـا

وَأَيبَـسَـت غَيـرَ مَجرى السِنَّةِ الخُضَرُ

فَالعَـيـنُ عانِـيَـةٌ بِالمـاءِ تَسـفَحُهُ

مِـن نِيَّةـٍ في تَلاقـي أَهلِهـا ضَرَرُ

مُنـقَـضِـبـيـنَ اِنقِضابَ الحَبلِ يَتبَعُهُم

بَيـنَ الشَقـيقِ وَعَينِ المَقسِمِ البَصَرُ

حَـتّـى هَبَـطـنَ مِنَ الوادي لِغَضـبَـتِهِ

أَرضـاً تَحُـلُّ بِها شَيـبـانُ أَو غُبَـرُ

حَتّـى إِذا هُنَّ وَرَّكنَ القَصـيـمَ وَقَد

أَشرَفـنَ أَو قُلنَ هَذا الخَندَقُ الحَفَرُ

وَقَعـنَ أُصلاً وَعُجـنـا مِن نَجائِبِنا

وَقَـد تُـحُــيِّنــَ مِـن ذي حاجَـةٍ سَفَـرُ

إِلى اِمـرِئٍ لا تُـعَــرّيـنـا نَوافِـلُهُ

أَظـفَـرَهُ اللَهُ فَليَهـنِـئ لَهُ الظَفَـرُ

الخائِضِ الغَمـرَ وَالمَيـمـونِ طائِرُهُ

خَليـفَـةِ اللَهِ يُسـتَـسـقـى بِهِ المَطَرُ

وَالهَمُّ بَعـدَ نَجِـيِّ النَفـسِ يَبـعَـثُهُ

بِالحَـزمِ وَالأَصمَعانِ القَلبُ وَالحَذَرُ

وَالمُسـتَـمِـرُّ بِهِ أَمرُ الجَمـيـعِ فَما

يَـغــتَــرُّهُ بَـعــدَ تَـوكــيـدٍ لَهُ غَرَرُ

وَمـا الفُـراتُ إِذا جـاشَـت حَوالِبُهُ

في حافَـتَـيـهِ وَفي أَوساطِهِ العُشَرُ

وَذَعذَعَـتـهُ رِياحُ الصَيـفِ وَاِضطَـرَبَت

فَــوقَ الجَــآجِـــئِ مِــن آذِيِّهـِ غُـدُرُ

مُسـحَـنـفِـراً مِن جِبالِ الرومِ تَستُرُهُ

مِـنـهـا أَكافـيـفُ فيـهـا دونَهُ زُوَرُ

يَـومــاً بِأَجـوَدَ مِنـهُ حيـنَ تَسـأَلُهُ

وَلا بِـأَجــهَــرَ مِـنـهُ حيـنَ يُجـتَهَـرُ

وَلَم يَـزَل بِـكَ واشـيــهِـم وَمَكـرُهُـمُ

حَتّـى أَشاطـوا بِغَيبٍ لَحمَ مَن يَسَروا

فَمَـن يَكُـن طاوِيـاً عَنّـا نَصـيـحَـتَهُ

وَفـي يَدَيـهِ بِدُنـيـا غَيـرِنـا حَصَـرُ

فَهوَ فِداءُ أَميـرِ المُؤمِـنـيـنَ إِذا

أَبـدى النَـواجِــذَ يَومٌ باسِـلٌ ذَكَرُ

مُـفـتَـرِشٌ كَاِفـتِـراشِ اللَيثِ كَلكَـلَهُ

لِوَقــعَـــةٍ كـائِنٍ فـيــهــا لَهُ جَـزَرُ

مُــقَـــدِّمٌ مــاءَتَـــي أَلفٍ لِمَــنـــزِلَةٍ

مـا إِن رَأى مِثـلَهُـم جِنٌّ وَلا بَشَـرُ

يَغـشـى القَنـاطِـرَ يَبنيها وَيَهدِمُها

مُـسَــوِّمٌ فَـوقَهُ الرايـاتُ وَالقَـتَــرُ

حَـتّــى تَكـونَ لَهُم بِالطَـفِّ مَلحَـمَـةٌ

وَبِـالثَــوِيَّةــِ لَم يُـنـبَـض بِها وَتَرُ

وَتَـســتَــبــيــنَ لِأَقـوامٍ ضَـلالَتُهُــم

وَيَـســتَــقــيــمَ الَّذي في خَدِّهِ صَعَـرُ

وَالمُسـتَـقِـلُّ بِأَثـقـالِ العِراقِ وَقَد

كـانَــت لَهُ نِـعــمَـةٌ فيـهِـم وَمُدَّخَـرُ

في نَبـعَـةٍ مِن قُرَيـشٍ يَعصِبونَ بِها

ما إِن يُوازى بِأَعلى نَبتِها الشَجَرُ

تَعـلو الهِضـابَ وَحَلّوا في أَرومَتِها

أَهلُ الرِباءِ وَأَهلُ الفَخرِ إِن فَخَروا

حُشـدٌ عَلى الحَقِّ عَيّافو الخَنا أُنُفٌ

إِذا أَلَمَّتـ بِهِـم مَـكـروهَـةٌ صَبَـروا

وَإِن تَـدَجَّتــ عَـلى الآفاقِ مُظـلِمَـةٌ

كـانَ لَهُم مَخـرَجٌ مِنـهـا وَمُعـتَـصَـرُ

أَعـطــاهُــمُ اللَهُ جَدّاً يُنـصَـرونَ بِهِ

لا جَـدَّ إِلّا صَـغـيـرٌ بَعـدُ مُحـتَـقَـرُ

لَم يَأشَـروا فيهِ إِذ كانوا مَوالِيَهُ

وَلَو يَـكــونُ لِقَـومٍ غَيـرِهِـم أَشِروا

شُمـسُ العَداوَةِ حَتّـى يُسـتَـقادَ لَهُم

وَأَعظَـمُ الناسِ أَحلاماً إِذا قَدَروا

لا يَسـتَـقِـلُّ ذَوُو الأَضغـانِ حَربَهُـمُ

وَلا يُـبَــيِّنــُ فـي عـيــدانِهِـم خَوَرُ

هُـمُ الَّذيـنَ يُـبـارونَ الرِياحَ إِذا

قَلَّ الطَعامُ عَلى العافينَ أَو قَتَروا

بَـنــي أُمَـيَّةــَ نُـعــمــاكُــم مُجَـلِّلَةٌ

تَـمَّتــ فَـلا مِنَّةـٌ فيـهـا وَلا كَدَرُ

بَـنــي أُمَـيَّةــَ قَـد ناضَـلتُ دونَكُـمُ

أَبنـاءَ قَومٍ هُمُ آوَوا وَهُم نَصَروا

أَفحَـمتُ عَنكُم بَني النَجّارِ قَد عَلِمَت

عُليـا مَعَـدٍّ وَكانـوا طالَما هَدَروا

حَتّـى اِستَـكانوا وَهُم مِنّي عَلى مَضَضٍ

وَالقَولُ يَنـفُـذُ ما لا تَنفُذُ الإِبَرُ

بَــنـــي أُمَـيَّةــَ إِنّـي نـاصِــحٌ لَكُـمُ

فَـلا يَـبــيـتَـنَّ فيـكُـم آمِنـاً زُفَرُ

وَاِتَّخــــِذوهُ عَــــدُوّاً إِنَّ شـــاهِــــدَهُ

وَمــا تَــغَــيَّبــَ مِـن أَخـلاقِهِ دَعَـرُ

إِنَّ الضَغـيـنَـةَ تَلقـاهـا وَإِن قَدُمَت

كَالعَـرِّ يَكـمُـنُ حيـنـاً ثُمَّ يَنـتَـشِرُ

وَقَد نُصِـرتَ أَميـرَ المُؤمِـنـينَ بِنا

لَمّا أَتاكَ بِبَـطـنِ الغوطَـةِ الخَبَرُ

يُعَـرِّفـونَـكَ رَأسَ اِبنِ الحُبـابِ وَقَد

أَضـحـى وَلِلسَيـفِ في خَيـشـومِهِ أَثَرُ

لا يَسـمَـعُ الصَوتَ مُسـتَـكّـاً مَسامِعُهُ

وَلَيـسَ يَنـطِـقُ حَتّـى يَنـطِـقَ الحَجَـرُ

أَمسَـت إِلى جانِـبِ الحَشّـاكِ جيـفَتُهُ

وَرَأسُهُ دونَهُ اليَــحـــمــومُ وَالصِـوَرُ

يَسـأَلُهُ الصُبـرُ مِن غَسّانَ إِذ حَضَروا

وَالحَزنُ كَيـفَ قَراكَ الغِلمَةُ الجَشَرُ

وَالحـارِثَ بـنَ أَبي عَوفٍ لَعِبـنَ بِهِ

حَـتّـى تَعـاوَرَهُ العِقـبـانُ وَالسُبَـرُ

وَقَيـسَ عَيـلانَ حَتّـى أَقبَـلوا رَقَصاً

فَبـايَـعـوكَ جِهاراً بَعـدَ ما كَفَروا

فَلا هَدى اللَهُ قَيـساً مِن ضَلالَتِهِم

وَلا لَعاً لِبَنـي ذَكوانَ إِذ عَثَـروا

ضَجّـوا مِنَ الحَربِ إِذ عَضَّت غَوارِبَهُم

وَقَيـسُ عَيـلانَ مِن أَخلاقِها الضَجَرُ

كـانـوا ذَوي إِمَّةٍ حَتّـى إِذا عَلِقَـت

بِهِم حَبـائِلُ لِلشَيـطـانِ وَاِبتَهَـروا

صُـكّـوا عَلى شارِفٍ صَعـبٍ مَراكِـبُهـا

حَـصّــاءَ لَيـسَ لَهـا هُـلبٌ وَلا وَبَـرُ

وَلَم يَـزَل بِـسُــلَيــمٍ أَمرُ جاهِـلِهـا

حَتّـى تَعَـيّـا بِها الإيرادُ وَالصَدَرُ

إِذ يَنـظُـرونَ وَهُم يَجـنـونَ حَنظَلَهُم

إِلى الزَوابي فَقُلنا بُعدَ ما نَظَروا

كَرّوا إِلى حَرَّتَـيـهِـم يَعـمُـرونَهُـمـا

كَـمــا تَكُـرُّ إِلى أَوطانِهـا البَقَـرُ

فَـأَصــبَـحَـت مِنـهُـمُ سِنـجـارُ خالِيَـةً

فَالمَـحـلَبِـيّـاتُ فَالخـابـورُ فَالسُرَرُ

وَمـا يُـلاقــونَ فَـرّاصــاً إِلى نَسَـبٍ

حَتّـى يُلاقِـيَ جَديَ الفَرقَـدِ القَمَرُ

وَلا الضَبـابَ إِذا اِخضَـرَّت عُيـونُهُمُ

وَلا عُــصَـــيَّةـــَ إِلّا أَنَّهــُم بَــشَـــرُ

وَمـا سَـعـى مِنـهُـمُ ساعٍ لِيُدرِكَـنـا

إِلّا تَـقــاصَــرَ عَـنّــا وَهوَ مُنـبَهِـرُ

وَقَد أَصابَـت كِلابـاً مِن عَداوَتِـنا

إِحدى الدَواهي الَّتي تُخشى وَتُنتَظَرُ

وَقَـد تَـفــاقَــمَ أَمـرٌ غَيـرُ مُلتَـئِمٍ

ما بَيـنَـنـا فيـهِ أَرحامٌ وَلا عِذَرُ

أَمّا كُلَيـبُ بنُ يَربـوعٍ فَلَيـسَ لَهُم

عِـنــدَ المَـكـارِمِ لا وِردٌ وَلا صَدَرُ

مُـخَــلَّفــونَ وَيَقـضـي الناسُ أَمرَهُـمُ

وَهُم بِغَـيـبٍ وَفي عَمياءَ ما شَعَروا

مُـلَطَّمــونَ بِـأَعـقـارِ الحِيـاضِ فَمـا

يَـنــفَــكُّ مِـن دارِمِـيٍّ فـيــهِـمِ أَثَرُ

بِئسَ الصُحـاةُ وَبِئسَ الشَربُ شُربُهُمُ

إِذا جَـرى فيـهِـمِ المُزّاءُ وَالسَكَـرُ

قَـومٌ تَـنـاهَـت إِلَيهِـم كُلُّ فاحِـشَـةٍ

وَكُـلُّ مُـخــزِيَــةٍ سُـبَّتــ بِهـا مُـضَــرُ

عَلى العِيـاراتِ هَدّاجـونَ قَد بَلَغَت

نَـجــرانَ أَو حُـدِّثَــت سَوآتِهِـم هَجَـرُ

الآكِـلونَ خَـبــيــثَ الزادِ وَحـدَهُــمُ

وَالسائِلونَ بِظَهرِ الغَيبِ ما الخَبَرُ

وَاِذكُـر غُـدانَــةَ عِـدّانــاً مُـزَنَّمــَةً

مِنَ الحَبَـلَّقِ تُبـنـى حَولَهـا الصِيَرُ

تَمـذي إِذا سَخُـنَـت في قُبلِ أَدرُعِها

وَتَـزرَئِمُّ إِذا مـا بَـلَّهــا المَـطَــرُ

وَمـا غُـدانَــةُ فـي شَـيـءٍ مَكـانَهُـمُ

أَلحابِـسـو الشاءِ حَتّى تَفضُلَ السُؤَرُ

يَــتَّصـــِلونَ بِــيَـــربـــوعٍ وَرِفــدُهُــمُ

عِـنـدَ التَرافُـدِ مَغـمـورٌ وَمُحـتَـقَـرُ

صُفرُ اللِحى مِن وَقودِ الأَدخِناتِ إِذا

رَدَّ الرِفـادَ وَكَـفَّ الحـالِبِ القَـرِرُ

ثُــمَّ الإِيــابُ إِلى ســودٍ مُــدَنَّســَةٍ

ما تَسـتَـحِـمُّ إِذا ما اِحتَكَّتِ النُقَرُ

قَد أَقسَـمَ المَجدُ حَقّاً لا يُحالِفُهُم

حَتّـى يُحـالِفَ بَطـنَ الراحَةِ الشَعَرُ

معلومات عن الشاعر: الأَخطَل

غياث بن غوث بن الصلت بن طارقة بن عمرو، أبو مالك، من بني تغلب. شاعر مصقول الألفاظ، حسن الديباجة، في شعره إبداع. اشتهر في عهد