مـعــاهــد العـلم في أفيـاءِ قحـطـان

185

مـعــاهــد العـلم في أفيـاءِ قحـطـان

هـذا عـمــادٌ هـوى فـي سـفــح لبنـان

فانـعـي إلى اللغة الفصـحـى معلمها

وانعـي إلى الشعـر ذبيـانيه الثاني

وانعـي إلى العرب العربـاء نابـغـةً

مـنــهــا يـمــت إلى أنـســاب عـدنــان

مـا كـان أرسـخ مـنــه فـي عـروبـتـه

أبـو العـلاء المـعـري وابن حمـدان

وليـس يـوهــيــه فـيــهــا أن مـوطـنـه

لبـنــان أو أن من تنـعـيـن نصـرانـي

العــرب أهــل ولا تـبــلى أواصـرهــم

عـــلى تـــبــــايــــن أوطــانٍ وأديــان

يـظــلل الأرز قـومــاً لو نـســبــتـهـم

أدركـت أنـســابــهــم فـي ظـل نجـران

وكـل مـن عـاف فـي لبـنــان نسـبـتـه

ليـعــرب كـان عـنــدي غـيـر لبنـانـي

وكـل مـن بـر بـالفــصــحــى رأيت به

ذا مـحــتــدٍ عـربــي الأصـل غـســانــي

وكـل مـن عـقــهــا فـهــو الدعـي ولو

شـد انـتــســابــاً إلى أقيـال غمـدان

مفـاخـر الضاد في الدنيـا نوابغها

وفــي نــوابـــغـــهـــا عــبــاد أوثـان

فـلا تـســل عـن زهـيـرٍ ما عقـيـدتـه

ولا تــســـل أي ديــنٍ ديــن سـحــبــان

متـى تر الضاد في البسـتـان ناضرةً

قـل أنهـا من أيادي خيـر بسـتـانـي

وقـف تـســائل مجـانـيـهـا وقد عقـدت

أثــمـــارهــا كـنــهــودٍ فـوق أغـصــان

سل ايكـهـا أين من أجرى القراح لها

وسـال كـالراح فـيــهــا بيـن ريحـان

وسل بلابـلهـا عمـن تلقـنت التغريد

عــــنـــــه ولم تــــلحـــــن بـــألحــــان

وقـل سـلامٌ عـلى اليـخ الذي طـويــت

بـطــيــه حـجــة الفـصــحــى بـأكــفــان

مـضــى فـمــا فـجــعــت أم اللغات به

إلا كــمـــا فـجــعــت أم بـمــعــنــوان

فــلا المــنــاهــل للطـلاب صـافــيــةٌ

ولا جـنــى العـلم مـن مـشـتـاره دان

ولا البـلاغــة تـجـلى في مجـالسـهـا

أضـواءُ اقـداحــهــا مـشــمـولةَ الحان

ولا البــيـــان بــمـــرتـــاضٍ لرائضــه

ولا عــصـــي المـعــانــي بـعــده عـان

ولا الكــســـائي بـادٍ فـي أريـكــتــه

ولا الزبــيـــدي مــأنـــوسٌ بــديـــوان

فليـعـقـد العرب في الدنيا مناحتهم

مــــن الفــــرات إلى خـــزان أســـوان

وليـدمــع العـلم حزنـاً في معـاهـده

فقـد أصيـبـت بمـبـنـاهـا وبالبـناني

ولتـنــشــر الراية السوداء حكـمـتـه

ان الخــورنـــق مـفــجــوع بـنــعــمــان

ويـا حـمــائم وادي النيـل لا تدعـي

حـمــام لبـنــان مـعــزولاً بـأشــجــان

نـوحــي كـمــا نـاح ان الضاد واحدةٌ

هـنــا وفـي مـصــر والقطـران صنـوان

هاتـي الرثاء نظـيـمـاً تسـجـعـيـن به

مــن حــافـــظـــيٍ وشـوقــي ومـطــرانــي

وبــلغـــي ام كــلثـــومٍ إذا ســجـــعــت

ان لا تـــــؤدي ســـــوى نـــــوح لآذان

وبـاكــري الأزهـر الميـمـون منـبـئةً

عـن اخـتــه فـهـي والخنـسـاء اختـان

مـن لم تذب بعـد عبـد الله مقـلتـه

حـزنــاً عـليــه فـلا قـرت بـانــســان

يـا مـن بـرى نأيـه قلبـي كأي أبي

العــيـــش بـعــدك لي والمـوت سـيــان

يـا مـوجــةً فـي خـضـم الضاد ذاهبـة

والبـحــر مـن بـعـدهـا أمواجُ أحزان

مـعــلمــي لست بالنـاسـي جمـيـلك ما

عـرفــت فـي لغـتــي مـعــنــى لعرفـان

هيـهـات أنسـى لياليـنـا التي طويت

بـيــن الكـتــابــيــن قـامـوس وديوان

وأنت تطـبـع في ذهنـي العلوم كمـا

لو رحـت تـنــقــشـهـا نقـشـاً بصـفـوان

لولاك لم يـجــر لي فـي صـفــحـة قلمٌ

ولا لعـــــبــــــتُ بــــأرواح وأذهــــان

ولا تغـنـى بشـعـري الركب والتفـتـت

إلى شـــــوارده آرام عـــــســــــفــــــان

اللَه يــعـــلم أنــي يــوم مـوتــك لم

أكحـل بغـيـر صبـيـب الدمع أجفـانـي

بـكــيــت حتـى بكـى طفـلي وعانـقـنـي

يـقــول أقـصــر بـكـاءً منـك أبكـانـي

فــقـــلت يـا ولدي ابـكــي عـلى رجـل

كـــمـــا أربــيـــك للأيــام ربــانـــي

على الذي عاش كل العمـر ممـتـطـيـاً

مـن ذهـنــه سـابــقــاً في كل ميـدان

ولسـت وحـدي بـالبــاكــي عليـه فقـد

ســالت مــدامــع أتـرابــي وأخـوانــي

إن لم يـخــلف سـواهــم مـن مـفـاخـره

فحـسـبـه الفخـر فخـرٌ ليس بالفـانـي

سيـذكـر العرب عبـد اللَه ما لهجوا

باسم امرئ القيس أو باسم ابن ذبيان

معلومات عن الشاعر: وديع عقل

وديع بن شديد بن بشارة فاضل عقل. صحفي لبناني، له نظم حسن. ولد في معلّقة الدامور، وأكمل دروسه العربية والفرنسية في مدرسة الحكمة ببيروت، واستقر