هُمُ سَلَبوني الصَبرَ وَالصَبرُ مِن شاني

224

هُمُ سَلَبوني الصَبرَ وَالصَبرُ مِن شاني

وَهُم حَرَمـوا مِن لَذَّةِ الغُمضِ أَجفاني

وَهُم أَخفَـروا في مُهجَتي ذِمَمَ الهَوى

فَلَم يَثـنِهِـم عَن سَفكِها حُبِّيَ الجاني

لَئِن أَترَعـوا مِن قَهوَةِ البَينِ أَكؤُسي

فَـشَـوقُهُـمُ أَضحـى سَمـيـري وَنَدمـانـي

وَإِن غـادَرَتــنـي بِالعَـراءِ حُمـولُهُـم

كَـفـى أَنَّ قَلبـي جاهِـدٌ إِثرَ أَظعـانِ

قِفِ العيـسَ وَاِسأَل رَبعَهُم أَيَّةً مَضَوا

أَلِلجِزعِ ساروا مُدلِجـيـنَ أَم البانِ

وَهَل باكَروا بِالسَفحِ مِن جانِبِ اللِوى

مَـــلاعِــــبَ آرامٍ هُـــنـــاكَ وَغِــزلانِ

وَأَيـنَ اِستَـقَـلّوا هَل بِهَضـبِ تِهامَـةٍ

أَناخوا المَطايا أَم عَلى كُثبِ نَعمانِ

وَهَل سالَ في بَطـنِ المَسـيـلِ تَشَوُّقاً

نُفـوسٌ تَرامَـت لِلحِمـى قَبـلَ جُثـمانِ

وَإِذ زَجَـروهــا بِـالعَــشِـيِّ فَهَل ثَنـى

أَزِمَّتـَهــا الحـادي إِلى شِـعـبِ بَوّانِ

وَهَل عَرَّسوا في دَيرِ عَبدونَ أَم سَرَوا

يَـؤُمُّ بِهِـم رُهـبــانُهُـم دَيرَ نَجـرانِ

سَرَوا وَالدُجى صِبغُ المَطارِفِ فَاِنثَنى

بِـأَحــداجِهِــم شَـتّــى صِـفــاتٍ وَأَلوانِ

وَأَدلَجَ في الأَسحـارِ بيـضُ قِبـابِهِـم

فَـلُحـنَ نُجـومـاً في مَعـارِجِ كُثـبـانِ

لَكَ اللَهُ مِن رَكبٍ يَرى الأَرضَ خُطوَةً

إِذا زَمَّهـا بُـدنــاً نَـواعِــمَ أَبـدانِ

أَرِحهـا مَطـايا قَد تَمَشّى بِها الهَوى

تَمَـشّـي الحُمَـيّـا في مَفـاصِـلِ نَشوانِ

وَيَمِّمـ بِها الوادي المُقَدَّسَ بِالحِمى

بِهِ الماءُ صَدّا وَالكَلا نَبتُ سَعدانِ

وَأَهـدِ حُـلولَ الحِـجــرِ مِـنــهُ تَحِـيَّةً

تُفـاوِحُ عَرفـاً ذاكِيَ الرَندِ وَالبانِ

لَقَد نَفَـحَـت مِن شيـحِ يَثـرِبَ نَفـحَـةٌ

فَهاجَـت مَعَ الأَسحارِ شَوقي وَأَشجاني

وَفَتَّتـَ مِنـها الشَرقُ في الغَربِ مِسكَةً

سَحَـبـتُ بِها في أَرضِ دارينَ أَرداني

وَأَذكَــرَنـــي نَـجــداً وَطـيــبَ عَـرارِهِ

نَسـيـمُ الصَبـا مِن نَحوِ طَيبَةَ حَيّاني

أَحِــنُّ إِلى تِــلكَ المَـعــاهِــدِ إِنَّهـا

مَـعـاهِـدُ راحاتـي وَرَوحي وَرَيحـانـي

وَأَهـفــو مَـعَ الأَشواقِ لِلوَطَنِ الَّذي

بِهِ صَـحَّ لي أُنسـي الهَنِـيُّ وَسُلوانـي

وَأَصـبــو إِلى أَعـلامِ مَـكَّةــَ شائِقـاً

إِذا لاحَ بَـرقٌ مِـن شَـمــامٍ وَثَهـلانِ

أُهَيـلَ الحِمى دَيني عَلى الدَهرِ زَورَةٌ

أَحُثُّ بِها شَوقـاً لَكُم عَزمِيَ الواني

مَتـى يَشـتَـفـي جَفـني القَريحُ بِنَظرَةٍ

يُزَجُّ بِها في نورِكُـم عَيـنُ إِنساني

وَمَن لي بِأَن يَدنـو لِقاكُـم تَعَـطُّفاً

وَدَهـرِيَ عَـنّــي دائِمـاً عِطـفَهُ ثانـي

سَـقــى عَهدَكُـم بِالخـيـفِ عَهدٌ تَمُـدُّهُ

سَـوافِــحُ دَمـعٍ مِـن شُـؤونِــيَ هَـتّــانِ

وَأَنـعَــمَ فـي شَـطِّ العَـقــيـقِ أَراكَةً

بِأَفـيـائِهـا ظِلُّ المُنى وَالهَوى دانِ

أُحَـيّـي رُبوعـاً بَيـنَ مَروَةَ وَالصَفـا

تَحِـيَّةـَ مُشـتـاقٍ لَها الدَهرُ حَيّـاني

رُبوعـاً بِها تَتلو المَلائِكةُ العُلى

أَفـانــيــنَ وَحـيٍ بَـيــنَ ذِكرٍ وَقُرآنِ

وَأَوَّلَ أَرضٍ بـــاكَــــرَت عَـــرَصـــاتِهـــا

وَطَـرَّزَتِ البَـطــحــا سَـحــائِبُ إيمـانِ

وَعَــرَّسَ فــيــهــا لِلنُـبــوءَةِ مَـوكِــبٌ

هُوَ البَحـرُ طامٍ فَوقَ هَضـبٍ وَغيطانِ

وَأَدّى بِهـا الروحُ الأَمـيــنُ رِسـالَةً

أَفادَت بِها البُشـرى مَدائِحَ عُنوانِ

هُـنــالِكَ فَـضَّ خَـتــمَهـا أَشرَفُ الوَرى

وَفَـخــرُ نِـزارٍ مِن مَعَـدِّ بنِ عَدنـانِ

مُـحَــمَّدُ خَـيــرُ العالَمـيـنَ بِأَسـرِهـا

وَسَيِّدُ أَهلِ الأَرضِ مِنَ الإِنسِ وَالجانِ

وَمَـن بَـشَّرَت بِـبَــعــثِهِ قَـبــلَ كَـونِهِ

نَــوامِـــسُ كُهّـانٍ وَأَخـبــارُ رُهـبــانِ

وَعِـلَّةُ هَـذا الكَونِ لَولاهُ ما سَمَـت

سَـمــاءٌ وَلا غـاضَــت طَوافِـحُ طوفـانِ

وَلا زُخـرِفَـت مِن جَنَّةـِ الخُلدِ أَربُعٌ

تُـسَــبِّحــُ فـيــهــا أُدمُ حـورٍ وَوِلدانِ

وَلا طَـلَعَــت شَمـسُ الهُدى غِبَّ دُجيَـةٍ

تَـجَهَّمــَ مِـن دَيجـورِهـا لَيلُ كُفـرانِ

وَلا أَحـدَقَــت بِالمُـذنِـبـيـنَ شَفـاعَـةٌ

يَـذودُ بِهـا عَـنـهُـم زَبانِـيُ نيـرانِ

لَهُ مُـعــجِــزاتٌ أَخـرَسَــت كُـلَّ جـاحِــدٍ

وَسَـلَّت عَلى المُرتـابِ صارِمَ بُرهـانِ

لَهُ اِنشَـقَّ قُرصُ البَدرِ شِقَّينِ وَاِرتَوى

بِـمــاءٍ هَـمــى مِـن كَـفِّهـِ كُلُّ ظَمـآنِ

وَأُنـطِــقَـتِ الأَصنـامُ نُطـقـاً تَبَـرَّأَت

إِلى اللَهِ فـيــهِ مِـن زَخـارِفِ مَيّـانِ

دَعـا سَـرحَـةً عجـمـا فَلَبَّتـ وَأَقبَـلَت

تَجُـرُّ ذُيولَ الزَهرِ ما بَيـنَ أَفنانِ

وَضاءَت قُصـورُ الشامِ مِن نورِهِ الَّذي

عَلا كُلَّ أُفقٍ نازِحِ القُطـرِ أَو دانِ

وَقَـد بَهَّجـَ الأَنـوا بِـدَعـوَتِهِ الَّتي

كَسَـت أَوجُهَ الغَبـراءِ بَهجَـةَ نيـسانِ

وَإِنَّ كِـــتــــابَ اللَهِ أَعـــظَـــمُ آيَــةٍ

بِها اِفتَضَحَ المَيّانُ وَاِبتَأَسَ الشاني

وَعَـدّى عَـلى شَـأوِ البَـليــغِ بَيـانُهُ

فَهَـيــهــاتَ مِنـهُ سَجـعُ قُسٍّ وَسَحـبـانِ

نَبِـيُّ الهُدى مَن أَطلَعَ الحَقَّ أَنجُماً

مَـحــا نورُهـا أَسدافَ إِفكٍ وَبُهتـانِ

لِعِـــــزَّتِهِ ذُلَّ الأَكــــاسِـــــرَةُ الألى

هُـمُ سَـلَبــوا تيـجـانَهـا آلَ ساسـانِ

وَأَحـرَزَ لِلدينِ الحَنـيـفِـيِّ بِالظُـبـى

تُراثَ المُلوكِ الصيدِ مِن عَهدِ يونانِ

وَنَقَّعـَ مِن سُمـرِ القَنا السُمَّ قَيصَراً

فَـجَــرَّعَهُ مِـنــهــا مُـجــاجَـةَ ثُعـبـانِ

وَأَضحَـت رُبوعُ الكُفرِ وَالشِركِ بَلقَعاً

يُنـاغـي الصَدى فيـهِـنَّ هاتِفُ شَيطانِ

وَأَصـبَــحَــتِ السَـمــحـا تَروقُ نَضـارَةً

وَوَجهُ الهُدى بادي الصَباحَةِ لِلراني

أَيا خَيـرَ أَهلِ الأَرضِ بَيتاً وَمَحتِداً

وَأَكـرَمَ كُـلِّ الخَـلقِ عُـجــمٍ وَعُربـانِ

فَمَـن لِلقَوافـي أَن تُحـيـطَ بِوَصـفِـكُم

وَلَو سـاجَــلَت سَـبــقـاً مَدائِحَ حَسّـانِ

إِلَيـكَ بَـعَــثــنـاهـا أَمانِـيَ أَجدَبَـت

لِتُـســقـى بِمُـزنٍ مِن أَياديـكَ هَتّـانِ

أَجِرنـي إِذا أَبدى الحِسـابُ جَرائِمي

وَأَثـقَــلَتِ الأَوزارُ كـفَّةــَ مـيـزانـي

فَـــأَنــــتَ الَّذي لَولا وَســائِلُ عِــزِّهِ

لَمـا فُـتِــحَـت أَبوابُ عَفـوٍ وَغُفـرانِ

عَلَيـكَ سَلامُ اللَهِ ما هَبَّتـِ الصَبـا

وَماسَـت عَلى كُثـبـانِهـا مُلدُ قُضبانِ

وَحُـمِّلــَ فـي جَـيــبِ الجَـنــوبِ تَحِـيَّةً

يَـفــوحُ بِمَـسـراهـا شَذا كُلِّ توقـانِ

إِلى العُـمَـرَيـنِ صاحِـبَـيـكَ كِلَيـهِـمـا

وَتِلوِهِـمـا في الفَضـلِ صِهرِكَ عُثمانِ

وَحَـيّــا عَـلِيّــاً عَـرفُهــا وَأَريـجُهــا

وَوالى عَـلى سِـبــطَـيـكَ أَوفَرَ رِضوانِ

إِلَيــكَ رَســولَ اللَهِ صَـمَّمــتُ عَـزمَــةً

إِذا أَزمَعَـت فَالشَـحـطُ وَالقُربُ سِيّانِ

وَخـاطَــبــتُ مِنّـى القَلبَ وَهوَ مُقَـلَّبٌ

عَلى جَمـرَةِ الأَشواقِ فيـكَ فَلَبّـاني

فَـيــا لَيتَ شِعـري هَل أَزُمُّ قَلائِصـي

إِلَيـكَ بِـداراً أَو أُقَـلقِـلُ كيـرانـي

وَأَطـوي أَديـمَ الأَرضِ نَـحـوَكَ راحِلاً

نَواجـي المَهاري في صَحـاصِحِ قيعانِ

يُرَنِّحـُهـا فَرطُ الحَنـيـنِ إِلى الحِمى

إِذا غَـرَّدَ الحـادي بِهِـنَّ وَغَـنّــانــي

وَهَل تَمـحُـوَن عَنّـى خَطايا اِقتَرَفتُها

خُـطـىً لِيَ في تِلكَ البِقـاعِ وَأَوطانِ

وَماذا عَسـى يَثـنـي عِنـاني وَإِنَّ لي

بِـآلِكَ جـاهـاً صَهوَةَ العِزِّ أَمطـانـي

إِذا نَـدَّ عَن زُوّارِكَ البَأسُ وَالعَنـا

فَجـودُ اِبنِـكَ المَنصورِ أَحمَدَ أَغناني

عِمـادي الَّذي أَوطى السِماكَينِ أَخمَصاً

وَأَوفى عَلى السَبعِ الطِباقِ فَأَدناني

مُـتَــوَّجُ أَمـلاكِ الزَمـانِ وَإِن سَـطــا

أَحَـلَّ سُـيــوفـاً في مَعـاقِـدِ تيـجـانِ

وَقاري أُسودِ الغابِ بِالصِيدِ مِثلَما

إِذا اِضطَـرَبَ الخَطِّيـُّ مِن فَوقِ جُدرانِ

هِــزَبـــرٌ إِذا زارَ البِــلادَ زَئيــرُهُ

تَـضــاءَلَ فـي أَخيـاسِهـا أُسدُ خفّـانِ

وَإِن أَطـلَعَــت غَيـمَ القَتـامِ جُيـوشُهُ

وَأَرزَمَ فـي مَـركــومِهِ رَعـدُ نـيــرانِ

صَـبَــبـنَ عَلى أَرضِ العُداةِ صَواعِـقـاً

أَسَـلنَ عَـلَيـهِـم بَحـرَ خَسـفٍ وَرَجفـانِ

كَـتــائِبُ لَو يَـعــلونَ رَضـوى لَصَدَّعَـت

صَفـاهُ الجِيـادُ الجُردُ تَعدو بِعِقبانِ

عَـديــدُ الحَصـى مِن كُلِّ أَروَعَ مُعـلَمٍ

وَكُــلِّ كَــمِـــيٍّ بِــالرُدَيــنِــيِّ طَـعّــانِ

إِذا جَنَّ لَيلُ الحَربِ عَنهُم طُلى العِدى

هَـدَتـهُـم إِلى أَوداجِها شُهبُ خُرصـانِ

مِنَ اللّاءِ جَرَّعـنَ العِدى غُصَصَ الرَدى

وَعَفَّرنَ في عَفـرِ الثَرى وَجهَ بَستانِ

وَفَـتَّحــنَ أَقـطـارَ البِلادِ فَأَصـبَـحَـت

تُؤَدّي الخَراجَ الجَزلَ أَملاكَ سودانِ

إِمـامُ البَـرايــا مِـن عَـلِيّ نِجـارُهُ

وَمِن عِتـرَةٍ سادوا الوَرى آل زَيدانِ

دَعـــائِمُ إيــمـــانٍ وَأَركــانُ سُــؤدَدٍ

ذَوو هِـمَــمٍ قَـد عَـرَّسَـت فَوقَ كيـوانِ

هُــمُ العَــلَوِيّـــونَ الَّذيــنَ وُجـوهُــم

بُدورٌ إِذا ما اِحلَولَكَـت شُهبُ أَزمانِ

وَهُــم آلُ بَــيــتٍ شَـيَّدَ اللَهُ سَـمــكَهُ

عَلى هَضـبَـةِ العَليـاءِ ثابِـتَ أَركانِ

وَفيـهِـم فَشـا الذِكرُ الحَكيمُ وَصَرَّحَت

بِـفَــضــلِهِــمُ آيُ الكِـتــابِ وَفُـرقــانِ

فُـروعُ اِبـنِ عَـمِّ المُـصـطَـفـى وَوَصِيِّهِ

فَنـاهـيـكَ مِن فَخـرَيـنِ قُربى وَقُربانِ

وَدَوحَةُ مَجـدٍ مُعـشِـبِ الرَوضِ بِالعُـلى

يَــجـــودُ بِـأَمــواهِ الرِسـالَةِ رَيّـانِ

بِمَـجـدِهِـمُ الأَعلى الصَريـحِ تَشَـرَّفَـت

مَـعَـدٌّ عَلى العَربـاءِ عادٍ وَقَحـطـانِ

أولَئِكَ فَـخـري إِن فَخـرتُ عَلى الوَرى

وَنافَـسَ بَيـتي في الوَلا بَيتَ سَلمانِ

إِذا اِقتَـسَـمَ المُدّاحُ فَضـلَ فَخـارِهِم

فَقِـسـمِـيَ بِالمَـنـصـورِ ظاهِـرُ رُجحـانِ

إِمـامٌ لَهُ في جَبـهِـةِ الدَهرِ مَيـسَـمٌ

وَمِن عِزِّهِ في مَفـرِقِ المُلكِ تاجـانِ

سَـمــا فَـوقَ هـامـاتِ النُجـومِ بِهِمَّةٍ

يَحـومُ بِها فَوقَ السَمـاواتِ نَسـرانِ

وَأَطـلَعَ فـي أُفـقِ المَعـالي خِلافَـةً

عَـلَيــهــا وِشاحٌ مِن عُلاهُ وَسِمـطـانِ

إِذا ما اِحتَبى فَوقَ الأَسِرَّةِ وَاِرتَدى

عَلى كِبـريـاءِ المُلكِ نَخـوَةَ سُلطانِ

تَـوَسَّمـتَ لُقمـانَ الحِجـى وَهوَ ناطِـقٌ

وَشاهَـدتَ كِسرى العَدلِ في صَدرِ إيوانِ

وَإِن هَــزَّهُ حُــرُّ الثَــنـــاءِ تَـدَفَّقــَت

أَنــامِـــلُهُ عُـرفــاً تَـدَفُّقــَ خُـلجــانِ

أَيا ناظِرَ الإِسلامِ شِم بارِقَ المُنى

وَباكِـر لِرَوضٍ في ذُرى المَجدِ فَينانِ

قَضى اللَهُ في عَلياكَ أَن تَملِكَ الدُنى

وَتَـفــتَــحَهـا ما بَيـنَ سوسٍ وَسودانِ

وَأَنَّكـَ تَـطــوِي الأَرضَ غَـيــرَ مُدافَـعِ

فَـمِــن أَرضِ سـودانٍ إِلى أَرضِ بَغـدانِ

وَتَـــمــــلَأهــــا عَــدلاً يَــرِفُّ لِواؤُهُ

عَلى الحَرَمَـيـنِ أَو عَلى رَأسِ غُمدانِ

فَكَـم هَنَّأـَت أَرضُ العِراقِ بِكَ العُلى

وَزُفَّتـ بِـكَ البُـشـرى لِأَطرافِ عَمّـانِ

فَلَو شارَفَـت شَرقَ البِلادِ سُيـوفُـكُم

أَتاكَ اِستِـلابـاً تاجُ كِسرى وَخاقانِ

وَلَو نَـشَــرَ الأَمـلاكَ دَهرُكَ أَصبَـحَـت

عِيـالاً عَلى عَليـاكَ أَبنـاءُ مَروانِ

وَشـايَــعَـكَ السَفّـاحُ يَقـتـادُ طائِعـاً

بِـرايَــتِهِ السَـوداءِ أَهـلَ خُـراســانِ

فَمـا المَجـدُ إِلّا ما رَفَعـتَ سِماكَهُ

عَـلى عَـمَــدِ السُمـرِ الطِوالِ وَمُرّانِ

وَهاتـيـكَ أَبكـارُ القَوافـي جَلَوتُها

تُـغــازِلُهُــنَّ الحـورُ في دارِ رِضوانِ

أَتَـتــكَ أَمـيــرَ المُؤمِـنـيـنَ كَأَنَّهـا

لَطـائِمُ مِـســكٍ أَو خَـمــائِلُ بُـسـتـانِ

تَعـاظَـمـنَ حُسـنـاً أَن يُقـالَ شَبيهُها

فَـــرائِدُ دُرٍّ أَو قَــلائِدُ عِــقـــيـــانِ

فَـلا زِلتَ لِلدُنـيــا تَحـوطُ جِهاتِهـا

وَلِلديـنِ تَـحــمــيـهِ بِمُـلكِ سُلَيـمـانِ

وَلا زِلتَ بِـالنَــصـرِ العَزيـزِ مُؤزَّراً

تُـقــادُ لَكَ الأَملاكُ في زِيِّ عُبـدانِ

معلومات عن الشاعر: عبد العزيز الفِشتالي

عبد العزيز بن عمر بن إبراهيم الفشتالي، أبو فارس. وزير المنصور أحمد (سلطان المغرب)، وأحد شعراء الريحانة والسلافة، نسبته إلى (فشتاله) قبيلة بالشمال الغربي لفاس،