يا مَنْ أُسَمِّيه بالأَلفاظ مُعْتَرفاً

119

يا مَنْ أُسَمِّيه بالأَلفاظ مُعْتَرفاً

أَنَّ المعانَي فيها عنه تقصيرُ

وأَستعيرُ له ما كنتُ عنه به

أكنْى ليُثبِتَه في العقل تقرير

إِشارةً لا لتحقيقٍ تصَوَّرَهُ

عقلٌ ولا جالَ لي في ذاك تفكيرُ

إِذْ نفْىُ معرفة التحقيق معرِفةٌ

به وطولُ العَمَى عن ذاك تبصيرُ

وسَلْبُ ما يَصِفُ الإِنسانُ من صِفَةٍ

عنه إليه إِشاراتٌ وتعبير

وكيف والعقل مهما جالَ مُلْتَمِساً

لذاك رُدَّ إليه وَهْوَ مبهورُ

لا يستطيع سِوَى إِدراك غاية ما

في ذاته فَهْوَ فيها عنه محصور

له به عن تَرَقِّيه لُيدْركَ ما

فوق الحِجاب حِجابٌ عنه مستورُ

إذْ كان في ذاته عند اللِّحاظِ لها

بها من النور أَمْرٌ فيه تحييرُ

حتَّى إِذا رامَ إِدراكاً لُمبْدِعِه

بالوْهم أَظلَم عنه ذلك النورُ

عَمَتْ بصائرُ قومٍ أَبْصَروك بما

دَمٌ ولَحْمٌ وتشكيلٌ وتقدير

فقال قائلهم جِسْمٌ يلوح لنا

للعَيْن أَنّى وعنك الفِكْرُ مقصوراً

لا أَدَّعِى فيك ما قالوه من كذِبٍ

للعَيْن أَنّي وعنك الفِكْرُ مقصورُ

بل ينظُر المرءُ منهم في مِراءَته

تشكيلَه لا سِواه منه منظورُ

لِكَوْنِها قد تغشَّى وَجْهَها صَدَأ

غَدابه وَهْوَ أَعمى اللُّبِّ مَنْبُورُ

وإِنما أَنت في قَوْلي ومُعْتَقَدي

ما قد تَضَمَّنَه في الشِّعْر تصديرُ

وما ظَهَرْتَ من الناسوت أَنت به

تَجَلِّياً لِهُدانا فَهْوَ مشكورُ

صَفْوٌ من الصَّفو شَفَّافٌ تَقَدسَ أنْ

يشوبَ جوهره الشفَّافَ تكديرُ

قد شُقَّ من أَلطف الشُّقوق منه لنا

هذي القلوبُ المُضِيَّاتُ النَّحارير

فلا نَرَى بِسِواها إِذْلها صِلَةٌ

به تُقِرُّ بها منه العناصيرُ

كم قائلٍ عند هذا لي غَلَوْتَ وفي

ضميره لَي تكذيبٌ وتكفيرُ

يَعُدُّ ذلك جَهْلا حين يسمَعه

بي وَهْوَ عندي فيما قال معذورُ

ولو تحقَّق ممّا قد نَطَقْتُ به

مُصَرِّحاً وَهْوَ في القرآن مسطور

لَما تَخطَّى إِلى لَوْمي وذّمي في

ما قُلْتُ ما هو عند الله محظورُ

ولاَ سْتَأَمَّ إلى قَوْلى ولاحَ له

نورٌ تضئُ لِسارِيه الدَّياجيرُ

هيهات من عرف المنصورَ معرِفتي

لم يَكْنِ عنه له نَظْمٌ ومنثورُ

ولا وهومٌ ولا عَقْلٌ ولا فِكَرٌ

متى تَحَقَّقَه فيهنَّ تصويرُ

ومنْ تَوالاه بالتحقيق فهْوَ ولَوْ

أَنَّ الورَى خذلوه فَهْوَ منصورُ

حَسْبي به وكَفَى مولىً أَلوذُ به

في يوم أَلْقَى كتابى وَهْو منشورُ

وجَّهتُ وجهي إليه لا إِلى وثَنٍ

ردَّتْ إِليه وجوهاً معْشَرٌ بُورُ

هو الذي كَنَتِ التوراةُ عنه وفي

الإنجيل ما ضُمِّنَتْ فيه المزاميرُ

عليه في كلّ ما أَرجوه مُعَتمدي

ففي العسير به لي عنه تيسيرُ