سَـمَـونـا لِنَجـرانِ اليَمـانـي وَأَهلِهِ

471

سَـمَـونـا لِنَجـرانِ اليَمـانـي وَأَهلِهِ

وَنَـجــرانُ أَرضٌ لَم تُـدَيَّثــ مُـقــاوِلُه

بِـمُــخــتَــلِفِ الأَصـواتِ تَسـمَـعُ وَسطَهُ

كَرِزِّ القَطـا لا يَفقَهُ الصَوتَ قائِلُه

لَنـا أَمـرُهُ لا تُعـرَفُ البُلقُ وَسطَهُ

كَـثـيـرُ الوَغى مِن كُلِّ حَيٍّ قَبـائِلُه

كَـأَنَّ بَـنــاتِ الحـارِثِــيِّيــنَ وَسطَهُـم

ظِـبــاءُ صَـريــمٍ لَم تُـفَـرَّج غَيـاطِـلُه

إِذا حـانَ مِـنــهُ مَـنــزِلٌ أَوقَـدَت بِهِ

لِأُخـراهُ في أَعلى اليَفـاعِ أَوائِلُه

تَـظَــلُّ بِهِ الأَرضُ الفَـضــاءُ مُـعَـضِّلـاً

وَتَـجــهَــرُ أَسـدامَ المِيـاهِ قَوابِـلُه

تَرى عافِـيـاتِ الطَيـرِ قَد وَثَّقَت لَها

بِشِـبـعٍ مِنَ السَخـلِ العِتـاقِ مَنازِلُه

إِذا فَزِعـوا هَزّوا لِواءَ اِبنِ حابِـسٍ

وَنـادَوا كَـريــمــاً خَيـمُهُ وَشَمـائِلُه

سَـعــى بِـتِــراتٍ لِلعَـشــيــرَةِ أَدرَكَـت

حَفـيـظَـةَ ذي فَضـلٍ عَلى مَن يُفـاضِلُه

فَـأَدرَكَهــا وَاِزدادَ مَـجــداً وَرِفـعَــةً

وَخَيـراً وَأَحظى الناسِ بِالخَيرِ فاعِلُه

أَرى أَهلَ نَجـرانَ الكَواكِـبَ بِالضُحى

وَأَدرَكَ فـيــهِــم كُـلَّ وِتـرٍ يُـحــاوِلُه

وَصَـبَّحــَ أَهـلَ الجَـوفِ وَالجَـوفُ آمِـنٌ

بِمِـثـلِ الدَبا وَالدَهرُ جَمٌّ بَلابِـلُه

فَـظَــلَّ عَـلى هَـمــدانَ يَـومٌ أَتـاهُــمُ

بِــنَـــحـــسِ نُــحــوسٍ ظَهـرُهُ وَأَصـائِلُه

وَكِـنـدَةُ لَم يَتـرُك لَهُم ذا حَفـيـظَـةٍ

وَلا مَـعـقِـلاً إِلّا أُبيـحَـت مَعـاقِـلُه

وَأَهـلَ حَـبَــونــا مِن مُرادٍ تَدارَكَـت

وَجَرمـاً بِوادٍ خالَطَ البَحـرَ ساحِـلُه

صَبَـحـنـاهُـمُ الجُردَ الجِيـادَ كَأَنَّهـا

قَـطــاً أَفـزَعَــتــهُ يَـومَ طَلٍّ أَجادِلُه

أَلا إِنَّ مـيــراثَ الكُـلَيــبِـيِّ لِاِبنِهِ

إِذا مــاتَ رِبــقــاً ثَـلَّةٍ وَحَـبــائِلُه

فَـأَقــبِـل عَلى رِبقَـي أَبيـكَ فَإِنَّمـا

لِكُــلِّ اِمــرِئٍ مـا أَورَثَـتــهُ أَوائِلُه

تَـسَــربَــلَ ثَوبَ اللُؤمِ في بَطـنِ أُمِّهِ

ذِراعــاهُ مِــن أَشـهــادِهِ وَأَنـامِــلُه

كَـمـا شَهِدَت أَيدي المُجـوسِ عَلَيـهِـمُ

بِأَعـمـالِهِـم وَالحَقُّ تَبـدو مَحـاصِـلُه

عَــجِـــبــتُ لِقَـومٍ يَـدَّعــونَ إِلى أَبـي

وَيَهـجــونَــنـي وَالدَهرُ جَمٌّ مَجـاهِـلُه

فَـــقُــــلتُ لَهُ رُدَّ الحِـــمـــارَ فَــإِنَّهُ

أَبـــوكَ لَئيـــمٌ رَأسُهُ وَجَـــحـــافِـــلُه

يَـســيــلُ عَـلى شِـدقَـي جَريـرٍ لُعابِهُ

كَـشَــلشــالِ وَطـبٍ مـا تَجِـفُّ شَلاشِـلُه

لِيَـغــمِــزَ عِزّاً قَد عَسـا عَظـمُ رَأسِهِ

قُـراسِــيَــةً كَـالفَــحـلِ يَصـرِفُ بازِلُه

بَـنـاهُ لَنا الأَعلى فَطـالَت فُروعُهُ

فَـأَعــيــاكَ وَاِشتَـدَّت عَلَيـكَ أَسافِـلُه

فَـلا هُـوَ مُـسـطـيـعٌ أَبوكَ اِرتِقـائَهُ

وَلا أَنتَ عَمّـا قَد بَنى اللَهُ عادِلُه

فَـإِن كُنـتَ تَرجـو أَن تُوازِيَ دارِماً

فَرُم حَضَـنـاً فَاِنـظُر مَتى أَنتَ ناقِلُه

وَأَرسَلَ يَرجـو اِبنُ المَراغَـةِ صُلحَنا

فَـرُدَّ وَلَم تَـرجِــع بِـنُــجــحٍ رَسـائِلُه

وَلاقى شَديـدَ الدَرءِ مُستَحصِدَ القِوى

تَـفَــرَّقُ بِـالعِــصــيـانِ عَنـهُ عَواذِلُه

إِلى كُـلِّ حَـيٍّ قَد خَطَـبـنـا بَنـاتِهِـم

بِـأَرعَــنَ مِـثــلِ الطَودِ جَمٍّ صَواهِـلُه

وَأَنتُـم عَضـاريـطِ الخَمـيـسِ عَتـادُكُم

إِذا مــا غَــدا أَربـاقُهُ وَحَـبــائِلُه

وَإِنّــا لَمَــنّــاعــونَ تَـحــتَ لِوائِنـا

حِمـانـا إِذا ما عاذَ بِالسَيفِ حامِلُه

وَقـالَت كُـلَيــبٌ قَـمِّشــوا لِأَخـيــكُــمُ

فَـــفِــــرّوا بِهِ إِنَّ الفَــرَزدَقَ آكِــلُه

فَهَـل أَحَدٌ يا اِبنَ المَراغَـةِ هارِبٌ

مِنَ المَوتِ إِنَّ المَوتَ لا بُدَّ نائِلُه

فَـإِنّــي أَنا المَوتُ الَّذي هُوَ ذاهِبٌ

بِنَـفـسِـكَ فَاِنـظُـر كَيـفَ أَنتَ مُحاوِلُه

أَنا البَدرُ يُعشي طَرفَ عَينَيكَ فَاِلتَمِس

بِكَفَّيكَ يا اِبنَ الكَلبِ هَل أَنتَ نائِلُه

أَتَـحــسِـبُ قَلبـي خارِجـاً مِن حِجـابِهِ

إِذا دُفُّ عَـــبّـــادٍ أَرَنَّتــ جَــلاجِـــلُه

فَـقُــلتُ وَلَم أَملِك أَمالِ اِبنِ مالِكٍ

لِأَيِّ بَـنــي مـاءِ السَـمــاءِ جَعـائِلُه

أَفــي قَــمَــلِيٍّ مِـن كُـلَيــبٍ هَـجَــوتُهُ

أَبـو جَهـضَــمٍ تَـغــلي عَـلَيَّ مَراجِـلُه

أَحــارِثُ داري مَــرَّتَــيــنِ هَـدَمــتَهــا

وَكُـنـتَ اِبنُ أُختٍ لا تُخـافُ غَوائِلُه

وَأَنـتَ اِمـرُؤٌ بَطـحـاءُ مَكَّةـَ لَم يَزَل

بِها مِنـكُـمُ مُعـطـي الجَزيلِ وَفاعِلُه

فَـقُــلنــا لَهُ لا تُـشــمِــتَــنَّ عَدُوَّنـا

وَلا تَنـسَ مِن أَصحـابِـنا مَن نُواصِلُه

فَـقَــبــلَكَ ما أَعيَـيـتُ كاسِـرَ عَيـنِهِ

زِيـاداً فَـلَم تَـقــدِر عَـلَيَّ حَبـائِلُه

فَـأَقــسَــمـتُ لا آتيـهِ سَبـعـيـنَ حِجَّةً

وَلَو نُـشِــرَت عَيـنُ القُبـاعِ وَكاهِـلُه

فَـمــا كـانَ شَـيـءٌ كانَ مِمّـا نُجِـنَّهُ

مِـنَ الغِشِّ إِلّا قَد أَبانَـت شَواكِـلُه

وَقُــلتُ لَهُــم صَـبــراً كُـلَيــبُ فَـإِنَّهُ

مَـقــامُ كِـظــاظٍ لا تَـتِــمَّ حَـوامِــلُه

فَـإِن تَهـدِمــوا داري فَـإِنَّ أَرومَتـي

لَها حَسَـبٌ لا اِبنَ المَراغَـةِ نائِلُه

أَبــي حَــسَــبٌ عَـودٌ رَفـيــعٌ وَصَـخــرَةٌ

إِذا قُرِعَـت لَم تَسـتَـطِـعـهـا مَعـاوِلُه

تَصـاغَرتَ يا اِبنَ الكَلبِ لَمّا رَأَيتَني

مَعَ الشَمـسِ في صَعـبٍ عَزيـزٍ مَعاقِلُه

وَقَـد مُـنِــيَــت مِنّـي كُلَيـبٌ بِضَـيـغَـمٍ

ثَقـيـلٍ عَلى الحُبـلى جَريـرٍ كَلاكِلُه

شَـتــيـمُ المُحَـيّـا لا يُخـاتِـلُ قِرنَهُ

وَلَكِـنَّهــُ بِـالصَــحــصَــحــانِ يُـنــازِلُه

هِـزَبــرٌ هَريـتُ الشَدقِ رِئبالُ غابَـةٍ

إِذا ســارَ عَــزَّتــهُ يَـداهُ وَكـاهِــلُه

عَـزيــزٌ مِـنَ اللائي يُـنــازِلُ قِـرنَهُ

وَقَـد ثَـكِــلَتــهُ أُمُّهـُ مَـن يُـنــازِلُه

وَإِنَّ كُـلَيــبـاً إِذ أَتَتـنـي بِعَـبـدِهـا

كَمَـن غَرَّهُ حَتّـى رَأى المَوتَ باطِـلُه

رَجَـوا أَن يَـرِدّوا عَن كُلَيـبٍ بِدِرعِهِ

نَوافِـذَ ما أَرمي وَما أَنا ناقِـلُه

عَـجِــبــتُ لِرامي الضَأنِ في حُطَـمِـيَّةٍ

وَفي الدِرعِ عَبـدٌ قَد أُصيبَت مَقاتِلُه

وَهَل تَلبِـسُ الحُبلى السِلاحَ وَبَطنُها

إِذا اِنتَـطَـقَـت عِبـءٌ عَلَيـها تُعادِلُه

أَفـاخَ وَأَلقى الدِرعَ عَنـهُ وَلَم أَكُن

لِأُلقِـيَ دِرعـي مِـن كَـمِــيٍّ أُقـاتِــلُه

أَلَستَ تُرى يا اِبنَ المَراغَةِ صامِتاً

لِما أَنتَ في أَضعـافِ بَطـنِـكَ حامِلُه

وَقَـد عَـلِمَ الأَقوامُ حَولي وَحَولَكُـم

بَـنـي الكَلبِ أَنّي رَأسُ عِزٍّ وَكاهِـلُه

أَلَم تَعـلَمـوا أَنّي اِبنُ صاحِبَ صَوأَرٍ

وَعِـنــدي حُـســامــا سَبـفِهِ وَحَمـائِلُه

تَرَكـنـا جَريراً وَهوَ في السوقِ حابِسٌ

عَـطِــيَّةــَ هَل يَلقـى بِهِ مَن يُبـادِلُه

فَــقـــالوا لَهُ رُدَّ الحِــمـــارَ فَـإِنَّهُ

أَبـــوكَ لَئيـــمٌ رَأسُهُ وَجَـــحـــافِـــلُه

وَأَنـتَ حَـريــصٌ أَن يَـكــونَ مُـجــاشِــعٌ

أَبـاكَ وَلَكِـنَّ اِبـنَهُ عَـنــكَ شـاغِــلُه

وَمـا أَلبَـســوهُ الدِرعَ حَتّـى تَزَيَّلـَت

مِنَ الخِزيِ دونَ الجِلدِ مِنهُ مَفاصِلُه

وَهَـل كـانَ إِلّا ثَـعـلَبـاً راضَ نَفـسَهُ

بِـمَــوجٍ تَسـامـى كَالجِـبـالِ مَجـاوِلُه

ضَغـا ضَغـوَةً في البَحرِ لَمّا تَغَطمَطَت

عَــلَيـــهِ أَعــالي مَــوجِهِ وَأَسـافِــلُه

فَـأَصــبَــحَ مَـطــروحــاً وَراءَ غُـثــائِهِ

بِحَـيثُ اِلتَقى مِن ناجِخِ البَحرِ ساحِلُه

وَهَل أَنتَ إِن فاتَـتـكَ مَسـعـاةُ دارِمٍ

وَما قَد بَنـى آتٍ كُلَيـبـاً فَقـاتِـلُه

وَقـالوا لِعَبّـادٍ أَغِثـنـا وَقَد رَأَوا

شَـآبــيــبَ مَوتٍ يُقـطِـرُ السُمَّ وابِلُه

وَما عِنـدَ عَبّـادٍ لَهُم مِن كَريـهَـتي

رَواحٌ إِذا مـا الشَـرُّ عَـضَّتـ رَجائِلُه

فَــخَـــرتَ بِــشَـــيــخٍ لَم يَـلِدكَ وَدونَهُ

أَبٌ لَكَ تُــخـــفــي شَـخــصَهُ وَتُـضــائِلُه

فَـلِلَّهِ عِـرضــي إِن جَـعَــلتُ كَريـمَـتـي

إِلى صاحِـبِ المِعـزى المُوَقَّعـِ كاهِلُه

جَـبــانـاً وَلَم يَعـقِـد لِسَيـفٍ حِمـالَةً

وَلَكِـن عِـصــامُ القِربَـتَـيـنِ حَمـائِلُه

يَـظَـلُّ إِلَيهِ الجَحـشُ يَنـهَـقُ إِن عَلَت

بِهِ الريحُ مِن عِرفانِ مَن لا يُزايِلُه

لَهُ عــانَـــةٌ أَعــفـــاؤُهـــا آلِفــاتُهُ

حُـمــولَتُهُ مِـنــهــا وَمِنـهـا حَلائِلُه

مُــوَقَّعـــَةٌ أَكــتـــافُهــا مِـن رُكـوبِهِ

وَتُـعـرَفُ بِالكـاذاتِ مِنـهـا مَنـازِلُه

أَلا تَـدَّعـي إِن كانَ قَومُـكَ لَم تَجِـد

كَـريــمــاً لَهُـم إِلّا لَئيمـاً أَوائِلُه

أَلا تَفـتَـري إِذ لَم تَجِـد لَكَ مَفخَراً

أَلا رُبَّمـا يَجـري مَعَ الحَقِّ باطِـلُه

فَتَـحـمَـدَ ما فيـهِـم وَلَو كُنتَ كاذِباً

فَيَـسـمَـعَهُ يا اِبنَ المَراغَـةِ جاهِلُه

وَلَكِـن تَـدَعّــى مَن سِواهُـم إِذا رَمى

إِلى الغَرَضِ الأَقصى البَعيدِ مُناضِلُه

فَتَـعـلَمُ أَن لَو كُنـتَ خَيـراً عَلَيـهِـمُ

كَـذَبــتَ وَأَخـزاكَ الَّذي أَنـتَ قـائِلُه

تَعـاطَ مَكـانَ النَجـمِ إِن كُنتَ طالِباً

بَنـي دارِمٍ فَاِنـظُـر مَتى أَنتَ طالِبُه

فَـلَلنَــجــمِ أَدنى مِنـهُـمُ أَن تَنـالَهُ

عَـلَيــكَ فَـأَصـلِح زَربَ ما أَنتَ آبِلُه

أَلَم يَكُ مِمّـا يُرعِـدُ الناسَ أَن تَرى

كُلَيـبـاً تَغَـنّـى بِاِبـنِ لَيلى تُناضِلُه

أَبـي مـالِكٌ مـا مِـن أَبٍ تَـعـرِفـونَهُ

لَكُـم دونَ أَعـراقِ التُـرابِ يُعـادِلُه

عَـجِــبــتُ إِلى خَلقِ الكُلَيـبِـيِّ عُلِّقَـت

يَـداهُ وَلَم تَـشــتَـدَّ قَبـضـاً أَنامِـلُه

فَـدونَــكَ هَـذي فَاِنـتَـقِـضـهـا فَإِنَّهـا

شَـديــدُ قِـوى أَمـراسِهــا وَمَـواصِــلُه

معلومات عن الشاعر: الفَرَزدَق

الفَرَزدَق 38 – 110 هـ / 658 – 728 م همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي، أبو فراس. شاعر من النبلاء، من أهل البصرة،