ما من بنـاتـك يا دارَ الهدى بان
174
ما من بنـاتـك يا دارَ الهدى بان
فــي الأرض إلا مــنـــاراتٍ لأذهــان
معـاهـد العلم في الدنيا معاهدهم
والشـرق والغـرب تـلمــيــذان سيـان
إن اليـســوعــي أولى من يقـول أنا
أهلي الورى وفسـيـح الكون أوطاني
تراه في الغرب غربـيـاً يهـيـم به
صبـابـةً وهو في اليابـان يابـانـي
بـنــى مدارسـه في الخافـقـيـن فلا
صــقـــعٌ تـخــلف عـنــه ذلك البـانــي
مــدارسٌ طــاف طـلاب العـلوم بـهــا
عــلى تــبـــايـــن أنــســـابٍ واديـان
مـن يـافــقــي وسـامــي وغـيــرهــمــا
مــن أحــمـــديٍّ وبــوذيٍّ ونــصـــرانــي
تـصــاحــبـوا اخوةً لا سعـي بيـنـهـم
لصـــائدٍ بــيـــن انــجـــيـــلٍ وقــرآن
ولا اهـابَ بـهــم داعٍ لغـيــر تـقــى
ولا ثـنــاهـم على غيـر الهدى ثانِ
حـتـى إذا نهـلوا من وردهم صدروا
عــنـــه وهـم رسـل اصـلاحٍ واحـســان
انـى التـفــت تجـدهـم بارزيـن على
ذرى المـعــالي ولاة الرأي والشـان
هـذي مـفــاخــرهــم في مصـر معـلنـةً
فـضــل الألى عـلمــوهـم خيـر اعلان
فــللامـــيـــر حــديــثٌ عـن مـعــلمــه
وللوزيـــر وللقـــاضـــي حــديـــثـــان
شــهـــادة لليـســوعــيــيــن نـاطــقــةٌ
فـي مـصــر مـأثــورةٌ عـن كل ديوان
وما استـقـلت بهـا مصـر فقـد صدعت
بـهــا المـواطــن مـن قاصٍ ومن دان
تـلك الشهـادة لا تفـنـى وأحرفـهـا
منـقـوشـةٌ فوق هذا العالم الفاني
حــي اليــســوعــي انـي لاح طـالعــه
تــحـــي طــالع تــوفـــيـــق وعـمــران
جـوابــةً نـضــو جـهــد زراعاً لك ما
تجـنـيـه من علمـه يا أيها الجاني
سـبــيــله الزهد باللذات ينـكـرهـا
سعـيـاً إلى لذة في العالم الثاني
مـســتــلئمٌ بـمــجــنِّ الصبـر منـقـطـعٌ
فـي وحـشــةِ الدير عن أهلٍ واخوانِ
قـامــت له دولةٌ فـي الأرض راسـخــةٌ
لهـا مـن العـلم والمعـروف ركنـان
وفي السمـاء لها بنـدٌ وفي ثبج ال
غـبـراء بنـدٌ وفي الدارين جيـشـان
تـزل عـنــهــا دواهي الدهر خاسـئةً
كـأنــهــا نـاطــحــت اطـواد لبـنــان
يا جارة الأزهر استجلي الثغور وقد
تــبـــســـمـــت لك عــن حــبٍّ وعـرفــان
واستـقـبـلي العيـد ميـموناً يباركه
مـــبـــاركـــان تــرابـــيٌ وروحــانـــي
ورتــلي حــمـــد اســمــاعــيــل إن له
عـليــك خـيــر يـدٍ مـن خيـر معـوان
لولا عـوارفــه لم يـجـر منـهـلك ال
صـافــي ولا سـاغَ فـي مـصــر لظمـآن
ولا غـرســتِ بـوادي النـيـل زنبـقـةً
ولا تـنــفــحــت مـنــه نـفــحَ ريحـان
فــرددي حــمـــده يــا دارُ صــائغـــةً
بـــه قــلائدَ يــاقـــوتٍ وعــقـــيـــان
ولا تخـافـي فاسـمـاعـيـل ما حجـبـت
سـيــوفــه عـن مـنــاحـيـهـا بأجـفـان
إن كـان نـاظــره عن مصـر في سنـةٍ
فـقــد رعـاهــا بـقــلبٍ غيـر وسنـان
فـؤاده مـلءُ عـيــن الشرق لافتـحـت
عـيــنٌ أبـت ان تـفــديــه بـانــســان
ولا جـرى النـيــل إلا تحـت رايتـه
مـــن العــريـــش إلى خــزان اصــوان
يـجــري وفـاروقـه المحـروس ينـشـده
واديــك وادي والســودان ســودانـــي
ودونــه كــل شـعــبٍ مـا وقـفــت بـه
إلا أبــا طــيـــبٍ فــي شـعــب بـوان
كـأنــمــا الدر مـخــزون بـتــربــتــه
والدوح يـســتــله مـنــهــا بـأغـصـان
والغيـد تغـدو وتمـسـي في خمـائله
مـيــاســةً تـحــت ظـل الرند والبان
إن الكـنــانــة مـن جـنــات ربـك لم
يـظــفــر بـأزيـن منـهـا لحظ رضوان
لولا معـالمـهـا في الشرق لاندثرت
مـعــالم هـي مـن مـيــراث قـحــطــان
وانهـارت الضاد واندكـت معـاهـدها
وغــربـــت بـأخــيــهــا بـنــت غـســان
يا مصـر حسـبـك أن العرب ما وجدوا
سـواكِ للضـاد حـصــنــاً غيـر مهـوان
وأن للعـلم رسـلاً فـيــك قد نزلوا
خـمــســيــن حـولاً ولا لاحٍ ولا شـان
تـجــلت اللغـة الفـصــحــى بـظــلهــم
كـأنــمــا هـي فـي أكـنــاف نـجــران
فـي عـهــد مـا تـلقــى منـه طالبـه
إلا هـوى مـصــر مـعــقـوداً بإيـمـان
فـصــافــحــي قومـه يا مصـر منـشـدةً
القـوم قـومــي والاعـوان أعـوانــي
وبـاكــري مـحــفـل اليوبـيـل ناثـرةً
عــلى مــطـــالعـــه أزهـار نـيــســان
فـهــو اليـسـوعـي درعٌ من دروعك لا
يـهــي وعـامــل خـيـرٍ ليس بألوانـي
وقـفــت فـي داره بـالذهـن أنشـدهـا
شعـري وتطـري وادي النيـل الحانـي
حـيــتــك يا دار من لبنـان عاطـرةٌ
أرزيـــة صــدرت عــن قــلب ولهــالن