طرفة بن العبد وهو شاعر جاهلي، وصاحب معلقة فضّل بعض النقاد معلقته على كثير من الشعر الجاهلي، لما فيها من شعر إنساني وآراء بالحياة وبراعة التشبيه، يعود نسبه إلى أبوين شريفين فجده وأبوه هما المرقشان وخاله المتلمس وكلهم شعراء، عندما توفي أبوه كفله أعمامه إلا أنهم أساءوا إليه وهضموا حقوق والدته.
كان طرفة صاحب لهوٍ وسكرٍ مما اضطر قومه إلى طرده من القبيلة، فرحل عنهم وعاش متنقلاً حتى وصل أطراف شبه جزيرة العرب، وأصبح نديم للملك عمر بن هند. تعرف على السيرة الذاتية الإنجازات والحكم والأقوال وكل المعلومات التي تحتاجها عن طرفة بن العبد.
بدايات طرفة بن العبد
ولد طرفة بن العبد في بلدة المالكية في البحرين حالياً في 543م، لوالده العبد بن سفيان بن سعد بن قيس بن ثعلبة بن بكر بن وائل، ولوالدته وردة بنت عبد المسيح، له أخت من أمه تدعى الخرنق بن بدر، عاش طرفة يتيماً فقد توفي والده وهو صغير، فنشأ مع والدته بعد أن رفض أعمامه الذين كفلوه أن يعطوه نصيبه من إرث والده.
عاش طفولة مهملة لاهيةً، وعندما شب فتح عينيه على الحياة، وقذف نفسه في أحضانها يستمتع بملذاتها، فعاش حياة لهو وسكر، فضاقت قبيلته بتصرفاته اللاهية فطردته منها، فقد ذكر ذلك في معلقته بشكل ساخر، حيث رأى نفسه كبعير مصاب بالجرب، ينبغي إبعاد قبل تعبيده بالقار.
إنجازات طرفة بن العبد
بعد رحيله عن قبيلته، بدأ تجواله في جزيرة العرب متسلحاً بهجائه المهذب، يدافع به عن نفسه ضد المتربصين له، خلال ترحاله نظم معلقته التي ارتقت به إلى مصاف شعراء الجاهلية الأوائل رغم صغر سنه.
فقد احتلت هذه المعلقة قسماً لا بأس به من ديوانه، الذي تميّز بالحس الإنساني الراقي وهو فريد من نوعه في الشعر الجاهلي، فقد احتوت قصائده الشعرية على معاني فلسفية عن الحياة والموت، وتقول بعض الروايات أنه اشترك بحرب البسوس التي دارت رحاها في نجد بين قبيلتي تغلب وبكر بن وائل.
نظم طرفة المعلقة بعدما لقيه من سوء معاملة واضطهاد من ذوي قرباه، وخاصةً ابن عمه، وربما نظمت المعلقة في أوقات متفرقة، فوصفه للهو والمجون والسكر ربما نظم قبل تشرده، أما وصفه المسترسل للناقة فقد يكون بعد نفيه وتشرده،
أما عتابه لابن عمه ربما نظم بعد خلافه مع أخيه معبد، وفي المعلقة أيضاً هناك وصف لأخلاق العرب الكريمة، بالإضافة إلى أنها تنقل صور الحالة الاجتماعية والاقتصادية في تلك الفترة.
وصل طرفة بآخر رحلته إلى مملكة الحيرة، فأصبح نديم ملكها عمر بن هند، ولكن شعره الموزع بين المرأة والفروسية والخمر، والذي كان بالنسبة له هو الحياة نفسها، ويقال أنه هجا الملك نفسه مما أثار غضبه.
وفاة طرفة بن العبد
وصل طرفة إلى بلاط الملك عمرو بن هند حيث لقي هناك خاله المتلمس جرير بن عبد المسيح، فمشى طرفة بين يدي الملك متبختراً، فنظر إليه الملك نظرةً غاضبة، وكان المتلمس حاضراً وعندما همّا بالرحيل، قال له المتلمس يا طرفة أخاف عليك من نظرته إليك.
بعض الرواة يقولون أن طرفة تباهى بفروسيته على الملك عمرو بن هند، ورواة آخرين أنه شبب بشقيقة الملك بشعره، فغضب الملك عليه وحكم عليه بالموت، ولكنه خشي من لسانه السليط، وبعد ذلك حمل الملك عمرو بن هند كتابين لكل من طرفه وخاله المتلمس إلى واليه على البحرين وعمان.
وإذ همّا بالطريق رأيا شيخاً دار بينهم حديث، نبّه الشيخ المتلمس لما قد يكون في الكتاب، إلا أن الأخير لا يجيد القراءة، فقد استدعى غلام من أهل الحيرة ليقرأ له الرسالة، فإذا فيها: باسمك ألهم من عمرو بن هند إلى المكعبر، إذا أتاك كتابي هذا من المتلمس فاقطع يديه ورجليه وادفنه حياً، وعند ذلك ألقى الرسالة، وقال لطرفة أن يطلع على مضمون الرسالة التي معه فلم يفعل.
وذهب بها إلى المكعبر، لكن الأخير طلب من طرفة الهروب لما بينهما من قرابة، فأبى طرفة فحبسه الوالي، وكتب لعمرو بن هند يقول له: ابعث إلى عاملك من تريد فإني غير قاتله، فأرسل له الملك رجل من تغلب، وجيء بطرفة إليه فقال له التغلبي إني قاتلك لا محال، فاختر لنفسك ميةً تهواها، فقال له طرفة فإن كان ولابد فاقطع وريدي، وتوفي عن عمر يناهز 26 عاماً.
حقائق سريعة عن طرفة بن العبد
أشعاره كانت قليلة نظراً لقصر عمره، حيث له ديواناً شعرياً مكوناً من 657 بيتاً.
المعلقة كانت من البحر الطويل من 104 بيتاً واحتلت السدس من شعره.
قتل وعمره 26 عاماً ولقب بالغلام القتيل.
يقال أن عنترة بن شداد هو من قتل طرفة بن العبد.
وَظُـلـمُ ذَوي الـقُـربـى أَشَـدُّ مَضاضَةً
عَلى المَرءِ مِن وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ |
وهو أشهر أبياته على الإطلاق وفيه حكمة وصدق كما يقول محمود شاكر عن الشعر الجاهلي ومطلع هذه القصيدة :
لِــخَــوْلَــةَ أَطْـلالٌ بِـبُـرْقَـةِ ثَـهْـمَـدِ
تَلُوحُ كَبَاقِي الوَشْمِ فِي ظَاهِرِ اليَدِ وُقُـوْفَـاً بِـهَـا صَحْبِي عَلَيَّ مَطِيَّهُـمْ يَـقُـوْلُـوْنَ لا تَـهْـلِـكْ أَسَـىً وَتَـجَلَّدِ |
ثم يتطرق فيها لمن يلومه على اللذات والشهوات فيقول له إذا كنت لا تستطيع دفع الموت عني فدعني أتمتع بحياتي فيقول :
أَلا أَيُّـهَـذا الـلائِـمـي أَحضُرَ الوَغى
وَأَن أَشـهَـدَ اللَذّاتِ هَل أَنتَ مُخلِدي فَـإِن كُـنـتَ لا تَـسـطـيـعُ دَفـعَ مَنيَّتي فَـدَعـنـي أُبـادِرهـا بِـمـا مَـلَكَت يَدي وَلَـولا ثَـلاثٌ هُـنَّ مِـن عيشَةِ الفَتى وَجَـدِّكَ لَـم أَحـفِـل مَـتـى قـامَ عُوَّدي فَـمِـنـهُـنَّ سَـبـقـي الـعاذِلاتِ بِشَربَةٍ كُـمَـيـتٍ مَـتـى مـا تُـعـلَ بِالماءِ تُزبِدِ وَكَـرّي إِذا نـادى الـمُـضـافُ مُـحَنَّباً كَـسـيـدِ الـغَـضـا نَـبَّـهـتَـهُ الـمُـتَـوَرِّدِ وَتَقصيرُ يَومَ الدَجنِ وَالدَجنُ مُعجِبٌ بِـبَـهـكَـنَـةٍ تَـحـتَ الـطِـرافِ الـمُعَمَّدِ |
ثم ينطلق في الحكمة بمثل قوله
أَرى الـعَـيـشَ كَـنزاً ناقِصاً كُلَّ لَيلَةٍ
وَمـا تَـنـقُـصِ الأَيّـامُ وَالـدَهـرُ يَـنفَدِ أَرى المَوتَ يَعتامُ الكِرامَ وَيَصطَفي عَـقـيـلَـةَ مـالِ الـفـاحِـشِ الـمُـتَشَدِّدِ |