وَافاك بالذنـبِ العظـيـمِ المُذْنِـبُ

174

وَافاك بالذنـبِ العظـيـمِ المُذْنِـبُ

خَــجِـــلاً يُــعَـــنِّفــُ نـفــسَهُ ويُـؤَنِّبُ

لم لا يــشُـــوبُ دُمُــوعَهُ بِــدِمــائِه

ذو شـيــبَــةٍ عَـوْرَاتُهــا مَا تُخْـضَـبُ

لَعِـبَــتْ بـه الدّنـيـا ولولا جَهْلُه

ما كان في الدنيـا يخوضُ ويَلعبُ

لَزمَ التَّقــَلُّبَ فــي مَــعـــاصِــي رَبِّهِ

إذْ بـاتَ فـي نَـعْــمــائِهِ يَـتَــقَــلَّبُ

يـســتــغــفِــرُ اللَّهَ الذُّنوبَ وقلبُه

شـرِهــاً عـلى أمْـثــالهــا يَـتَــوثَّبُ

يُـــغْـــرِي جَــوَارِحَهُ عَــلَى شَهَــوَاتِهِ

فـكــأنَّهــُ فـيــمـا استَـبَـاحَ مُكـلِّبُ

أضْحَـى بِمُـعْـتَـرَكِ المَنـايـا لاهِياً

فـكــأنَّ مُـعْــتَـرَك المنـايـا مَلْعَـبُ

ضـاقَــتْ مـذاهِــبُه عـليــه فمـا لَه

إلَّا إلى حَــرَمٍ بِــطَـــيْـــبَــةَ مَهْـرَبُ

مُـتَــقَــطِّعــُ الأسـبـابِ مِنْ أعمـالِهِ

لكـــنــــه بِـــرَجَــــائِه مُـــتَـــسَـــبِّبُ

وقَـفَــتْ بِـجــاهِ المـصـطـفـى آمالُه

فــكـــأَنـــه بــذنـــوبـــه يَـتَــقَــرَّبُ

وَبَـــدا له أنَّ الوُقُـــوفَ بِــبـــابِهِ

بــابٌ لِغُــفْـــرانِ الذُّنــوبِ مُـجَــرَّبُ

صـلَّى عـليــه اللَّهُ إنَّ مَـطــامِــعــي

فـي جُـودِهِ قـد غارَ منـهـا أشعَـبُ

لِم لا يــغـــارُ وقــد رآنــي دونَه

أدركْـتُ مِـنْ خَيْـرِ الوَرَى ما أطلُبُ

مـاذا أخـافُ إذا وَقَـفْــتُ بِـبــابِهِ

وصَــحـــائِفــي سُـودٌ ورأْسِـيَ أشْـيَــبُ

والمصطَفى الماحي الذي يمحو الذي

يُحْـصِـي الرقيبُ على المُسيء وَيَكْتُبُ

بَـشَــرٌ سَـعِــيــدٌ في النُّفُوسِ مُعَـظَّمٌ

مِــقْـــدارُه وإلى القــلوبِ مُــحَــبَّبُ

بـــجــــمـــالِ صُــورَتِهِ تَــمَـــدَّحَ آدَمٌ

وبـيَــانِ مَـنْــطِــقِه تَـشَــرّفَ يَـعْــرُبُ

مِـصْــبــاحُ كـلِّ فـضــيــلةٍ وإمامُهـا

وَلِفَـضْــلِهِ فَـضْــلُ الخَـلائِقِ يُـنْـسَـبُ

رِدْ واقْـتَــبِــسْ مِنْ فَضْـلِهِ فبِـحـارُه

مـا تَـنْــتَهِــي وشُـمـوسُهُ ما تَغـرُبُ

فــلكـــلِّ سـارِ مِـنْ هُـداهُ هِـدايَــةٌ

ولكــلِّ عــافٍ مِــنْ نَــداه مَــشْـــرَبُ

وَلكــلِّ عَــيْـــنٍ مــنــه بَـدْرٌ طـالع

ولكــلِّ قــلبٍ مــنـــه لَيْــثٌ أَغْــلَبُ

مَــلأَ العــوالِمَ عِــلْمُهُ وثَــنَــاؤُهُ

فــيـــه الوُجُــودُ مُــنَــوَّرٌ ومُـطَــيَّبُ

وَهَـــبَ الإِلهُ لهُ الكـــمــــالَ وإنَّهُ

فـي غَيْـرِهِ مِنْ جِنْـسِ ما لا يُوهَـبُ

كُـشِــفَ الغِـطـاءُ لهُ وقد أُسْرِي به

فـعُــلُومُهُ لا شـيــءَ عـنـهـا يَعـزُبُ

وَلِقَـابِ قَـوْسَــيْــنِ انْـتَهَـى فمَـحَـلُّهُ

مِـنْ قـابِ قَوْسَـيْـنِ المَحَـلُّ الأقْرَبُ

ودَنَـا دُنُـوّاً لا يُـزَاحِــمُ مَنْـكِـبـاً

فـيــه كـمـا زَعَمَ المُكَـيِّفـُ مَنْـكِـبُ

فـاتَ العـبــارَةَ والإِشـارَةَ فضـلُهُ

فعـليـكَ منـه بمـا يُقـالُ ويُكْـتَـبُ

صَدِّقْ بمـا حُدِّثْـتُ عنـه فَفي الوَرَى

بـالغــيْــبِ عـنــه مُـصَــدِّقٌ وَمُـكَــذِّبُ

واسـمَــعْ منـاقِـبَ للحبـيـبِ فإنّهـا

فِي الحُسْـنِ مِنْ عَنْـقَاءَ مُغْرِبَ أغْرَبَ

مُـــتَــــمَــــكِّنـــُ الأخــلاق إلّا أنّه

فـي الحُـكـمِ يَرْضَـى للإلهِ وَيَغْـضـبُ

يَــشْـــفِــي الصُّدُورَ كـلامُه فـدواؤُه

طَـوراً يَـمُــرُّ لهـا وطَـوْراً يَـعْــذُبُ

فاطْـرَبْ لتَسْـبِـيـحِ الحَصَـى في كَفِّهِ

فَـمِــنَ السَّمـاعِ لِذِكْـرِهِ مـا يُطـرِبُ

والجِــذْعُ حَــنَّ لهُ وبـاتَ كـمــغْــرَمٍ

قَـلِقٍ بـفَــقْــدِ حَـبــيــبِه يَـتَــكَــرَّبُ

وَسَـعَــتْ له الأحـجـارُ فهْـيَ لأَمرِه

تـأْتــي إليـه كمـا يشـاءُ وتَذْهَـبُ

واهْـتَــزَّ مِـنْ فَـرَحٍ ثَـبِــيــرٌ تَحْـتَهُ

وَمِــنَ الجِــبَـــالِ مُــسَــبِّحــٌ ومُـؤَوِّبُ

والنَّخـْلُ أثْـمَــرَ غَـرْسُه فـي عـامِه

وَبَـدَا مُـعَــنْــدَمُ زَهْـوِهِ والمَـذْهَــبُ

وَبَـنــانُهُ بـالمــاءِ أَرْوَى عَـسْـكَـرا

فــكـــأنّه مــن دِيــمَـــةٍ يَــتَــصَــبَّبُ

والشَّاةُ إذْ عَطـشَ الرَّعِيـلُ سَقَـتْهُـمُ

وهـمُ ثـلاثُ مَـئِيــنَ مـمــا يَـحْــلُبُ

وشـفَــى جـمـيـعَ المُؤْلِمَـاتِ بِريـقِه

يـا طِـيــبَ مـا يَـرْقـي به ويُطَـيِّبُ

وَمَـشَــى تُـظــلِّلُهُ الغَـمــامُ لِظلِّهـا

ذَيْـلٌ عـليــه في الهواجـر يُسْـحَـبُ

وَتَـكَــلَّمَ الأطـفــالُ والمَـوْتَــى لَهُ

بِـعــجــائِبٍ فـليَــعــجَــب المُـتـعـجِّبُ

والجَـذْلُ مِـنْ حَـطَــبٍ غَدا لِعُكـاشَـةٍ

سَـيْــفـاً وليس السَّيفُ ممـا يُحْـطَـبُ

وعَـسِـيـبُ نَخْـلٍ صارَ عَضْـبـاً صارِمـاً

يَـوْمَ الوَغَـى إذْ كـلُّ عَـيْــنٍ تُقْـلَبُ

وأضـاءَ عُـرْجُــونٌ وَسَـوْطٌ في الدُّجى

عَــنْ أمــرِهِ فــكـــأنَّ كُـلّاً كَـوْكَــبُ

وكـأنَّ دعْـوَتَهُ طـليــعَــةُ قَـوْلِ كُـنْ

مـا بَـعْـدَهـا إلا الإجابـةَ مَوْكِـبُ

تَحـظَـى بهـا أبنـاءُ مَنْ يدعـو لَهُ

فـكــأنــهــا وقْـفٌ عَـلَى مَنْ يُعْـقِـبُ

للنــاسِ فــيــهــا وابـلٌ وصـواعــقٌ

نَـفْــسٌ بـهــا تَحْـيـا ونَفـسٌ تَعْـطَـبُ

والمَـحْــلُ إذْ عَـمَّ البِـلادَ بَـلاؤُهُ

والريـحُ يُشْـمِـلُ بالسَّمـُومِ ويجـنِـبُ

واسْـتَـسْـلَمَ الوَحْشُ المَرُوعُ لِصَيْـدِهِ

جُـوعــاً وصـرَّ مِنَ الحَرورِ الجُنْـدُبُ

والذِّئْبُ مِنْ طولِ الطَّوَى يَبْـكي عَلَى

رِمَمِ المَواشـي وابنُ دايَة ينـعَـبُ

والناس قد ظنُّوا الظُّنُونَ كأنَّمـا

سَـلَبَــتْ قـلوبَهــم الريـاحُ القُـلَّبُ

لم تَـبْــكِ للأَرْضِ السـمـاءُ به ولا

رَقَّتــْ لِشــائِمِهــا البـروقُ الخـلَّبُ

فَـدَعَــوْكَ مَـخْــبُــوءاً لكـلِّ كَـرِيـهـةٍ

جَلَّتْ كمـا يُخْـبـا الحُسـامُ ويُنْـدبُ

فَرَفَـعـتَ عَشْـرَاً مِنْ أنامِـلَ داعيـاً

فـانْهَــلَّ أُسـبــوعــاً سَـحــابٌ صَـيــبُ

فـطَــغَــى عَـلَى بُنْـيـانِ مكّـةَ ماؤُهُ

أو كادَ يَنْـبُـتُ في البُيوتِ الطُّحْلُبُ

لَولا سـألتَ اللَّهَ سُـقــيــا رَحْـمــةٍ

ماتَـتْ به الأحيـاءُ ممـا يَشربوا

فــإذا البــلادُ وكــلُّ دارٍ رَوْضَــةٌ

فـيــمــا يَـرُوقُ وكـلُّ وادٍ مُـعْــشِــبُ

قد جئتُ أَسْتَـسْـقِـي مكـارِمَـكَ التي

يَحْـيـا بهـا القَلْبُ المواتُ ويُخصِبُ

يا مَنْ يُرَجَّى فِي القيامةِ حيث لا

أُمٌّ تُـــــرَجَّى للنّـــــجَــــــاةِ ولا أبُ

يا فارِجَ الكُرَبِ العِظامِ وَوَاهِبَ الْ

مِنَـنِ الجِسـامِ إليكَ منـك المهرَبُ

هَـبْ لِي مِـنَ الغُـفْــرانِ رَبِّ سعـادةً

مـا تُـسْــتَـعـادُ ونِعـمـةً ما تُسْـلَبُ

أيَضـيـقُ بِي أمرٌ وبابُ المصـطـفـى

فـي الأرضِ أوسَـعُ للعُـفـاةِ وَأرْحَبُ

لا تَـقْــنَــطِـي يا نفْـسُ إِنَّ تَوَسُّلـِي

بالمـصـطـفـى المخـتـارِ ليسَ يُخَيَّبُ

أنَّى يَـخِــيــبُ وقـد تَـعَــطَّرَ مَـشْــرِقٌ

بـمَــدَائحــي خـيـرَ الأنامِ ومَغْـرِبُ

آلَ النـبـيِّ وَمن لهم بالمـصـطـفـى

مَـجْــدٌ عـلى السَّبْعِ الطِّباقِ مُطَـنِّبُ

حُـزْتُــمْ عـظــيـمـاً مِنْ تُراثِ نُبُـوَّةٍ

مـا كـان دونـكُـم لها مَنْ يَحـجُـبُ

اللَّهُ حَـسْــبُــكُــمُ وَحَـسْــبِــي إنـنــي

فـي كـلِّ مُـعْــضِــلَةٍ بِـكُــمْ أتَـحَــسَّبُ

يا سادتـي حُبِّيـ لكم ما تَنْـقَـضِي

أعــمـــارُهُ وَحِـبــالُه مـا تُـقْــضَــبُ

مِنْ مَعْـشَـرٍ نَزَلوا الفَلا فحصونُهُمْ

بِــيـــدٌ بـأطــرافِ الرِّمـاحِ تُـؤَشّــبُ

مـا فـيــهــمُ لسـنـانِ عَيْـبٍ مَطْـعَـنٌ

كَــلَّا وَلا لحُــســـامِ رَيْــبٍ مَـضْــرِبُ

وَعَلَى الخَصـاصَـةِ يُؤْثِـرُونَ بزادِهِـم

وَيَـلَذُّ مِـنْ كَرَمٍ لهم أنْ يَسْـغَـبـوا

لا تَــنْـــزِعُ اللُّوَّامُ أثْـوَابَ النَّدَى

عنـهـم ويُخْـصِـبُ جُودُهـم أنْ يُجْدِبوا

جُبِـلُوا على سِحْـرِ البَيان فجاءهم

حَـقُّ البـيــانِ عَنِ الرِّسالةِ يُعْـرِبُ

فاسـتسلَموا للعَجْزِ عنه وذو النُّهَى

تَـأْبَــى نُهاهُ قِتـالَ مَنْ لا يُغْـلَبُ

جـاءتْ عـجــائبُهُــم أمـامَ عـجــائِبٍ

أُمُّ الزَّمــانِ بِهِــنَّ حُـبْــلَى مُـقــرِبُ

مـا بـالُ مَنْ غَضِـبَ الإلهُ عليـهـم

حادوا عن الحقِّ المُبِـيـنِ ونَكَّبُوا

كـفَــرَتْ عَـلَى عِلمٍ بهـم علمـاؤُهـم

جَـرِبَ الصَّحـِيــحُ وَلَمْ يَـصِـحَّ الأجربُ

هـلَّا تَـمَـنَّى المَوْتَ منـهـمْ معـشـرٌ

جَحَـدُوهُ فامْـتَحَنوا الدَّواءَ وَجَرّبُوا

أفـيُــؤْمِــنُــون بِهِ وَمِـمَّنــ جـاءهــم

بــالبَـــيِّنـــَاتِ مُــقَـــتَّلـــٌ وَمُـصَــلَّبُ

عَبَـدُوا وموسـى فيـهمُ العجل الذي

ذُبِحـوا بهِ ذَبحَ العجـولِ وعُذِّبـوا

وصبَـوا إِلى الأَوثانِ بَعـدَ وَفاتِهِ

وَالرُّسْـلُ مِـنْ أسَـفٍ عـليـهـم تَنْـدُبُ

وَإذا القلوبُ قَسَـتْ فليـس يُلِينها

خِـــلُّ يَـــلُومُ ولا عَــدُوٌّ يَــعْـــتِـــبُ

وَأخـو الضَّلـالَةِ قـالَ عـيـسـى ربُّه

وَنَـبِــيُّهــُ فـأخــو الضَّلـالِ مُذَبْـذَبُ

ويــــقـــــول خـــالِقُه أبـــوهُ وإنَّه

رَبٌّ وإنــســـانٌ أَلا فَــتَـــعـــجَّبـــوا

أبِهَـذِهِ العَـوراتِ جَـاءَتْ كُـتــبُهُــم

أمْ حَرَّفـوا منـهـا الصَّوابَ وَوَرَّبُوا

فاعـوجَّ منـهـا ما استـقامَ طلوعُه

فـكــأنــهـا بيـن النُّجُومِ العَقْـرَبُ

عَجَـبـاً لهمْ ما بَاهَـلوه ولِم أبَتْ

أحْـبــارُ نَـجــرانَ الّذيـنَ تَرَهَّبـُوا

ولقـد تَـحَــدَّى بـالبــيــانِ لقَـومِهِ

وإليـهــمُ يُـعـزَى البيـانُ ويُنـسَـبُ

فــتَهَـــيَّبــُوه ومـا أتَـوْهُ بِـسُــورَةٍ

مِــنْ مِــثــله وبـيــانُهُــم يُـتَهَــيَّبُ

مَـــنْ لَمْ يُـــؤَهِّلـــْهُ الإلهُ لحَــالةٍ

فـاتَــتْهُ وهْـوَ لِنَـيْــلِهــا مُـتَــأَهِّبُ

عَـجَــبــاً لهـم شَهِدُوا لهُ بأمـانـةٍ

حـتــى إذا أدَّى الأَمـانــة كَذَّبـوا

وارتابَ فيـه المشـركـون ولَمْ يَزَلْ

بـالصِّدْقِ عـنــد المـشـركـيـنَ يُلَقَّبُ

جَحَـدُوا النبـيَّ وقد أتاهم بالهُدَى

لَولا القضـاءُ سألتَهُـمْ ما المُوجِبُ

للَّهِ يـــومُ خـــروجِه مـــنْ مـــكــــةٍ

كـخــروجِ مـوســى خـائفــاً يَـتَــرَقَّبُ

والجِــنُّ تُــنْــشِــدُ وحْـشَــةً لِفِـرَاقِهِ

شِعْـراً تَفـيـضُ به الدُّموعُ وتُسْـكَـبُ

والغـارُ قـد شَـنَّتــْ عـليــه غـارةً

أعْـداؤُه حِـرْصــاً عـليــه وأجلبُـوا

أرَأيـتَ مَـنْ يَـجــفــو عـليـه قَوْمُه

تَـحْـنُـو عليـه العنـكـبـوتُ وتحْـدَبُ

إنْ يـكــفــروا بـكــتـابِهِ فكـتـابُهُ

فَـلَكٌ يَـدُورُ عـلى الوُجُودِ مُكَـوْكَـبُ

قـامــت لنـا وعـليــهــمُ حُـجَـجٌ به

فَبَـدا الصَّباحُ وجَنَّ منـه الغَيْهَـبُ

فتـصـادمَ الحَقُّ المُبـيـنُ وإفكـهُـم

فإذا النُّفُوسُ عَلَى الرَّدَى تَتَـشَـعَّبُ

فـدَعــوْا نَزال فأَوْقَـدَتْ نيـرانَهـا

سُـمْــرُ القَـنــا وَالعادِيَـاتُ الشُّزَّبُ

فـإذَا بِدِيـنِ الكُفْـرِ يَنْـدُبُ فَقْـدَهُ

ذرِّيَّةـــً تُــسْـــبَـــى وَمــالٌ يُــنْهَـــبُ

غـالَتْ بُـغــاثَهُــمُ بُـزَاةُ كَـرِيــهَــةٍ

أظـفــارُهــا فـي كـل صَـيْـدٍ تَنْـشَـبُ

حتـى بكـى عَمـراً هِشـامٌ في الثَّرَى

مِــنْ ذِلَّةٍ وَنَــعَــى حُـيَــيّــاً أَخْـطَــبُ

لا تُنْـكِـرُوا بُغْـضِـي عَدُوَّ المُصطفى

إنـــي بِــبُـــغْـــضِهِـــمُ لهُ أَتَــحَـــبَّبُ

أقْـسَـمْـتُ لا تَنْـفَـكُّ نارُ قَرِيـحـتـي

أبـــداً عَـــلَى أعـــدائه تَــتَـــلَهَّبُ

هـذا وَنُـطْــقِــي دائمـاً بِـمَــدِيــحِهِ

أذكَـى مِـنَ الوَرْدِ الجَـنِــيِّ وَأطْيَـبُ

أُهْـــدِي له طِـــيـــبَ الثَّنــَاءِ وإنّه

لَيُــحِـــبُّ أنْ يُهْــدَى إليــه الطَّيـِّبُ

أُثْـنِــي عـليــه تَـشَــوُّقــاً وتَعَـبُّدَاً

لا أنّــنـــي لِصــفـــاتِهِ أسْـتَــوْعِــبُ

مُـسْــتَــصْــحِــبـاً حُبِّيـ وإيمـانـي لهُ

وكلاهُـمـا مِنْ خَيْـرِ ما يُسـتَـصْـحَـبُ

أشْـتَــاقُ للحَـرَمِ الشَّرِيـفِ بِـلَوْعَــةٍ

في القلبِ تَحْـدُو بي إلَيْهِ وَتَجْذِبُ

مـا لي سِـوَى ذِكْرَى لهُ في رِحْلَتِـي

زَادٌ وَلا غَـيــرُ اشْـتــيـاقِـي مَرْكَـبُ

وَتَــحِـــيَّةـــ مــنــي إليـه يَـرُدُّهَــا

مـــنــــه عـــليَّ مُـــسَــــلِّمٌ ومُـــرَحِّبُ

صـــلَّى عـــليــــه اللَّهُ إنَّ صـــلاتَهُ

فَـــرْضٌ عَــلَى كــلِّ الأنــامِ مُــرَتَّبُ

مــا حــنَّ مُــشْـــتــاقٌ إلى أوطـانِهِ

مِـثْــلي ورَاحَ بِـوَصْــفِهــا يَـتَــشَــبَّبُ

معلومات عن الشاعر: شرف الدين البوصيري

محمد بن سعيد بن حماد بن عبد الله الصنهاجي البوصيري المصري شرف الدين أبو عبد الله. شاعر حسن الديباجة، مليح المعاني، نسبته إلى بوصير من