أنا ابنُ الريف تخنقني المدينةْ
1330
أنا ابنُ الريف تخنقني المدينةْ
وتأسرني التفاصيل الحزينةْ
ونفسي من ضجيج الحيّ تاقتْ
لعزلتها ، ولحظاتِ السكينةْ
فلم يُخلق من الأسمنتِ قلبي
ولكن من ندى غيمٍ وطينةْ
أنا ابنُ الريح إن هبّت جنوباً
ونفسي في ذعاذعها رهينة
أنا ابن القمح والذهبِ المصفّى
وحنطتهِ المسنبلةِ الثمينة
فكنزي غلّتي من غرسِ جدّي
وصومعةُ الغلالِ هيَ الخزينة
أنا ابن النخل إن دلّى جريداً
ليسقيني بأيديهِ الأمينة
شربتُ الماء عذباً من فياضٍ
لأسقي بذرة الحبّ الدفينة
وقلبي من ثمار السدر يغذو
ولم ينبت لبذرتها ضغينة
حصير الرملِ أحسبهُ فراشي
وصخرُ الأرض أكتافي المتينة
أنا ابن الريف تفضحني عيوني
نمت فيني بساطته المكينة
أنا ابن الريف يكشفني لساني
وجُرمي واضحٌ وبلا قرينة
وما نالَ التمدّنُ من حصوني
وآوى القلبَ قلعتهُ الحصينة
وترميني السهام ولا أبالي
ولو كانت مطاعنها ثخينة
ورجلُ الزيفِ لا تغري طبيباً
يعالجها بقطع الغرغرينة
وتبقى قريتي جهري وسرّي
ودستوري وحاضنتي الضنينة
أنا ابن القريةِ المشغوف حبّاً
فلا روما عشقتُ ولا أثينةْ